Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 43-43)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِى لِرَبِّكِ } أى أديمى لربك العبادة . قاله الحسن ، وعنه أطيعى ربك ، وقيل معناه أطيلى القيام لربك فى الصلاة ، وبه قال الجمهور ، وهو قول مجاهد وهو مناسب لقوله تعالى { وَاسْجُدِى وَارْكَعِى مَعَ الرَّاكِعِينَ } مع المصلين ، أمرها الله بالصلاة فى الجماعة ، بذكر أركانها القيام والسجود والركوع ، مبالغة فى المحافظة عليها ، وقدم السجود على الركوع من حيث أن لو أو لا تفيد الترتيب ، لأنه أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجداً ، أو ليقترن اركعى بالراكعين ليؤذن بأن من لا ركوع فى صلاته ، كهؤلاء الكفرة من النصارى واليهود ، لا صلاة له قبحهم الله ، ولا سجود لهم أيضاً ، أو قدم السجود لكونه مقدماً فى شرع مريم رضى الله عنها ، ومن كان مثلها على دين الله عز وجل ، كما أن صلاتنا بصفوف ليست لغيرنا ، تكريماً من الله الرحمن الرحيم لنا ، ثم رأيت أن قوماً من العلماء قالوا إن الركوع مقدم فى صلاتهم ، ولعل فى زمانها من لا يركع ، ومن يركع فأمرها لله أن تكون مع من يركع تخطئة لمن لا يركع ، فالراكعون على هذا الاحتمال - على ظاهره - لا بمعنى المصلين بخلافه على ما مر فإنه بمعنى المصلين ، وأما { اركعى } فمقابل لاسجدى ، لا بمعنى صلى ، وتسمية الصلاة ركوعاً تسمية باسم الجزء . وعلى تفسير الجمهور القنوت باطالة القيام فى الصلاة ، تكون قد أمرها الله بشيئين الأول أن تصلى وحدها وتطيله ، والثانى أن تصلى مع الجماعة إذا صلوا ، وهذا الثانى هو قوله { وَاسْجُدِى واركعى مع الراكعين } لأن من يصلى فى الجماعة ليس الأمر إليه فى الإطالة ، وعن مجاهد لما خوطبت بهذا قامت حتى ورمت قدماها ، يعنى لما خوطبت بقوله تعالى { اقْنُتِي لِرَبِّكِ } أى أطيلى القيام لربك فى الصلاة . وعن الأوزاعى كانت تطيل حتى سال الدم والقيح من قدمها ، وروى أن الطير تنزل على رأسها تظنهُ جماداً .