Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 75-75)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } كعبد الله بن سلام استودعه قريشى ألفاً وماينى أوقية ذهباً فأداه إليه . { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } كفنحاص بن عازور ، استودعه قريشى آخر ديناراً فجحده ، وذلك مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما ، وكل من عبد الله ابن سلام ، وفنحاص من اليهود ، ولكن عبد الله أسلم . وتقدم الكلام فى القنطار وأما الأوقية الشرعية فأربعون درهما ، وأما فى العرف فعشرة دراهم ، وعبارة بعضهم انعقد الإجماع أن الأوقية العرفية عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم ، والمراد فى الآية أن أهل الكتاب من لا يخون ولو اؤتمن على الكثير مع الخيانة من الكثير متيسرة ، لأنها تخفى ، ومنهم من يخون ولو اؤتمن على القليل فالقنطار تمثيل للكثير ، ولو أقل من قنطار أو أكثر ، والدينار من ثمثيل القليل ، ولو أقل من الدينار ، أو أكثر ، وخصا بالذكر تمثيل لواقعة عبد الله بن سلام وفنحاص ، وقيل المراد بمن يؤده إليك من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ، وبمن لا يؤده إليك من بقى على كفره كفنحاص ، وكعب بن الأشرف ، وكل من الفريقين من اليهود ، وقيل المراد بم يؤديه إليك النصارى ، لأن الغالب فيهم - قبحهم الله - الأمانة فى المال ، إذا ائتمنوا عليه ، وبمن لا يؤديه إليك اليهود - لعنهم الله - لأنهم يدينون أن من خالفهم فى الدين واستحل السبت حل ماله ودمه ، وذلك غالب أيضاً فى اليهود ، وإنما أشبعت كسرة الهاء فى يؤده ، ولا يؤده ، لعدم مراعاة الساكن المحذوف قبلها ، وقرأ أبو بكر وأبو عمر وأبو حمزة يؤده ولا يؤده { نؤته منها } فى الموضعين ، وقوله وخصله فى النساء ، و { نؤته منها } فى " حم عسق " بإسكان الهاء ، وقرأ قالون باختلاس كسرة الهاء فيهن ، وكذا روى الحلوانى عن هشام فى الباب كله ، والباقون بإشباع الكسرة والمصدر من قوله ما دمت عليه قائماً ، ظرف متعلق بيؤده الثانى ، أى إلا دوام قيامك عليه ، أى إلا مدة قيامك على رأسه ما فى مطالبته بالتقاضى والترافع ، إلى الحكم وإقامة البينة ، والقيام عنده حقيق ، لأنه يستحى بحضوره ، لأن الحياء فى العينين ، قال ابن عباس رضى الله عنهما لا تطلبوا من الأعمى حاجة ، فإن الحياء من العينين ، وإذا طلبت من أخيك حاجة فاظر إليه بوجهك ، حتى يستحى فيقضيها ، ويجوز أن يكون المراد بالقيام عليه الإلحاح وشدة المطالبة بما أمكن ، ثم رأيته لابن عباس وقتادة ومجاهد والزجاج ، ورأيت الأول للسدى والحسن ، وقيل المراد القيام الحقيقى ، لكن على معنى أنك إن ائتمنته على دينار لم يرده عليك إلا أن لم تغب عنه ، وبقيت عنده تطلبه بالرد ، وعليه متعلق بقائماً ، وقرأ يحيى بن وثاب بكسر الدال ، دمت من دام يدام لغة ، ودام يدوم ، وكذا قرأ يحيى بن وثاب تيمته فى الموضعين بكسر التاء . { ذلِك } المذكور من عدم التأدية . { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ } أى سبب أنهم أى أن من لا يؤدى ، وهم اليهود ، اعتقدوا أنه لا حرج عليهم فى أخذ مال العرب ، وهو المراد بالأميين ، سموا لأنهم كمن ولد من أمة لا يكتب ولا يقرأ الكتابة ، ولا يحسب ، كانوا كذلك فى الغالب ، ثم صاروا أكتب وأقرأ ، وأحسب ، وكذلك يقولون فى كل من خالف دينهم ، وخص العرب بالذكر لأنهم جاوروهم ، وقد فسر بعضهم الأميين هنا بكل من خالف دينهم استحلوا مال ودم كلِّ من خالفهم فى الدين ، ونسبوا ذلك إلى التوراة ، وقالوا لم يجعل الله لهم حرمة ، وقال الحسن أرادوا بالأميين العرب الذين أسلموا . قالوا ما لهم من حقوق وديون ، وهم على دينهم ، ولما تحولوا عن دينهم الذى بايعناهم عليه إلى دين محمد ، لم يثبت لهم علينا حق ، وانقطع العهد بيننا ، وادعوا أن ذلك فى التوراة ، وقيل إن اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه والخلق لنا عبيد ، فلا سبيل علينا ، إذا أكلنا أموال عبيدنا ، وإن ذلك فى التوراة ، وقيل إنهم قالوا إن الأموال كلها كانت لنا ، فما فى أيدى العرب فهو لنا ، وإنما هو ظلمونا ، وغصبوها منا ، فلا سبيل علينا فى أخذها منهم ، بأى طريق كان ، ونسبوا ذلك للتوراة من حيث أن فيها خذ مالك ممن غصبه منك بأى وجه ، أو رعموا عن التوراة أن الأموال لهم وغصبها العرب ، وكذبهم الله سبحانه وتعالى فى نسبتهم ذلك إلى التوراة ، وفى تخريجهم على حكمها ، ما لم يصدق حكمها عليه بقوله { وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } بادعائهم أن ذلك فى التوراة وأنها حكمت به . { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كاذبون ، ولما نزلت الآية قال صلى الله عليه وسلم " كذب أعداء الله ، ما من شىء فى الجاهلية إلا وهو تحت قدمى إلا الأمانة إنها مؤداة إلى البر والفاجر " يعنى صلى الله عليه وسلم بالأمانة ما يشمل الدين ، لأنه ليس بغضب ، وسأل رجل ابن عباس رضى الله عنهما أن نصيب فى الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ؟ قال فماذا تقولون قال نقول ليس علينا فى ذلك بأس ، قال هذا كما قال أهل الكتاب { لَيسَ عَلَينَا فِى الأُمِّيِّينَ سَبِيل } إذا أدوا الجزية لم يحل أكل أموالهم إلا بطيبة أنفسهم ، وفى الأميين متعلق به علينا أو بعلينا بنيابته عن المتعلق .