Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 35-35)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ } ولا يبقى إلا الحى الدائم . والذوق عبارة عن مقدمات الموت ، أى ذائقة مرارة الموت . وفى ذلك موعظة بليغة . وكان الثورى إذا ذكر الموت لا يُنتفع به أياما . وكثرة ذكره تردُّ عن المعاصى ، وتلين القلب القاسى . قال الحسن ما رأيت عاقلا قط إلا وجدته حَذِرًا من الموت ، حزينا من أجله وطول الأمل بكسل عن العمل ، ويورث التوانى ، ويُميل إلى الهوى . وهذا مشاهد بالعيان ، لا يحتاج إلى بيان ، يطالَب صاحبه ببرهان . ولما دنا الموت من معاوية قال الموت لا مَنْجَى من الموت . والذى يحاذَر بعد الموت أدعى وأفظع . ثم قال اللهم أَقِل العَثرة ، واعف عن الزَّلة وعد على مَن لم يرج غيرك ، ولا يثق إلا بك ، فإنك واسع المغفرة ، وليس لذى خطيئة مهرب منك . وقيل لأعرابى إنك تموت . فقال إلى أين يُذهب بى ؟ قالوا إلى الله تعالى . قال ما أكره أن أذهب إلى مَن لا أرى الخير إلا منه . وأوصى علىّ أبا ذر - رضى الله عنه - زُر القبور ، وتذكر بها الآخرة ، ولا تزرها بالليل ، واغسل الموتى ، وصلِّ على الجنائز ، لعل ذلك يحزنك ، فإن الحزين فى ظل الله . ودخل ملَك الموت على داود فقال مَن أنت ؟ قال الذى لا يهاب الملوك ولا تمنع منه القصور ولا يقبل الرشا . قال فأنت إذًا ملَك الموت ، ولم أستعد بعدُ . قال يا داود أين جارك فلان ، وابن فلان قريبك ؟ قال ماتا . قال أما كان فيهما عبرة لتستعد ! وأجمعت الأمة أن الموت ليس له زمان معلوم ولا مرض معلوم فليكن المرء على أُهبة من ذلك . فبينما حسان جالس وفى حجره صبى يطعمه الزبد بالعسل إذ شرق الصبى بهما فمات فقال @ اعمل وأنت صحيح مطلق فرِح ما دمت - ويحك يا مغرور - فى مهَل ترجو حياةَ صحيحٍ ربما كمنتْ له المنية بين الزبد والعسل @@ وسمع أبو الدرداء رجلا يقول فى جنازة مَن هذا ؟ قال أنت فإن كرهت فأنا . وكان يزيد الرقاشى يقول أخبرونى مَن كان الموت موعده ، والقبر بيته . والثرى مسكنه ، والدود أنيسه ، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر ، كيف يكون حالهَ ! ثم يبكى حتى يغشى عليه . { وَنَبْلُوكُمْ } نعاملكم معاملة المختبر { بِالشَّرِّ } ما تكرهه النفس ، كالفقر والذل . { وَالْخَيْرِ } كالغنى والعز ، هل تصبرون وتشكرون أم لا ؟ وقدم الشر لأن العرب كما تقدم الخير تقدم الشر وذلك من عادتها ، ولأن الشر يتبادر إلى النفس أن الابتلاء به أشد . { فِتْنَةٌ } مفعول مطلق ، كقعدت جلوسا . وقيل مفعول لأجله . وفيه أن الشئ لا يعلل بنفسه إلا إن أريد بالفتنة والإيقاع فى الضر لا الاختبار . { وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } للجزاء الذى هو المقصود بالابتلاء فى هذه الدنيا .