Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 30-30)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً } يوم متعلق ببين على أن ما عملت معطوف على عملت من عطف على معمولى عامل واحد ، والمعمول الثانى حال ، والأول هو ما فى قوله { وما عملت من سوء } ، والثانى حال محذوف ، أى تجد ما عملت من خير ، أو ما عملت من سوء محضرا وآخر { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء } على ما { عَمِلَتْ مِنْ خَيْر } ، وقد مهما معاً على { تَوَدَّ } ليرد إلى ما عملت من سوء لقربه ضمير بينهم ، وما موصولة فى الموضعين ، ويجوز عود الهاء فى { بينه } لليوم ، ويجوز تعليق { يَوْمَ } بتقدير ولا حصر لقدرته فى ذلك بل قدير قبله بلا أول ، وقدير بلا آخر أو مفعول لمحذوف ، أى اذكروا يوم ، وجملة { تَوَدّ } حال من ضمير تجد أو نعت لسوء ، ويجوز كون ما مبتدأ موضولا وتود خبر ، وحينئذ لا يتعلق يوم بتود . واعلم أنه مع اشتهار جواز رفع الجواب إذا كان الشرط ماضياً لا يحسن حمل الآية عليه لقلة وروده ، ولو قيل بقياسه نعم يجوز الحمل على الشرط فى قراءة عبد الله بن مسعود ودت لكن الحمل على الموصولية أولى ليوافق قراءة الجمهور المتبادر منها الموصول ، ولأن الحمل على الإخبار وقع فى المعنى لأن الكلام فى أعمال مخصوصة وقعت فى الدنيا والمد المسافة ووصفه بالبعيد . وقد قيل هو كما بين المشرق والمغرب فى الآية ويدل له قوله تعالى { يا لَيْتَ بَيْنىِ وَبَيْنَكَ بُعد المشْرِقََينِ } وبه قال مقاتل وكذلك فسر السدى الأمد بالمكان ، وفسره الحسن بالزمان ، وقال ذلك عبارة عن تمنيه أن لا يلقى عمله السوء أبداً ، والبعيد يطلق على ما لا يقع أصلا ، كما يطلق على ما سيقع ، وهو مجاز فى الأول ، وكذا قال بعض معناه تود إن لم تعلمه ، قال منصور بن عمار أعقل الناس محسن خائف وأجهل الناس مسىء آمن . فلما سمع عبد الملك بن مروان منه هذا الكلام بكى حتى بل ثيابه ثم قال اتل على يا منصور شيئاً من كتاب الله تعالى ، فتلى عليه { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ } الآية . فقال قتلتنى يا منصور ، ثم غشى عليه . { وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ } كرره للتأكيد والتذكير ، لأن الإنسان ينسى ، ولا سيما إذا تتابع عليهِ التهويل ، فقد يأخذ التهويل الثانى من قلبه ما يأخذ مجامعه عن الأول . { وَاللَّهُ رَؤُوفُ بالْعِبَادِ } كلهم إلا من أبى ألا ترى أن رحمة الدنيا تعم المؤمن والكافر ، وإباحة رحمة الآخرة إلا من أبى منها باختياره ، ومن رأفته تقدمه تعالى إلينا فيما يوجب العذاب ، ويفوت به الفوز ، فهذا اتباع للوعيد للوعد ، ليكون المؤمن فى خوف ورجاء ، أو المراد أنهُ رؤوف بإمهال الكفار فهو تذييل لما قبلهُ ، ولما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الوعيد على وفد نجران قالوا هذا الوعيد ، لا يكون لنا فنحن أبناء الله وأحباؤه ، وكذلك قال اليهود ، فبين الله تعالى أنه لا يحب إلا من اتبع حبيبه ، صلى الله عليه وسلم ، فقال { قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } .