Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 63-63)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثاقَكُم } العهد الذى عاهدتمونا على العمل بما فى التوراة واتباع موسى ، والخطاب لليهود الذين فى زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما كان مع أسلافهم كما مر مثله ، وكل من أداة معطوفة على الأخرى قبلها أو على الأولى وهو أولى . { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ } عطف سابق على لاحق فإنه ، رفع الطور فوقهم قبل أخذ الميثاق لأنهم إنما أعطوا الميثاق بسبب رفع الطور فوقهم وهو جبل الطور الذى وقعت فيه مناجاة موسى عليه السلام قاله ابن عباس ، وقال مجاهد الطور كل جبل وذلك أنه جاء موسى بالتوراة وألزمهم العمل بها فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة فامتنعوا من قبولها ، وقيل قالوا لا نقبلها إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك ، فصعقوا ثم أحيوا ، ولعل بعضاً قال لانقبلها ، وبعضاً قال لا نقبلها إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك ، ولما أفاقوا قال لجميعهم خذوها . فقالوا لا . فأمر الله تعالى جبريل فرفع جبل المناجاة مقلوعاً من أصله قلعه جبريل ، وقيل جبلا من جبال فلسطين بعد أن قلعه من أصله وطوله فرسخ وعرضه فرسخ مقدار عسكرهم ، وكان فى طول فرسخ وعرضه ، وحمله فوق رءوسهم بينه وبين رءوسهم قامة ، وكان كالظلة عليهم ، وأخرج الله البحر من ورائهم وأضرم ناراً بين أيديهم . فقال لهم موسى إن قبلتم وإلا ألقى عليكم ، وقيل سمعوا كلاماً إن قبلتم ما فى التوراة ، وإلا أرسلت الجبل عليكم . وروى أنهُ قيل لهم خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها وإلا سقط عليكم الجبل وأغرقكم البحر وأحرقتكم النار كما قال { خُذُو مَا آتَيْنَاكُم } من التوراة والعمل بأحكامها . { بِقُوَّة } قال ابن عباس باجتهاد وصبر ، وقال ابن زيد بتصديق وتحقيق متعلق بخذوا ، والجملة مفعول لقول محذوف هو وعاطفه أى وقلنا خذوا أو لقول هو حال أى رفعناه قائلين خذوا ما آتيناكم بقوة . { وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ } أى ادرسوه بألسنتكم ، فإن الدرس ذكر ، واذكروه بقلوبكم بالتفكر فى معانيه فإن التفكر ذكر ، واعملوا به فإن العمل بالشئ معاهدة لهُ واستحضار لهُ بالجوارح والقلب ، كما أن النطق به استحضار له باللسان ، فأخذوا التوراة بالميثاق ، وقال الطبرى عن العلماء لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق ، روى أنه قلع الجبل من أصله فأشرف عليهم به كالظلة ، فقيل لتأخذوا أمرى أو لأرمينكم به فلأقتلنكم ، فسجدوا على شق وجوههم مراقبة للجبل خوفاً ، وقبلوا التوراة ولما رحمهم الله سبحانه قالوا لا سجدة أفضل من سجدة تقبلها الله ورحمنا بها ، فكانوا بعد ذلك لا يسجدون إلا على شق الوجه ونصفه ويقولون بهذا السجود رفع عنا العذاب . وإن قلت كيف هذا قبولا منهم للتوراة وتوبة وهم فعلوه كرهاً خوفاً من الجبل ؟ قلت كان أول سجودهم كرهاً وخوفاً من الجبل ثم خلق الله في بقية سجودهم توبة وقبولا من خالص قلوبهم . { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لتتقوا المعاصى أو أرجو أن تكونوا متقين لها أو رجاء منكم أن تتقوها أو راجين أن تتقوها أو لعلكم تتقون النار وعذاب الدنيا ، لعول على كل حال للتعليل أو للترجى بالنسبة إلى المخلوق ، وجملة للترجى بمعنى الأمر أى أرجو أو محاولة بوصف حالا أى راجين ، أو بمصدر مفعول لأجله . قال الطبرى لعلكم إذا كان تعليلا لخذوا واذكروا كان على حقيقته ، لأنه راجع إليهم ، وإذا علق بقلنا المقدر يكون تعليلا بفعل الله ، فيجب تأويله بالإرادة على مذهب المعتزلة ، لأنها عندهم تابعة للأمر فلا يستلزم وقوع المراد . وعندنا يعنى الشافعية تابعة للعلم فهى مستلزمة له فلا يجوز أن يتعلق ما ذكر بالقول المحذوف … انتهى . ومعنى كونها تابعة للأمر أنها تابعة لهُ فى وقوع المأمور به وعدم وقوعه . وعندنا معشر الإباضية الوهبية أنها تابعة للعلم فهى واقعة ولا بد ، إذ لا يتخلف علم الله .