Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 86-87)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ } عليهم جميعا لأن منهم من عَبَد العجل ، ومنهم من لم يقاتلهم على ذلك ، ولم يغلظ عليهم إلا الذين ساروا معه . وإنما رجع حد استيفاء الأربعين ذى القعدة وعشرٍ من ذى الحجة ونزول التوراة . وقيل قبل ذلك ثم رجع { أسِفًا } شديدَ حزنٍ بما فعلوا . وقيل شديد غضب لقوله صلى الله عليه وسلم موت الفجأة رحمة للمؤمن ، وأخذة أسف للكفر . وعليه الحسن . { قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا } وعدهم أن يعطهم التوراة وهى صلاح لهم ولأعقابهم دنيا وأخرى ، ولا وعد أحسن من ذلك . وقيل حسنا معناه صادق . وهذه نعمة يجب أن تشكروه عليها ، فكيف عبدتم غيره ؟ ! وقيل المراد الوعد بالثواب فى الآخرة على التمسك بدين . كانت التوراة ألف سورة ، كل سورة ألف آية يحمل أسفارها سبعون جملا . { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ } الزمان ، وهو زمان مفارقته عليه السلام لهم . وقال مجاهد الموعد { أَمْ أَرَدْتُمْ أَن يَحِلَّ } يجب . وقال الشيخ هود إن بعضا قرأه بضم الحاء أى ينزل ، وقال أبو عمرو الدانى الكسر فى هذا مجمع عليه . ووجه الجمع بينهما أن المجمعين على الكسر القراء السبعة أو العشرة لأن كلامهم فى قراءتهم والقارئ يضمها غيرهم . { عَلَيْكُمْ غَضَبٌ } هو ضد الرضى أو المراد به العذاب . وذلك لأن الغضب سبب العذاب ، وهو أولى بقراءة الضم من ضد الرضى والسكر جائز { مِنْ رَبِّكُمْ } لعبادة مّا هو فى غاية الغباوة حتى يضرب به المثل فى الغباوة ، وعدم قتال العابدين والتغليظ عليهم ، أى أم أردتم فعلا يوجب الغضب . والمراد التوبيخ ، فإن الإنسان لا يريد غضب الله . ويحتمل أن يكون الخطاب فى ذلك كله لعابدى العجل فقط ، وهو أنسب بما بعد ، فهو أولى ، لئلا يجعل الخطاب فيما ذكر عاما ، وفيما بعد خاصا بعابديه ولو كانت القرينة موجودة . { فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِى } مصدر ميمى مضاف للمفعول ، أى وعدى ، أى وعدكم إياى بالثبات على الإيمان بالله سبحانه ، والقيام بما أمرتكم به ، أو وعدكم إياى بالمحى بعدى . ويصح أن يكون اسم زمان أو مكان أى تركتم الزمان الذى تواعدنا أن نحضر فيه أو المكان الذى تواعدنا الاجتماع به . وذلك زمان أخذ التوراة والمناجاة ومكانهما . وقيل المعنى فوجدتم الخلف فى وعدى لكم العود ، بعد الأربعين ، من أخلفت وعده وجدت الخلف فيه ، وهو مضاف للفاعل ، ولكن التفسير لا يناسب ترتيب قوله { فأخلفتم موعدى } على ما قبله ، ولا على الشق الذى يليه وهو { أم أردتم } الخ … ، ولا يناسب الجواب بقوله { قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } أى ما أخلفناه بأَن ملكنا أمرنا إذ لو خلينا وأمرنا ، ولم يسوّل لنا السامرى لما أخلفناه . وقرأ حمزة والكسائى بضم الميم ، وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسرها ولكل مصادر ملكت الشئ . ويستعمل المضموم والمكسور بمعنى الشئ المملوك ، بل قيل هذا هو الأصل فى المضموم والمصدرى الكل مضاف للفاعل . وفسره بعض بالقدرة ، وبعض بالأمر من الأمور ، وبعض بالاختيار . { وَلكِنَّا حُمِّلْنَا } جعلنا حاملين { أَوزَارًا } أحمالا أو أثقالا أو آثاما . والثانى قول مجاهد . { مِنْ زِينَةِ } حلىّ { الْقَوْمِ } القبط ، استعاروها منهم حين هموا بالخروج من مصر باسم العرس ، ولا عرس حقيقة . وقيل كان أباحها الله لهم . وقيل لا بلى يردونها . وقيل استعاروها لعبد ولم يردوها عند الخروج مخافة أن يعلموا بخروجهم . وقيل هى ما قذفه البحر من زينتهم بعد إغراقهم ولم تحل لهم الغنائم ولأنهم كانوا مستأمنين تحت القبط وليس للمستأمن أخذ مال الحربى . والحاصل أنها سميت أوزاراً ، إما من الوزر بمعنى الثقل ، وهى حمول كثيرة ، أو من الوزر بمعنى الذنب لأنهم أخذوها على جهة العاريّة فتملكوها ، أو لما ألقاها البحر أخذوها ملكاً ولم تحل لهم ، أو لأنهم ألقوها فى النار فصيغت عجلا عُبِدَ من دون الله ، ولكن هذا الإلقاء يكون ذنباً إن علموا أن السامرى يريد ذلك . نعم هو ذنب مطلقا من حيث إنه تصرف فى مال الغير بلا إذنه ، أو سموها وزراً لأنها سبب الإثم ، من أن العجل بنى بها . وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائى وروح قيل وأبو بكر بفتح الحاء والميم والتخفيف . { فَقَذَفْنَاهَا } طرحناها فى النار بأمر السامرى { فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ } ما معه منها وللفاء للاستئناف . وكذلك مفعول مطلق لألقى . وروى أنه قال لهم إن موسى أخلف ميعادكم لما معكم من حلىّ القوم ، وهو حرام عليكم . فالرأى أن نحفر حفرة ونقذفه فيها ، ففعلوا وقال لهم يجئ موسى فيأمرنا بما نفعل به بأمر ربه وبعد ذلك أوقد ناراً وصاغه ، لعنه الله وقيل قال لهم نحفر حفرة ونوقد فيها ناراً ونلقيه فيها . وقيل إن هارون عليه السلام أمرهم بإلقائه فى حفرة ودفنه فيها حتى يجئ موسى . وروى أنه مر على السامرى يصوغ فقال له ما هذا ؟ فقال أصنع ما ينفع ولا يضر فادع لى فقال اللهم أعطه ما سألك على ما فى نفسه فألقى تراب حافر فرس الرسول جبريل عليه السلام . واسم فرسه حيزوم فى فم ما صاغ على هيئة العجل ، فكان عجلا يخور بدعوته . والصحيح أنه خار بسبب التراب . ولكن لا منافاة فإنه تعالى لو شاء لما أثر التراب فأثره بدعاء هارون . وقيل إن هارون لم يدع له أصلا ، ولم يعلم بذلك إلا بعد صوغه وخواره . وقيل إن السامرى لما قال لهم ألقوا ما معكم فيها ألقوا ، وجعل كأنه يلقى ما معه . ولم يلق ولكنه ألقى التراب فأوحى إليه وليه الشيطان أنه إذا خالط مواتا كان حيوانا . وقد مر أن السامرى اسمه موسى ، وولد فى وقت الذبح ، فألقته أمه فى حبل بعد ما لفته ، ورباه جبريل وغذاه لما أزيل به من الخزى . وذلك أن فرعون لما أمر بذبح الأولاد جعلت المرأة إذا ولدت غلاماً ، انطلقت به سراً فى جوف الليل ، إلى صحراء أو واد أو غار فى جبل ، فتخفيه ، فيقيض له ملكا يربيه ويطعمه ويسقيه حتى يختلط بالناس . وكذلك من ولد فى عام الذبح ، بعد أن كان يذبح عاما ويترك آخر . وكان السامرى ولى أمره جبريل . وروى أن الله سبحانه خلق فى إحدى إبهاميه سمنا وفى الأخرى عسلا ومن ثم كان الصبى إذا جاع مص إبهامه فيروى وجعل الله له فيه رزقا . وروى أن الله وكل به وَعْلاً لبونا تسقيه اللبن بالغداة والعشى حتى كبر وخلط بالناس . وقيل وكلها به جبريل . وفيه - لعنه الله - وفى موسى النبى - عليه السلام - قال بعضهم