Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 78-78)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنْهُمْ } أى من اليهود . { أُمِّيُّونَ } لا يكتبون ولا يقرءون الكتابة ، باقون على حالهم التى خرجوا عليها من بطون أمهاتهم ، لم يتعلموا كتابة ولا قراءة كتابة ، فذلك نسبة إلى الأم ، ويجوز أن يكون نسبوا إلى الأم لأن من شأن النساء ألا يكتبن ولا يقرأن كتابة لا إلى الأب ، لأن من شأن الرجال أن يكتبوا ويقرءوا الكتابة كما قيل فى النبى الأمى صلى الله عليه وسلم أنه نسب إلى أمة العرب لقلة الكتابة فيهم ، وقرأتها حين بعث صلى الله عليه وسلم ، وقيل إنما ذلك فى اللغة ، وأما فى العرف فالأميون العوام ، وأقول هو خارج عما ذكرت لأن الكاتب الذى يقرأ الكتاب قد خرج عن العامة بالكتابة والقراءة ، وغيره من العامة باعتبار عدمهما ، ولو كان من الخاصة بسبب آخر فعلى ما ذكرته يكون قوله { لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ } تأكيداً فى المعنى لقوله أميون ، أو تفسيراً له ، وأما على أن الأميين العوام فهذا تفسير له باللازم ، والكتاب مصدر بمعنى الكتابة ، أى لا يعرفون الكتابة فضلا عن أن يطالعوا التوراة فيتحققوا ما فيها ، ويجوز أن يكون الكتاب بمعنى التوراة ، أى لم يعلموا معانيها وأحكامها ، سواء علموا الكتابة أو لم يعلموا وحفظوا بعض ألفاظ التوراة أو لم يحفظوا . { إِلاَّ أَمَانِىَّ } جمع أمنية بضم الهمزة وإسكان الميم وكسر النون وتشديد الياء ، وهو مفرد بمعنى الخصلة القريبة المتمناة كأصطورة وأضحوكة وأحدوثة وأصله أمنوية أبدلت الواء ياءً وأدغمت الياء فى الياء وأبدلت الضمة على النون كسرة ، والاستثناء منقطع ، أى لكن أمانى تمنوها وطمعوا فيها غير صادقة ، أخذوها تقليلا من المحرفين ، واعتقدوها صادقة ، وهى أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً ، والله يعفو عنهم ويرحمهم ، ولا يؤاخذهم بخطاياهم ، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم ، وأن من يدخل منهم النار يخرج منها بعد أيام معدودة ، ويجوز أن تكون الأمانى بمعنى الأكاذيب ، يقال تمنى أم صدق ، أى أكذب أم صدق ، قال أعرابى لابن دأب فى شئ حدث به هذا شئ رويته أم تمنيته ، أى افتريته وهى الأكاذيب التى قلدوا فيها المحرفين ، وقد مر ذكرها ومن ذلك قولهم إن محمداً رسول إلى العرب خاصة ، ويجوز أن يكون المعنى إلا قراءات عارية من معرفة المعنى وتدبره بالقلب ، وكل ذلك من منى إذا قدر ، فإن من يطمع فى شئ ويتمناه يقدره فى نفسه ، ويحرزه ويشتغل بتفاصيله ، وكذا المفترى ، وأما القارئ فيقدر أن كلمة كذا بعد كذا ، ولا يقال هذا لا يناسب وصفهم بأنهم أميون ، لأنا نقول هم أميون لا يكتبون ولا يقرءون ما كتب ، لكن يقرءون بالإملاء لا بالنظر فى التكاب ، أو لما كانوا لا يتدبرون ما يقرءون نظراً جعلوا كمن لا يقرأ كتابه ، ومن التمنى بمعنى القراءة قول مادح عثمان بعد موته @ تمنى كتاب الله أول ليلة تمنى داود الزبور على رسل @@ أى على مهل ، وفى رواية @ تمنى كتاب الله أول ليلة وآخره لاقى حمام المقادر @@ { وَإِنْ هُمْ } أى ما هم . { إِلاَّ يَظُنُّونَ } ما سمعوه من المحرفين حقاً أو مكتوباً فى التوراة ، وليس بحق ولا هو مكتوب فيها ، وهم رجعوا أنه حق مكتوب فيها كما هو ظاهر الظن ، أو جزموا بأنه حق مكتوب فيها ، فإن الظن قد يطلق على الاعتقاد الجازم سواء أصاب المعتقد أم لم يصب .