Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 164-164)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ } على من آمن بالله ورسوله من العرب . { إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } من جنسهم إذ هو أحد العرب - صلى الله عليه وسلم - فلا قوم من العرب إلى وله فيهم نسب إلا بنى ثعلبة ، فكانوا نصارى ، قبحهم الله ، فلم يكن له فيهم نسب ، والحمد لله ، ويجوز أن يراد بالمؤمنين من آمن من قريش ، فمعنى كونه من أنفسهم أنه من نسبهم . وقرئ من أنفسهم بفتح الفاء من أشرفهم ، أنه صلى الله عليه وسلم كان من أشرف قبائل العرب ، وبطونهم ، إذ هو من بنى هاشم ، وهذه القراءة تقوى أن المراد بالمؤمنين العرب لا قريش خاصة فهم يفهمون كلامه بسهولة ، ويزيد من جاوره من بمكة قريش وغيرهم ، أنهم واقفون على صدقه وأمانته وزهده وعفافه ومحاسن الأخلاق ، ولم يجربوا عليه غير ذلك قط ، من حين نشأ فيهم ، فكيف لا يؤمن به أحداً ، وكيف ينسبه أحد إلى الغلول ، وما هو لا صفوة الخلق من الله به على العرب ، ومن شبه ، وبنى هاشم خصوصاً ينجيهم من النار ويفتخرون به إذ هو منهم كان إبراهيم مشتركاً بين اليهود والنصارى والعرب يفتخر كل بالانتساب إليه عليه السلام ، ثم كان لليهود ما يفتخرون به خاصة وهو موسى عليه السلام والتوراة ، ثم كان النصارى ما يفتخرون به خاصة وهو عيسى عليه السلام والإنجيل ، ثم بعث الله فى العرب محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل والخلق كلهم ، وأنزل عليه أفضل الكتب القرآن ، فهو أشرف شرف لهم ، وإنه لذكر لك ولقومك ، حتى أن موسى قال اللهم اجعلنى من أمة أحمد ، وعيسى أيضاً فى معنى ذلك ، وسينزل فيكون من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم تحقيقاً ، وذلك أفضل أيضاً لكل من آمن به من العجم وخص العرب أو قريشاً ، لأنه منهم ، على أنه من ولد إسماعيل عليه السلام ، كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ، وكما قال أبو طالب فى خطبة خديجة الحمد لله الذى جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل ، وصفوة معد وعنصر مضر ، وجعلنا سدنة بيته وسواس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمنا وجعلنا الحكام على الناس وإن ابنى هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به فتى إلا رجح به ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل " . وقيل المراد بالمؤمنين جميع من آمن به من العرب والعجم ، بمعنى كونه من أنفسهم إنه آدمى لا ملك أو غيره ، وقرىء لمن من الله بفتح اللام للابتداء وكسر ميم { من } وهى حرف جر ، وفتح ميم { من } وتشديد نونه مكسورة مضافاً ، { لله } وهو خير لمحذوف ، أى لمن من الله على المؤمنين منه ، إذ بعث فيهم رسولا أو بعثه إذ بعث فيهم رسولا فإذا متعلقة لهذا المبتدأ المقدر وهو منه أو بعثه ، كما علق بمن الذى هو فعل ماض فى قراءة الجمهور . وأجاز الزمخشرى كون المبتدأ إذ فتكون فى محل رفع ، أى لمن من الله وقت بعثه رسولا . قال ابن هشام لا نعلم قائلا بذلك قاس إذ على إذا المرفوعة المحل فى أخطب ما يكون الأمير ، إذ كان قائماً والدليل على رفع محل إذا فى ذلك قول بعض أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة ، برفع يوم المشهور أن الخبر محذوف ، قبل إذا وبين الله تعالى مننه بقوله { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } القرآن بعد ما كانوا جهالا ، لم يسمعوا الوحى فيسمعونها منه ، ويحفظونها ، إذ كانت سهلة الحفظ ، ويفهمنها ، إذ كانت سهلة الفهم . { وَيُزَكِّيهِمْ } يطهرهم من سوء الأخلاق وسوء الأخلاق والمعاصى والشرك . { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ } القرآن يلقنهم ليحفظوه ، ويكرره عليهم ليحفظوه بعد أن يسمعه منهم كل من شاء منهم ، أو يعلمهم معانيه التى لا يدر العربى بمجرد عربيته . { وَالْحِكْمَةَ } السنة وهى الوحى الذى ليس بقرآن وسائر ما ليس بوحى مما يأخذه من القرآن ويلهمه الله ربنا من مكارم الأخلاق . { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ } أى من قبل بعثه ، صلى الله عليه وسلم ، أو من قبل ما ذكر من تلاوته ، وتزكيته ، إياهم وتعليمه إياهم الكتاب والحكمة { وإن } مخففة من الثقيلة ، والمعنى وإن الشأن ، ولست أعنى بها التقدير ، أن اسمها ضمير الشأن محذوف ، أو الشأن لأنها تخفف فتهمل ، ولكم بيان الأصل والمعنى فلو ذكر لفظ الشأن لكان مروفوعاً ، كقوله تعالى { وإن كل } لما جميع لدنيا ، وقد عملها ، ثم رأيته والحمد لله بهذا اللفظ ، وهكذا جل ألفاظ التفسير الراجعة إلى تحقيق المعنى ، وإلى علم المعقول ، والاستدلال ، تكون موافقة للعلماء المحققين المنتسبين إلى ذلك بلا نظر فى كلامهم ، وإنا فى ذلك لعلى منة عظيمة وشكر واجب ، واللام فى قوله { لَفِى ضَلالٍ مُّبِين } لام تفيدك أن { إن } مخففة مؤكدة لا نافية ، وضلالهم المبين فى خلوهم ، فى اعتقادهم وأقوالهم وأفعالهم عن علم الشريعة ، أصولها وفروعها وعدم فهمهم ، وعدم العقل الكسبى . والجملة مستأنفة أو حال من هاء يعلمهم وهى مبنية لتكامل النعم ، لأن النعمة بعد المحنة ، أعظم منها قبلها ، ولو تساوتا كما فضلا .