Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 151-151)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ } الخوف الشديد لفظ الآية عام ، وكذا معناها ، لقوله صلى الله عليه وسلم " نصرت بالرعب مسيرة شهر ، ولو كان سبب النزل خاصاً " وقيل نزلت فى أبى سفيان ومن معه من المشركين حين ارتحلوا عن أحد إلى مكة ، فبلغوا بعض الطريق فندموا ، وقالوا بئس ما صنعنا ، قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد ، فتركناهم ! ارجعوا إليهم واستأصلوهم . ولما عزموا على ذلك ، ألقى الله عز وجل الرعب فى قلوبهم ، حتى رجعوا عما عزموا عليه ، وروى فى سبب هذا الرعب أن معبد بن أبى معبد الخزاعى قد جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال والله يا محمد لقد ساءنا ما أصابك وكانت خزاعة ، تميل إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم ركب معبد حتى لحق بأبى سفيان ، فلما رأى أبو سفيان معبداً ، قال ما وراك يا معبد ، قال محمد فى أصحابه ، يطلبكم فى جمع لم أر مثله ، يتحرقون عليكم ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه ، وندموا على ما صنعوا ، قالوا ويلكما ، يقول قال والله ما أراك أن ترحل حتى نرى نواصى الخيل ، قال فوالله لقد عزمنا أن نكر إليهم ، قال فإنى أنهاك عن ذلك والله لقد حملنى ما رأيت على أن قلت فيهم شعراً . قال وما قلت . قال قلت @ كادت تهد من الأصوات راحلتى إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردى بأسد كرام لا تنايله عند اللقاء ولا ميل معازيل فظلت أعدو وأظن الأرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول @@ إلى آخر أبياته ، فألقى الله الرعب فى قلوب الكفار ، وقال صفوان لا تراجعوا فإنى أرى أنه سيكون للقوم قتال غير الذى كان ، فنزلت الآية فى ذلك ، ولا أحد بخالف دين الإسلام إلا وفى قلبه خوف شديد ، أما عند الحرب أو عند المحاجة أو عند إلى يوم القيامة ، وألقى الله الرعب أيضاً فى قلوبهم حين فرغوا من القتال فصعد أبو سفيان الجبل ، فقال أين محمد ؟ وقيل قال أين ابن أبى كبشه ؟ يعنى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وقال أيضاً أين ابن أبى قحافة ؟ أين ابن الخطاب ؟ فأجابه عند تكريره عمر هذا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهذا أبو بكر ، وها أنا ذا عمر فلم يتجاسر أن يرجع إليهم . وألقى الله الرغب فى قلوبهم ، أول الواقعة فقتل منهم المؤمنون كثيراً حتى زال الرماة عن موضعهم ، وفسر بعضهم إلقاء الرعب بهذا الإلقاء الآخر ، وقرأ ابن عامر والكسائى ويعقوب { الرعب } بضم الراء والعين ، وهو لغة أخرى ، وقيل السكون تخفيف منه ، وكذا القراءتان فى جميع القرآن . { بِمَآ أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ } الباء الأولى للسببية ، والثانية للإلصاق المجازى ، لأن الله جل وعلا ، لا يجد ولا يحس ، وما مصدرية ، أى بإشراكهم بالله . { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } وهو الأصنام إذ لا حجة عقلية تقتضى أن تعبد ، ولا شرعية ينزلها الله فى عبادتها ، فإنه لا حجة لها أصلا ، فضلا عن أن تنزل كقوله " ولا ترى الضَّب ينجحر " أى ليس فيها ضب فضلا عن أن يكون فيها حجر ، وقوله تعالى { بغير عمد ترونها } أى لاعمد رأساً ، فضلا عن أن ترونها . وأصل السلطنة القوة منه السليط لقوة اشتعاله ، والسلاطة لحدة اللسان ، فتسمى الحجة سلطاناً لقوتها فى دفع الخصم ، و { ما } الثانية مفعول لأشركوا أى سووا الأصنام به ، تعالى وتقدس . { وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } أى المكان الذى يصيرون إليه ، كما يصير الرجل إلى داره ، هو النار لا غيرها . { وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ } أى مهلكهم أى هلاكهم بالنار ، أو موضع هلاكهم ، وهو النار ، أو بئس مقامهم ، أى موضع إقامتهم ، وهو النار ، و { الظالمين } هم هؤلاء المشركون ، ومقتضى الظاهر بئس مثواهم فوضع الظاهر موضع المضمر ، ليذكرهم باسم قبيح ، وهو الظلم ، وليذكر أن العلة فى العذاب ظلمهم وهو الشرك ، والإضرار بالمسلمين ، وسائر معاصيهم ، والمخصوص بالذم محذوف ، أى بئس هلاك الظالمين هلاك بالنار ، أو بئس إقامتهم إقامة بالنار ، أو بئس موضعهم النار .