Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 125-125)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِين } صبروا يوم بدر ، فأمدهم الله بخمسة آلاف ، ولم يصبروا يوم أحد ، فلم يمدوا بشىء إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمد بجبريل وميكائيل ، كما مر لأنه صبر ولم ينهزم ، فكانا يقاتلان معه أشد القتال ، فهذا استثناء من قول ابن عباس لم تقاتل الملائكة فى معركة إلا يوم بدر ، وفيما سوى ذلك فكانوا يشهدون القتال ، ولا يقاتلون ، إنما يكون عدداً ومددا . وقيل نزلت الملائكة أيضاً يوم أحد ولم تقاتل . " وروى أنه أعطى اللواء مصعب بن عمير ، فقتل مصعب ، فأخذه ملك فى صورته ، فقال صلى الله عليه وسلم " تقدم يا مصعب " ، فقال الملك لست بمصعب ، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملك أمر به قال ابن أبى وقاص كنت أرمى السهم يومئذ فيرده على رجل أبيض حسن الوجه ، وما كنت أعرفه فظننت أنه ملك ، وقال الحسن هؤلاء الخمسة الآلاف ردع للمؤمنين إلى يوم القيامة . قال الشعبى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربى يريد إن يمد المشركين ، فشق ذلك على المؤمنين ، فأنزل الله تعالى { أن يكفيكم أن يمدكم } إلى { مسومين } ، فبلغ كرز الهزيمة ، فرجع ولم يمدهم ، وكانوا يوم بدر أحوج إلى الإمداد لقلة العدد والعدة ، وممن قال هذه الآيات فى أحد عكرمة والضحاك ، ومقاتل . قال ابن اسحاق لما انجلى القوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبقى سعد بن مالك يرمى ، وفتى شاب يتنبل له كلما فنى النبل أتاه به ونثره بين يديه ، وقال إرم أبا إسحاق ، ارم أبا أبا ، مرتين ، فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل ، فلم يعرف ، واحتج أصحاب هذا القول بأن المدد كان يوم بدر بألف كما فى سورة الأنفال ، ويوم أحد بثلاثة آلاف وخمسة كما هنا ، وأنه أنزل الله يوم بدر ألفاً ليوافق عدد الكفار ألفاً ، أو ما يقرب منه ، والمسلمون على الثلث ، أو ما يقرب منه ، فكان النصر لهم وعدد المسلمين يوم أحد ألفاً ، وعدد الكفار ثلاثة آلاف فناسب أن يمدوا بثلاثة آلاف ليقابل عدد الكفار ، وأجيب بأن الألف فى بدر كما فى الأنفال . ولما شق عليهم إمداد كرز أمدهم أيضاً بثلاثة آلاف ، وبخمسة لتقوى قلوبهم وبأن الكفار فى بدر ألف فمدوا بألف ، وفى أحد ثلاثة آلاف فمدوا بثلاثة آلاف ، ولله أن يريد ما شاء فى أى وقت شاء ، وقيل لم يصبروا ولم يتقوا إلا فى يوم الأحزاب ، فأمدهم الله بجنود لم يروها ، وقيل لم يصبروا ولم يتقوا إلا فى يوم الأحزاب ، فأمدهم الله فى حصر قريظة والنضير بثلاثة آلاف فكان الفتح ، ولو أمدوا يوم أحد لم ينهزموا ، وعن قتادة أمد الله المؤمنين يوم بدر بخمسة آلاف ، وعن عكرمة كان الوعد يوم بدر ، فلم يصبروا يوم أحد ولا اتقوا ، فلم يمدوا ، ولو أمدوا لم يهزموا ، قال الضحاك وابن زيد كان الوعد للمؤمنين يوم أحد ففروا ، فلم يمدوا ، وإنما مدوا بألف مردفين يوم بدر ، وأكثر المفسرين على