Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 185-185)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ } وبالموت تحضر الدار الآخرة ، فيعاقب المسىء فيها ، ويثاب المحسن ، فذلك وعيد للمكذب ، برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ووعد للمصدق ، وتسلية له ، صلى الله عليه وسلم ، وكذا ما بعده ، إلى قوله { متاع الغرور } وقرأ البرى { ذَآئِقَةُ الْمَوْت } بتنوين ذائقة ، ونصب الموت على المفعولية ، وقرأ الأعمش بعدم تنوين ذائقة ونصب الموت ، على المفعولية ، وهذا من حذف التنوين للساكن بعده ، أو تخفيفاً كقراءة أحد لله بحذف تنوين أحد ، ولا يقال على ذلك إلا ضرورة . كقول أبى الأسود @ فذكّرته ثم عاتبته عتاباً رقيقاً وقولا جميلا فألفيته غير مستعتب ولا ذاكرا للهَ إلا قليلا @@ بنصب لفظ الجلالة بذاكر ، وعدم تنوين ذاكر ، وعلى تقدير أن الجنة موجودة الآن ، وهو الصحيح ، فما فيها من حور ، وولدان نفوس تموت عند قيام الساعة وتبعث كالملائكة ، وقيل لا تموت وإنما المستثناة فى قوله تعالى { فصعق من فى السماوات ومن فى الأرض إلا من شاء الله } { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يحضر لكم جزاء أعمالكم كاملا يوم القيامة من قبورهم قبلهُ ، جزاء المطيع خير ، وجزاء العاصى شر لا ينقص منه شىء ، وما أصاب المطيع من الخير فى الدنيا تفضل من الله ، وما أصاب العاصى فيها عدل لا ينقص لهُ من النار ، وقيل المعنى جزاؤكم يتم فى الآخرة بعد بعضه الذى تقدم فى الدنيا ، أو فى القبر ، كقوله صلى الله عليه وسلم " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " ، وكما مرَّ فى حياة الشهداء ورزقهم . { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ } أبعد عنها وأصله زحح بتشديد الحاء الأولى ، أبدلت الحاء الوسطى زاياً على ما بسطه فى شرح اللامية فى نحو وسوس ولملم ، والتشديد للمبالغة ، وأصل هذا زحَّ بحاء واحدة ، مشددة . يقال زحه جذبهُ بعجلة . { وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } ظفر بمراده ، ومرغوبه ، ونالهُ ، قال صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويؤتى إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه " أى وليوصل إليهم ما يحب أن يوصلوا إليه . { وَمَا الْحَيَٰوةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } أى وما تمتع حياتكم القصيرة القريبة الزوال إلا انتفاع الخداع الذى يفعله الشيطان وإخوانه بكم ، يخدعكم بها عن الحياة الدائمة المعتبرة ، فيقدر المضاف قبل الحياة ومتاع اسم مصدر ميمى بمعنى التمتع كما رأيت . ويجوز أن يكون متاع بمعنى الشىء المتمتع به ، الذى يعرض للبيع فيغش مشتريه بإظهار زينته وإخفاء قبحه ، شبه الحياة الدنيا ، وما يتمتع به فيها بذلك المتاع المعروض ، للبيع المغشوش ، لكن السعيد لم يغتر بها ، بل جعلها مطية لآخرته ، والغرور مصدر ، كما رأيت ، أو جمع غار كقاعد وقعود ، وشاهد وشهود ، وساجد وسجود ، وأصل الغرور الذى هو مصدر هو معنى الغفلة ، يقال رجل غر وغرير أى لم يجرب الأمور ، وعنه ، صلى الله عليه وسلم ، " موضع سوط فى الجنة ، خير من الدنيا وما فيها " اقرءوا إن شئتم { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّار وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور } " .