Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 179-179)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ } كلكم من إيمان وكفر . { وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَنْ يَشَآءُ } فيطلعه على ما شاء من غيبه لا على كله ، وبعد أن يطلعه لا يخبر إلا بما أمره أن يخبر به ، فهو عالم بمن يؤمن ، ومن يكفر ولم يخبركم ، وقد كان قبل ذلك لم يعلم . وروى " أنه لما بلغه مقال المنافقين ، قام على المنبر فحمد وأثنى عليه ، ثم قال " ما بال أقوام طعنوا فى علمى ، لا تسألونى عن شىء فيما بينكم وبين الساعة إلا نبأتكم به " فقام عبد الله بن حذافة السهمى فقال من أبى يا رسول الله ؟ فقال " أبوك حذافة " . فقام عمر فقال يا رسول الله رضينا بالله ربا ، وبالإسلام ديناً ، وبالقرآن إماماً ، وبك نبيا ، فاعف عنا عفا الله عنك . فقال النبى صلى الله عليه وسلم " فهل أنتم منتهون ؟ " ثم نزل عن المنبر ، فأنزل الله هذه الآية . وقال الكلبى قالت قريش يا محمد تزعم أن من خالفك فهو فى النار والله عليه غضبان ، وإن من أطاعك وتبعك على دينك فهو فى الجنة والله عليه راض ، فأخبرنا بمن يؤمن بك وبمن لا يؤمن بك ؟ فأنزل الله هذه الآية ، وقيل نزلت فى قوم من المنافقين ادّعوْا أن إيمانهم كإيمان المؤمنين ، واختلفوا فى التمييز تم كان ، فقيل بالوحى بأن هؤلاء المشركين يؤمنون ، هؤلاء لا يؤمنون ، وهؤلاء المنافقين لا يكونون مؤمنين ، وهؤلاء إيمانهم غير خالص ، وكما مر أنه عرضت عليه صور أمته كما عرضت على آدم ، وقيل بالتكليف الشاق ، كالقتال وبذل المال ، وتحريم ما رغبوا فيه ، وإيجاب الهجرة ، فالمؤمن يمتثل ، والمنافق لا يمتثل ، وكذا المشرك لا يفعل ذلك ، وقد تميز المنافقون يوم أحد بالرجوع ، كما مر عن أبى ، وبعدم خروج بعض من المدينة إلى أحد ، وقول من قال لو كان رسولا لكان كذا ، أو لفعل كذا ، والخطاب للمؤمنين والمنافقين والمشركين أو للمؤمنين والمنافقين ، أى ما كان الله ليترك المؤمنين مختلطين بالمنافقين لا يعرف مخلصكم من منافقكم ، أو ما كان الله ليترك ذلك ، ولا ليترك بيان من يموت مشركاً ، وقيل الخطاب للمؤمنين ، أى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه من الاختلاط ، ووضع المضمر الخطابى موضع المضمر الغيبى على طريق الالتفات ، وقيل الخطاب للمنافقين ، أى على ما أنتم عليه من الاختلاط بهم ، أعنى بالمؤمنين ، ويحتمل أن يكون أيضاً للمشركين ، أو لهم وللمشركين ، وقيل المعنى ما كان الله ليترك المؤمنين فى أصلاب المشركين وأرحام المشركات ، ولا بد أن تتم الكلمة بالولادة ، وإثابة المسلم بالجنة ، والمشرك بالنار ، واللام فى { ليذر } لام الجحود والنصب بعدها بأن محذوفة وجوباً ، ولا الجحود فيها ، وجاز أحدهما الزيادة وهى للتأكيد المحض ، والمصدر من الفعل بعدها خبر الكون ، فيقدر بالوصف أو يقدر مضاف قبله ، أو قبل اسم الكون ، أى ترك ، أى تاركاً أو ذا ترك أو ما كان أمر الله تركاً ، والثانى أنها لام التقوية ، تقوى خبرا يقدر للكون ، أى مريداً لتركهم ، وكذا أى ليطيلعكم ونحوه ، قال الكوفيون اللام زائدة للتأكيد ناصبة للفعل ، ولا يقدرون أن ، والخبيث المنافق أو المشرك أو هما ، والطيب المؤمن ، ويجتبى يختار ، و { من } فى قوله { من رسله } للبيان مقدماً على ما يبين به ، وهو من يشاء لا للتبعيض ، لأن الرسل كلهم شاء الله اختيارهم للغيب نعم يجوز التبعيض باعتبار ما الكلام فيه ، وهو الإخبار بمن يؤمن ومن لا يؤمن ، كما أن الكلام فى هذا المعنى ، فإنه لم يخبر الرسل بذلك كلهم ، بل بعضاً كآدم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . { فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } مخلصين فى الإيمان ، لا تخلطوا فيه شركاً أو نفاقاً ، ومقرين لذى الحق بحقه ، لا زائدة ولا ناقصة ، وحق الله لا يبلغ حده ، فالإيمان بالله أن يعتقدوا أنه علام الغيوب ، ولا يعلم غيره منها إلا ما علمه الله إياه ، والإيمان برسله أن تعتقدوا أنهم لا يعلمون منها إلا ما أوحى إليهم ، ولا يفتعلون من أنفسهم ، وجمع الرسول لأن إثبات النبوة للرسل كلهم بطريق واحد وهو المعجزات ، فمن لم يؤمن بواحد كفر بهم كلهم ومن آمن بواحد تحقيقاً فقد آمن بهم . { وَإِنْ تُؤْمِنُواْ } بالله ورسوله حق الإيمان ، أو إن تؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه يعلم من الغيب ما أعلمه إياه . { وَتَتَّقُواْ } تجتنبون النفاق والشرك ، أو تتقوا الله فيما أمركم به أو نهاكم عنه . { فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لم تره عين ، ولا سمعت به أذن ، ولا خطر فى قلب .