Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 131-131)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } نظر عينيك { إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ } استحسانا له ، وتمنيا أن يكون ذلك مثله ، أو لا تنظرنّ إليه بالعمد مطلقا لأن النظر إليه يورث الاعتباط به . ولذلك كره بعض العلماء النظر إلى الأملاك الحسنة لئلا يشتغل بها القلب فيدعو إلى كسب مثلها . { أَزْوَاجًا } أصنافا من المشركين { مِنْهُمْ } أزواجا مفعول متعنا ، ومنهم نعت أزواجا . ويجوز أن يكون أزواجا حالا من هاء به ، فإنه متعهم بأصناف من الخيرات ومنهم مغن عن مفعول متعنا ، أى متعنا بعضًا ثابتا منهم ، أو متعنا بعضهم . { زَهْرَةَ الْحَيَٰوةِ الدُّنْيَا } مفعول لمحذوف دل عليه متعنا ، أى أعطيناهم زهرة الحياة الدنيا ، أو أعنى الزهرة ، أو مفعول ثان لمتعنا ، متضمنا معنى أعطينا ، أو بدل من محل الجار والمجرور ، أو بدل من أزواجا ، على تقدير مضاف ، أى ذوى زهرة ، أو بدون تقديره مبالغة ، جعلوا نفس الزهرة مبالغة ، أو على أن أزواجا واقع على ما وقع به التمتيع ، أو مفعول لأَذُمُّ محذوفا . مسألة - قال ابن هشام { إنما تقضى هذه الحيٰوةَ الدنيا . ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرةَ الحيٰوة الدنيا } علامَ انتصب هذه الحياةَ ، وزهرةَ الحياة ؟ الجواب أما هذه الحياة فهذه ظرف زمان على معنى فى ، والحياة صفة ، أو عطف بيان . وأما زهرة الحياة الدنيا فبدل من الهاء فى به ، على الموضع ، أو مفعول لمضمر دل عليه متعنا لأنه بمنزلة جعلنا ، فكأنه قيل جعلنا لهم زهرة الحياة الدنيا ، ولا يكون حالا لتعريفه . ومَن قال فى مررت به المسكين إنه حال ، جازت الحالية عنده هنا . وزعم بعضهم أن الزهرة هنا فى موضع المصدر ، أى زينة الحياة الدنيا ، فيكون من باب صنع الله . ولمكٍّى هنا قول غريب زعم أنه أحسن من غيره ، وهو أن يكون الأصل زهرة بالتنوين ، ولكنه حذف لالتقاء الساكنين ، وخفض الحياة على البدل من ما ، أى ولا تمدنّ عينيك إلى الحياة الدنيا حول كونها زهرة . انتهى . ولا يكون بدلا من ما لأن لنفتنهم متعلق بمتعنا ، فهو داخل فى الصلة ، ولا يبدل من الموصول قبل صلته . انتهى كلام ابن هشام فى المسائل السفرية . وقال فى المعنى فى الأمور التى خرجوا فيها إلى الأمر البعيد الثانى عشر قول مكى وغيره فى قوله تعالى { ولا تمدنّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيٰوة الدنيا } إن زهرة حال من الهاء ، أو من ما ، وإن التنوين حذف للساكنين مثل قوله ولا ذاكراً لله إلا قليلا . وإن جر الحياة الدنيا على أنه بدل من ما ، والصواب أن زهرة مفعول بتقدير جعلنا لهم ، أو آتيناهم . ودليل ذلك ذكر التمتيع ، أو بتقدير أَدُمُّ لأن المقام يقتضيه أو بتقدير أعنى بيانا لما أو للضمير ، أو بدل من أزواجا ، إما بتقدير ذوى زهرة ، أو أنهم جعلوا نفس الزهرة مجازاً للمبالغة . وقال الفراء هو تمييز لما أو للهاء وهذا على مذهب الكوفيين فى تعريف التمييز . وقيل بدل مما ورد بأن لنفتنهم من صلة ما ، فيلزم الفصل بين أبعاض الصلة بأجنبى ، وبأَن الموصول لا يتّبع قبل كمال صلته ، وبأَنه لا يقال مررت بزيد أخاك على البدل ، لأن العامل فى المبدل منه لا يتوجه إليه بنفسه . وقيل من الهاء وفيه ما ذكر وزيادة الإبدال من العائد وبعضهم يمنعه بناء على أن المبدل منه فى نية الطرح ، فيبقى الموصول بلا عائد فى التقدير . قال ولو لزم إعطاء منوى الطرح حكم المطروح لزم إعطاء منوى التأخير حكم المؤخر فمنع ضربَ زيداً علامُه . ويرد ذلك { وإذا ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلماتٍ } والإجماع . انتهى . والزهرة الزينة والبهجة . وقرأ يعقوب بفتح الهاء لغة كالجهرة . والجهرة بإِسكان الهاء وفتحها ، أو جمع زاهر ، ككامل وكملة ، وصفٌ لهم بأَنهم زاهرو الدنيا لتنعُّمهم ، بخلاف ما عليه المؤمنون الزهَّاد ، من شحوب الألوان والتقشف فى الثياب . قال جار الله لما كان النظر إلى الزخارف كالمركوز فى الطباع ، وإن من أبصر منها شيئا أحب أن يمد إليه نظره ، ويملأ منه عينيه قبل { ولا تمدنّ عينيك } . ولقد شدد العلماء من أهل التقوى فى وجوب غض البصر عن أنية الظلَمَة وعدد الفسقة فى اللباس والمراكب وغير ذلك لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة . فالناظر إليه محصل لغرضهم وكالمُغرى لهم على اتخاذها اهـ . عن عبد الله بن بسيط عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فبعثنى إلى يهودى فقال قل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بع لى كذا وكذا من الدقيق ، أو أسلفنى إلى رجب . فأتيته فقلت له . فقال والله لا أبيع له ، ولا أسلفه إلا برهن . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته . فقال والله لئن باع لى ، أو أسلفنى لقضيته وإنى لأمين فى السماء ، وأمين فى الأرض . إِذهب إليه بدرعى وهو من حديد " فنزلت الآية . وقالوا مَن كتبها إلى التقوى وسلَّفها عليه تزوج إن كان عازبا ، وحفظ إن كان ينسى ، وشُفى إن كان مريضا ، واستغنى إن كان فقيرا . { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنبلوهم فيه بأن يطغوا ، أو لنعذبهم فى الآخرة بسببه . { وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ } فى الجنة مما متعناهم به فى الدنيا . { وَأَبْقَى } أشد بقاء لأنه لا ينقطع . وعن أُبىّ بن كعب من لم يتعزّ بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات . ومن يُتْبِع بصره ما فى أيدى الناس طال حزنه ، ومَن ظن أن نعمة الله فى مطعمه ومشربه وملبسه فقد قلّ عمله ، وحضر عذابه . وعنه صلى الله عليه وسلم خصلتان من كلفنا فيه كتبه الله صابرا شاكرا ، ومَن لم تكونا فيه لم يكتب صابرا ولا شاكرا مَن نظر إلى مَن فوقَه فى الدين ومَن دونَه فى الدنيا ، فاقتدى بهما كتبه الله صابرا شاكرا ، ومَن نظر إلى مَن فوقه فى الدنيا ، ومَن دونَه فى الدِّين ، فاقتدى بهما لم يكتب صابرا ولا شاكرا . وعن الحسن عنه صلى الله عليه وسلم خير الرزق الكفاف اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا . وقيل رزق ربك خير من الدنيا وأبقى . وقيل رزق ربك المراد ما رزقه لله من الهدى والنبوة .