Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 98-98)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ يأَهْلَ الْكِتَابِ } نداء لجميع اليهود والنصارى الذين أنكروا نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل لعلمائهم الذين علموا صحة نبوته ، صلى الله عليه وسلم . { لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ } آياته السمعية ، وهو القرآن والإنجيل والتوراة ، وآياته العقلية الدالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما يذكره من وجوب الحج ، وغيره وخص أهل الكتاب بالذكر من بين سائر ملل الشرك ، لأن قطع عذرهم أشد ، لعلمهم بما أنزل الله تعالى فى شأن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فكفرهم أقبح ، وليكذبهم فى دعواهم ، أنهم مؤمنون بكتبهم ، فإن اليهود كافرون بالتوراة ، ولو زعموا أنهم آمنوا بها والنصارى كافرون بالإنجيل ، ولو زعموا أنهم مؤمنون به ، وذلك أنهم كفروا بما لم يوافق أغراضهم ، من ذلك وبنبوته صلى الله عليه وسلم ، وإنكار البعض فى ذلك إنكار للكل ، وقيل المراد بالآيات القرآن ، وقيل الآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم ، وقيل القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم . { وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } مطلع على أعمالكم فيعاقبكم عليها ، وهى كفركم وتحريفكم فلا تنفعكم أسراركم ، فإنه يعلم الجهر وأخفى والجملة الاسمية حال ، مربوطة بواو الحال وصاحب الحال واو تكفرون ، والآية من جملة تأكيدات وجوب الحج ، وذلك أنه أكده بوضع كفر موضع من لم يحج فى قوله { ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } ، وأكده بصيغة الخبر فى قوله { ولله على الناس حج البيت } إذ لم يقل حجوا ، وذلك أن الأمر إحداث وجوب ، والخبر إخبار بما تقرر وجوبه من قبل ، وأكده بصورة الجملة الاسمية ، إذ لم يقل وجب الحج لله على الناس ، وأكده بإيراده على وجه يفيد أنهُ حق واجب لله تعالى فى رقاب الناس ، إذ لم يقل الحج فرض أو نحوه ، وأكده بالتعميم أولا إذ قال { على الناس } مع تخصيصه ثانياً ، إذ قال { من استطاع } فهذا خصوص ، فإن ذلك كإيضاح بعد إبهام ، والإيضاح بعد الإبهام أدخل فى النفس من الإيضاح من أول الأمر وكتكرير للمراد ، لأن هذا التخصيص بعض من العموم قبله ، وأكده بذكر لفظ الغنى عن العالمين ، فإنه يدل على المقت والخذلان ، وفيه عموم العالمين مبالغة ودلالة على الاستغناء عن خصوص تارك الحج بالبرهان ، فإن من استغنى عن الخلق كله ، الملائكة والجن والإنس وغيرهم ، وعبادتهم ، مستغن عن التارك للحج لا محالة ، وذلك مشعر بعظم السخط ، لأنه تكليف شاق جامع بين كسر النفس ، وإتعاب البدن ، وصرف المال ، والتخلى عن الشهوات إلى الله عز وجل ، وقد تقرر بأحاديث كثيرة ، إن فعل الكبيرة كفر ، فترك الحج كفر سواء كان عن جحود له أو تشبه ، وقد استدل أصحابنا على ذلك بالآية وآيات وآثار ، فلا نحتاج أن نقول إنهُ سمى ترك الحج كفراً ، لأن تركه فعل الكفار ، كما يقول القاضى بناء منه على تخصيص اسم الكفر بالشرك ، ختم هنا كفرهم بقوله { وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } لجهرهم بذلك الكفر ، وختم الصد ، وابتغاء العوج بعد ، بقوله { وما الله بغافل عما تعملون } لأنهما بالاحتيال والخفاء .