Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 190-190)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الْلَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِى الأَلْبَابِ } انهض القلوب إلى معرفة الله تعالى ، وعبادته بذكر دلائل التوحيد ، والعظمة ، وذكر الأدعية بعدما طال الكلام فى الأحكام ، والآية إما سماوية أو أرضية ، كما قال { إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أو مركبة منها ، كما قال { وَاخْتِلاَفِ الْلَّيْلِ وَالنَّهَار } لأن اختلافهما على الأرض بدوران الشمس فى السماء ، ومعنى اختلاف الليل والنهار تعاقبهما يجىء كل واحد بعد الآخر ، وهما أيضاً مختلفان بالطول والقصر ، والنور والظلمة . والألباب العقول الخالصة ، فإذا لب الشىء خالصة فإن العقل الغريزى إذا اتبع واستعمل ، صار كسبياً ، وتجرد وتخلص عن الكدورات ، وكان يكفيه استدلال قليل ، وفى اختلاف الليل والنهار فائدة التصرف فى النهار لطلب الأرزاق وغيرها ، والسكون فى الليل والنوم فيه لإراحة الأجساد ، والظلمة داعية للنوم لعدم تصرف البصر فيه . سأل أهل مكة النبى ، صلى الله عليه وسلم ، أن يأتيهم بآية فنزلت الآية { إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَات … } إلخ رواه ابن عباس أن فى التفكر فى خلقه السماوات والأرض ، مع عظمهما ، لآيات واضحات على وحدانيته تعالى ، أى فى إيجاده إياهما بعدم عدم ، فخلق مصدر مضاف للمفعول بعد حذف الفاعل ، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول أصله التأخير ، أى أن فى السماوات والأرض المخلوقات لآيات له . قال صلى الله عليه وسلم " تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق " وذلك لأنه لا يدرك فلا فائدة فى التفكر فيه ، بل يؤدى إلى الشرك . قال ابن عباس رضى الله عنه أنه قال بت عند خالتى ميمونة ، وقلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وطرحت ميمونة وسادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحدث معها ساعة ثم اضطجع معها فى طولها ، واضطجعت فى عرضها فرقد حتى انتصف الليل ، أو قبل انتصافه بقليل ، أو بعده بقليل . وفى رواية إلى ثلث الليل الأخير ، وهى تقوى أنه رقد أكثر من النصف بقليل ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ونظر إلى السماء ثم قرأ عشر الآيات الخواتم من آل عمران ، ثم قام إلى شن معلق فتوضأ وأحسن الوضوء ، ثم قم يصلى فقمت وصنعت مثل ما صنع ، وقمت عن يساره وأخذنى وجعلنى عن يمينه ، وجعل يده اليمنى على رأسى ، وأخذ بأذنى يقبلها ، أى يزيل عنه العجز وبقية فشل النوم والله أعلم . فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم أوتر ، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح . " قال ابن عمر قلت لعائشة أخبرينى بأعجب ما رأيت من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فبكت وأطالت ثم قالت كل أمره عجب ، أتانى فى ليلتى فدخل فى لحافى حتى ألصق جلده بجلدى ثم قال يا عائشة " هل تأذنين لى الليلة فى عبادة ربى " ، فقلت يا رسول الله إنى أحب قربك وأحب هواك ، قد أذنت لك ؟ فقام إلى قربة من ماء فى البيت فتوضأ ولم يكثر من صب الماء ثم قام يصلى فقرأ من القرآن وجعل يبكى حتى بلغ الدمع حقويه ، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه وجعل يبكى ، ثم رفع يديه فجعل يبكى حتى رأيت دموعه قد بلت الأرض ، فأتاه بلال يؤذن بصلاة الغداة فرآه يبكى ، فقال له يا رسول الله أتبكى وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال " يا بلال ، أفلا أكون عبداً شكوراً " ثم قال وما لى لا أبكى وقد أنزل الله على فى هذه الآية { إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض … } ثم قال " ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها " وروى " ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأملها " وعن على " أن النبى صلى الله عليه وسلم ، كان إذا قام من الليل يتسوك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول { إن فى خلق السماوات والأرض … } " وحكى إن الرجل من بنى إسرائيل كان إذا عبد ثلاثين سنة ، أظلته سحابة وعبد فتى منهم الله ثلاثين سنة فلم تظله ، فقالت له أمه لعل فرطة فرطت منك فى مدتك قال ما أذكر ؟ قالت لعلك نظرت مرة إلى السماء ولم تعتبر . قال لعل ذلك . قالت فما أوتيت إلا من ذلك .