أن هذا الوعد ببدر لقلة العدد والعدة فيه ، والنصوص . قال الفخر أجمع أهل التفسير أن الله أنزل الملائكة يوم بدر ، وأنهم قاتلوا وعلى كل حال ليس المراد منه أمدوا بألف ثم بثلاثة آلاف ثم بخمسة ، حتى يكونوا تسعة آلاف ، بل غاية ما أمدوا به خمسة آلاف ، فكأنه صلى الله عليه وسلم " { ألَنْ يكْفِيَكم أنْ يُمِدَّكُمْ ربُّكم } بألف من الملائكة ، فقالوا بلى ، ثم قال { ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف } ، الألف السابق ، وألفين آخرين ، قالوا بلى ، قال إن تتقوا وتصبروا يمدكم بخمسة آلاف الثلاثة السابقين وألفين " ، وقيل إن ذلك فى أحد وأن الألف كلها معدودة ، فالإمداد فى أحد بثمانية آلاف ، لعدم ذكر الألف الواحدة ، وقيل إنه فى بدر ، وأن الألف كلها معدودة ، فهى عشرة آلاف لذكر آلاف فيه ، وعن على بن أبى طالب بينما أنا أمتح من قليب بدر ، هبت ريح شديدة لم أر أشد منها ، ثم جاءت ريح شديدة لم أر أشد منها إلا التى قبلها ، ثم جاءت أخرى لم أر أشد منها إلا التى قبلها ، فكانت الأولى نزول جبرائيل فى ألفين من الملائكة ، وكانوا بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم ، وكانت الريح الثانية ، ميكائيل نزل بألفين من الملائكة وكانوا عن يمينه ، صلى الله عليه وسلم ، والريح الثالثة إسرافيل نزل فى ألف من الملائكة ، وكانوا عن يسار رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . والإمداد إعانة الجيش ، فما كان على جهة القوم والإعانة يقال له أمده . وما كان على جهة الزيادة يقال فيه مده ، وزعم بعض أن مد فى الشر ، وأمد فى الخير . والهمزة فى { ألن يكفيكم } للإنكار ، أو التقرير ، نفى أن لا يكفيهم أو حملهم على الإقرار بالكفاية ، وجىء بـ " لن " لأنهم كالآيسين من النصر لضعفهم وقلتهم ، وقوة العدو وكثرته . وقرأ ابن عامر منزلين بفتح النون يكون للتأكيد ، ولأنه كثر استعمال نزل بالتشديد ، لتدريج النزول ومعنى بذا إثبات ما نفى قبلها ، أى ليس الإمداد لا يكفيكم ، بل يكفيكم ، هذا هو المعروف فى علم العربية الشريف ، وقال بعضهم نمدكم وتتقوا وتتقوا مجزوم للعطف على تصبروا ، أو منصوب بأن المضمرة بعد الواو على أنها واو عطف ومصاحبة فهو من العطف على المعنى ، إذ المعطوف مصدر { تتقوا } ، والمعطوف عليه مصدر { تصبروا } على تقدير تركيب آخر من ذلك ، أى يحصل منكم صبر واتقاء ، وأما { يأتوكم } فمجزوم عطف على { تصبروا } أو منصوب عطفاً على أن نصب { تتقوا } ضمير الغيبة فى يأتوكم للمشركين ، ويجوز نصبه كذلك ، ولو جزم تتقوا ، وهذا وعد بالزيادة ، وشرط له الصَّبر والتقوى ، حثاً على الصبر والتقوى ، وتقوية لقلوبهم ومعنى { مِّن فَوْرِهِمْ هَذا } من وقتهم هذا ، والفور فى الأصل مصدر فارت القدر ، إذا غلت ، فاستعمل فى معنى السرعة لسرعة حركة ماء القدر ونحوه ، وما فى القدر عند الغليان ، ولتضمين الغليان مسارعة فى القدر للخروج ، ثم أطلق الفور بعد هذا للحال التى لا بُطْأة فيها ، كما تقول فى الأصول الأمر للفور أو لغير الفور . وعطف { يأتوكم } عطف سابق على لاحق ، أى إن يأتكم المشركون فى جهنم هذا وتصبروا وتتقوا ، { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ } ، وقيل إتيان المشركين بفورهم ، لأنه واقعة الحال فى الانتظار ، وليعلمهم أن حشر الله جنوده سريع لا تسبقه سرعة المشركين ، فمن فور متعلق بيأتوكم ، ويجوز تعليقه بيمدد ، أى يمددكم فى حال إتيانهم بلا تراخ ، ولا تأخير ، و { هذا } بدل { فورهم } أو نعته . وقال الخازن قال ابن عباس ابتداء الأمر يوجد فيه ، ثم يوصل بآخر ، فمن قال معنى { من فورهم } من وجههم ، أراد ابتداء مخرجهم يوم بدر ، ومن قال معنى { من فورهم } من غضبهم ، أراد ابتداء غضبهم لقتلاهم يوم بدر لأنهم رجعوا للحرب يوم أحد من غضبهم ليوم بدر ، ومن الملائكة متعلق بيمدد ، و { من } للابتداء أو بمحذوف نعت لخمسة ، أو حال منه ، أو نعت ملائكة ، ومن للابتداء أو التبعيض ، و { مسومين } نعت خمسة أو آلاف أو حال من خمسة ، ومعنى مسومين معلمين من التسويم الذى هو جعل العلامة على الشىء ، أو إظهار علامة الشىء ، والسيمة العلامة ، وذلك من جنس السيماء التى يجعلها الفارس أو الراجل يوم الحرب ، ليعلم ، ومسوم الملائكة الله أى خلق فيهم السيمة ، أو هم الذين سوموا أنفسهم فهم الفاعل أو الفاعل الله ، بمعنى خلق ، خلق فعلهم الذى هو التسويم . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، ويعقوب بكسر الواو على هذا اسم فاعل ، أى سوموا أنفسهم ، أو سوموا خيلهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه " تسوموا فَإن الملائكةَ قَدْ تَسَّومَتْ " وفى رواية تسومت بالصوف الأبيض فى قلانسهم ومغافرهم ، وعن الحسن وقتادة والضحاك قد أعملوا العهن فى نواصى خيلهم وأذنابهم ، والعهن الصوف المصبوغ ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما كانت سيما الملائكة يوم بدر ، عمائم بيض قد أرسلوها فى ظهورهم . وروى أن الملائكة أعلمت يوم بدر بعمائم بيض إلا جبريل فإنه كان بعمامة صفراء ، على مثل عمامة الزبير بن العوام ، وروى عباد ابن عبد الله بن الزبير أنه كانت عمامة الزبير يوم بدر صفراء ، فنزلت الملائكة كذلك . وعن هشام بن عروة كانت عمائمهم صفراء مرخاة على أكتفافهم وعن عروة بن الزبير كانت الملائكة على خيل بلق ، عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم . قال القرطبى لعل الملائكة نزلوا على الخيل البلق لموافقة فرس المقداد بن الأسود ، فإنه كان أبلق إكراماً للمقداد ، كما نزل جبريل عليه السلام متعمماً بعمامة صفراء ، على مثال الزبير بن العوام ، وفى ذلك فضل الخيل البلق ، والعمامة الصفراء . وقيل معنى مسومين مرسولون أى أن الله أرسلهم ليحضروا القتال ، ويقاتلوا ، أو أرسلوا أنفسهم وخيلهم وكذا على قراءة الكسر للواو ، وأرسلوا خيلهم فإنها أيضاً تقاتل بنفسها ، فتقتل الكفار وذلك من التسويم بمعنى الإسامة ، وهو ترك الماشية لترعى ، فأرسلهم الله وأرسل خيلهم ، أو أرسلوا خيلهم كإرسال الماشية للرعى .