Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 188-188)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ } مفعوله الثانى محذوف ، أى لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا بمفازة ، أى ثابتين بمفازة ، دل عليه قوله بمفازة من قوله تعالى { فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ } فمفازة مفعول ثان لتحسب الثانى ، أو لا تحسبنهم تأكيد للاتحسبن الذين ، وبمفازة " مفعول ثان للاتحسبن الذين ، وقرئ كما مر ، تحسب الأول ، والثانى بالتحتية فيكون { الذين } فاعل يحسب الأول ، ومفعولاه محذوفان ، أى { لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } أنفسهم بمفازة من العذاب ، ويحسب الثانى مضموم الباء وفاعله ضمير الذين المحذوف ، لالتقاء الساكنين وهو الواو مفعوله الأول ، وهو عائد أيضاً إلى الذين ، وبمفازة مفعوله الثانى ، أى لا يحسبن أنفسهم بمفازة من العذاب ، والجملة الثانية تأكيد للأولى ، فقد يستدل به على جواز قرن التوكيد الجملى بالفاء ، والقارئون هنا بالتاء ، أو الباء هم القارئون هنالك . والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرئ لا تحسبن الذين بالخطاب وضم الموحدة ، فيكون الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وللمؤمنين على حذف واو الجماعة ، وكذا تحسب الثانى والمفعولان على حد ما مر ، ومعنى قوله { بما أتوا } بما فعلوا من التدليس وكتم الحق ، ومعنى { بما لم يفعلوا } بالوفاء بالميثاق وإظهار الحق ، والإخبار بالصدق اللاتى لم يفعلوها ، وزعموا أنهم فعلوها أى لا تحسبن هؤلاء فائزين من العذاب ، أى ناجين منه ، والمفازة مصدر ميمى ، أى فى نجاة أو اسم مكان ، على خلاف القياس بالتاء فيه ، أى فى أرض فوز أو جهة فوز ، أى فى موضع نجاة من العذاب . { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يكفرهم وتدليهم . قال الحسن دخلوا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم إلى الإسلام فأصروا على دينهم ، فخرجوا إلى الناس ، فقالوا لهم ما صنعتم مع محمد ؟ فقالوا آمنا به ووافقناه فأنزل الله تعالى { لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ } أى فرحوا بما فى أيديهم حين لم يوافقوا محمداً ، ويحبون أن يحمدوا ، بأنهم آمنوا ووافقوا ، وقال الكلبى نحن أهل الكتاب الأول ، وأهل العلم ، وأهل الصلاة ، وأهل الزكاة ، ولم يكونوا كذلك أحبوا أن يحمدهم الناس بما لم يفعلوا . وعن مجاهد يفرحون بما أتوا من تبديل التوراة حرفوها عن مواضعها ، ففرحوا بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، أى أن يحمدوا على أن عندهم بذلك علماً ، وليس لهم علم بما حرفوا ، إنما ابتدعوه من قبل أنفسهم . وروى أن يهود خيبر أتوا نبى الله فزعموا أنهم راضون بالذى جاء به ، وأنهم يبايعونه ، وهم مستمسكون بضلالتهم ، وأرادوا أن يحمدهم نبى الله بأمر لم يفعلوه ، وروى أنه صلى الله عليه وسلم ، سأل اليهود عن شىء مما فى التوراة فأخبروه بخلاف ما كان فيها ، وأروه أنهم قد صدقوه ، أى أروه أنهم قد أخبروه بصدق وفرحوا بذلك ، وهم لم يفعلوا الإخبار بالصدق ، ونزلت فى ذلك . وقال أبو سعيد الخدرى نزلت فى قوم من المنافقين ، تخلفوا عن الغزو ، ثم اعتذروا بأنهم رأوا المصلحة فى التخلف ، وأحبوا أن يحمدوا على تلك المصلحة ، وهم لم يفعلوها ، وقيل نزلت فى قوم من المنافقين ، يفرحون بمنافقتهم ، ويستحمدون إلى المسلمين بالإيمان الذى لم يفعلوه على الحقيقة ، وعن ابن عباس نزلت فى فنحاص ، وسبيع وأشباههم من اليهود الذين يصيبون الأموال على ما زينوا للناس من الضلالة ، ويحبون أن يحمدوا على العلم وليسوا بعلماء ، وهذا مثل ما مر عن مجاهد ، وقيل إن اليهود فرحوا باجتماع كلمتهم على تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنهم كتبوا إلى يهود العراق والشام واليمن ومن يبلغهم كتابهم من اليهود فى الأرض كلها ، إن محمداً ليس بنبى فاثبتوا على دينكم فاجتمعت كلمتهم على الفكر ، ففرحوا بذلك ، وقرأ سعيد بن جبير أوتوا بالبناء للمفعول ، والمد ، أى اعطوا من النبوة والكتاب ، ويزعمون أنهم على الحق ، وأنهم على دين إبراهيم .