Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 176-176)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ } بقولهم أنت ساحر أو مجنون ، أو نحو ذلك ، وبقتالك ، وأنواع الأذى ككفار قريش ، وبالخذلان والطعن فيك ، والتثبط عن نصرك ، وتغيير صفاتك وكتمانها ، كاليهود ، وبإسرار الشرك ، وإظهار التوحيد ، والطعن إذا خلا مع من هو مثله أو مع ضعيف ، كما فسر مجاهد والحسن الآية بهذا إسرار ، وبالردة مثل الذين ارتدوا ولحقوا بقريش وبجمع الجموع لقتالك ومعونتهم . { ويحزن } مضارع أحزن ، مكسور الزاى ، موافق حزن بفتح الثلاثى المتعدى ، أو معدى حزن الثلاثى اللازم ، وهكذا قرأ نافع فى القرآن إلا قوله تعالى { لا يحزنهم } فإنه بفتح الياء وبضم الزاى من حزن المتعدى المفتوح الزاى ، وهو لغة . وقيل حزن لازم إذا كسرت زاؤه ، ويتعدى بفتحها ، وقرأ غير نافع { يحزنك } بفتح الياء وضم الزاء فى جميع القرآن ، أو اختير لفظ المفاعلة فى يسارعون ، لأن ما تفعله ، لأن تسبق فيه غيرك تجتهد فيه أكثر مما تفعله بدون ذلك ، فيسارعون للمفاعلة ، أو لموافقة أسرع ، لماء بلفظها لذلك . وقرئ يُسْرعُون بسكون السين مضارع أسرع ، ولا مفاعلة فيه وعدى يسارع بفى لا بإلى ، لتضمينه هنا معنى الوقوع ، أى لا يحزنك الكفار بوقوع كفرهم سريعاً ، وبحرصهم على الكفر ، ويجوز تقدير الإضافة ، أى لا يحزنك خوف ضر الكفار إياك ، فإنهم لا يقدرون لك على مضرة ، كما قال . { إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً } فيقدر مضاف ، أى لن يضروا أولياء الله ضرا ما ، فشيئاً مفعول مطلق ، ولن يضروا الله بشىء ، فهو منصوب على حذف الباء ، روى أى قوماً من الكفار أسلموا ثم ارتدوا خوفاً من قريش ، فوقع الغم فى قلبه صلى الله عليه وسلم ، فإن اهتداءهم تكثير المؤمنين بهم ، ولأنه يتوقع أن يعنيوا المشركين فنزل { ولا يحزنك } الآية تنبيهاً له على أن الإسلام قائم بدونهم ، وأنهم ما ضروا بمسارعتهم فى الكفر إلا أنفسهم بحرمان ثواب الآخرة ، وإيجاب عقابها ، وعقاب الدنيا ، كما قال فى حرمان الثواب وإيجاب عذاب الآخرة { يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِى الآخِرَةِ } نصيباً فى رحمة الله وجنته يوم القيامة . { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } عذاب جهنم ، ويجوز تفسيره بعذاب يصيبهم فى الدنيا كالقتل ، والسبى ، فتشمل الآية حرمان ثواب الآخرة ، وإيجاب عذاب الدنيا باللفظ ، وعذاب الآخرة بالفهم ، لأن من حرم ثواب الآخرة وقع فى عذابها ، وذلك دليل على أنهم لا يتوبون ، وذكر الإرادة تنبيهاً على أن كفرهم غاية ، حتى إن واسع الرحمة غاية لا يزيد لهم نصيباً فى الجنة وأن مسارعتهم فى الكفر لأنه أراد خذلانهم حتى لا يكون لهم نصيب فيها ، وفى الآية رد على القدرية ، ومنهم المعتزلة ، إذ قالوا إن الله لا يريد الكفر من الكافر ، بل أراد الطاعة منه .