Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 141-141)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } بدل من المنافقين والكافرين ، أو من الذين يتخذون أو تبع للمنافقين والكافرين ، أو للذين يتخذون أو منصوب أو مرفوع على الذم ، ومعنى التربص بكم انتظار وقوع أمر مكروه لكم ، وأجاز القاضى كون الذين مبتدأ خبره هو قوله { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } وهو ضعيف ، لأن هذا الموصول ليس عاما كاسم الشرط فضلا عن أن يشبهه فيقرن خبره بالفاء ، لأن المراد بالذين يتربصون قوم مخصوصون عليهم الله على فعلهم ، ولذلك لا يظهر المعنى على هذا الاعراب ، وقد يجاب بأن القاضى أراد فى هذا الوجه التعميم ، وأراد أن المعنى كل من كان شأنه التربص يقول ألم نكن مع المؤمنين ان كان لهم فتح من الله . { وَإِن كَانَ لِلكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ المُؤمِنِينَ } الفتح فى الأول والنصيب فى الثانى الظفر والغلبة ، سمى ظفر المؤمنين وغلبتهم فتحا ، وظفر الكفار وغلبتهم نصيبا ، لأن ما للمؤمنين فتح من جملة النعيم المعد لهم فى كرامة لهم عند ربهم ، وما للكافرين حظ خسيس دنيوى سريع الزوال مبتدأ منقطع . ومعنى { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } مظاهرين لكم على عدوكم بما تنفقون به عليهم من كلمة النصر ، وخذلانا لعدوكم بما يذلون به ، ويضعفون ، ولكوننا بحيث يخافكم عدوكم بنا لعلمهم بمكاننا معكم ، وان خرجوا جهادا ، وبعضهم قالوا كنا معكم فى الجهاد ، ولو لم يقاتلوا ولم يدفعوا يقولون أعطونا من الغنيمة لكوننا معكم بالنصر أو القتال أو الدين ، والخطاب فى عليكم للكافرين . ومعنى { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } ألم تكن أيدينا فوق أيديكم قادرين عليكم ولم نقتلكم ، أو لم نحطكم عن المؤمنين ، وكلمة استحوذ فصيحة استعمالا شاذة قياسا ، اذ صحة الواو ولم تنقل حركتها لما قبلها وتقلب ألفا كما هو القياس ، فيقال استحاذ يستحيذ استحاذة ، فيقال هنا ألم نستحذ لكن خلق الله هذه الكلمة هكذا صحيحة . ومعنى { نَمْنَعْكُم مِّنَ المُؤمِنِينَ } بتركنا القتال من جانبهم خذلانا لهم ، وبتكلمنا لهم بما يضعفهم ، ويقويكم يطلبون أن يعطوهم بما أخذوا من المؤمنين لذلك ، وقرىء بنصب نمنعكم بأن مضمرة بعد الواو التى بمعنى مع الواقعة فى جواب النفى . { فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } بين المؤمنين والمنافقين ، وغلب المؤمنين اذ خوطبوا فخاطبهم هنا ، وأدخل فى خطابهم المنافقين والكافرين المذكورين بالغيبة ، اذ قال { ان الله جامع المنافقين } وقال وان كان للكافرين . { يَوْمَ القِيَامَةِ } بأن يدخل المؤمنين الجنة والمنافقين النار ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما يريد أنه أخر عقاب المنافقين الى الموت ويوم القيامة ، ووضع عنهم السيف فى الدينا . { وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلكَافِرِينَ عَلَى المُؤمِنِينَ سَبِيلاً } حجة يوم القيامة وأما الحرب فى الدنيا فسجال بين المؤمنين والكافرين ، ويوم القيامة يختص المؤمنين بالفوز بدينهم ، وظهور صدقهم صدقا ظاهرا معاينا ، وثوابه ولا يشاركهم كافر يوم القيامة فى شىء من الخير ، كون السبيل يوم القيامة كما رأيت ، هو قول ابن عباس ، وعلى بن أبى طالب ، اذ سئل كل منهما كيف قال الله ذلك ، ونحن نرى الكفار يقتلون المؤمنين ؟ فأجابا بذلك . وكنت لما علمت أنهم يقتلون المؤمنين ، ظهر لى أن المعنى لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا باستئصالهم بالقتل ، ثم رأيته قولا فى تفاسير كثيرة ، والحمد الله ، واستدل للقول الأول باتصال قوله { وَلَن يَجْعَلَ } بقوله { يَوْمَ القِيَامَةِ } عطفا على يحكم بينهم ، كأنه قيل ان الكافرين قد يحدثون فرضه فى الدنيا ، وكذا المنافقون ، وأما يوم القيامة فالله يحكم فيه ، ولن يجعل فيه سبيلا لهم على المؤمنين ، وقيل لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين فى الدنيا سبيلا بالشرع . قلت فى بسط هذا القول وبيانه ، بل ان أصابوا منهم ضربا أو قتلا أو مالا مكروها فانما ذلك بغير الشرع بل بالباطل ، فهم معاقبون عليه كما يعاقبون على الشرك ، فهم مخاطبون بالفروع ، ففى الآية تلويح اليه ، فهى تهديد لهم ، وتسلية للمؤمنين ، وقيل المعنى أنهم اذا أصابوا المؤمنين بمكروه ، فليس سبيلا لهم على المؤمنين محضا ، بل انما أصاب المؤمنين ذلك من قبل أنفسهم بأن تواصوا بباطل ، أو تركوا الأمر والنهى أو نقضوا العهد أو نحو ذلك وسوفوا التوبة . وقيل المعنى لن يغلب الكفار المؤمنين فى الدنيا بالحجة فى الدين ، لأن دين المؤمنين دين الله ، والآية دليل على أن المشرك لا يرب المؤمن وأنه لا يقتل مؤمن به ، وأنه لا يملك عبدا مؤمنا وأنه ان أسر مؤمنا واستعبده لم يكن عبدا ، وأنه ان غنم مال مؤمن لم يحل معاملته فيه ولا قول منه ، وان غنم رد لصاحبه ، وأنه لا يتزوج مؤمنة وبسطت هذه المسائل فى غير هذا ، واستدل أبو حنيفة بها على أنه ان ارتد المسلم بانت عنه امرأته المسلمة ، وان أسلمت المشركة منعت عن زوجها المشرك ، وفيه أنه أسلم قبل مضى العدة لم تمنع الآية من ردها ، وبسطته فى الفقه .