Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 172-172)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدَ للهِ } لن يترفع المسيح عن أن يكون عبدا لله ، يقال نكف عن الشىء اذا تكبر عنه ، وهو من نكف الانسان الدمع اذا مسحه بيده لئلا يرى عليه أثره . روى " أن وفد نجران وكانوا من نصارى العرب قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تعيب صاحبنا ؟ قال ومن صاحبكم ؟ قالوا عيسى . قال وأى شىء أقول ؟ قالوا تقول انه عبد الله ورسوله ! قال انه ليس بعار أن يكون عبدا لله ، قالوا بلى . فنزلت الآية " ، لو كانت العبودية لله عيبا لم يثبتها على نفسه لله ، وقد قال { إنى عبد الله آتانى الكتاب } فان كون الانسان عبدا لله شرف ، وانما الذل فى أن يكون عبدا للشيطان ، أو عبدا لانسان ، وقيل لما رأى النصارى ما جرى على يد عيسى من الخوارق للعادة جعلوه إليها ، فرد الله عليهم بأنه مع شرفه وعظم شأنه قد أقر أنه عبد الله ولا يعبد الا الله . { وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ } عطف على المسيح ، أى ولا الملائكة المقربون ، أن يكونوا عبدا لله ، والمقربون خاصة الملائكة ، وهم الكروبيون كما فى السؤالات ، فان كرب وقرب بمعنى واحد ، وجبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل وحملة العرش ونحوهم من أفاضل الملائكة ، ومن حول العرش أو من أعلى منهم رتبة ، ولا سيما عامتهم فانهم مع اجتهادهم فى العبادة لا يأنفون من أن يكونوا عبادا لله ، بل ما اجتهدوا فى العبادة الا لتوغلهم فى العبودية { ان كل من فى السماوات والأرض الا آتى الرحمن عبدا } والنصارى قبحهم الله لم ينفوا عن الملائكة أن يكونوا عبادا لله ، ولكن ذكرهم الله فى الرد عليهم لزيادة بيان أنه ليس لغير الله أن يأنف عن أن يكون عبدا لله سبحانه ، فليس فى الآية دليل لمن استدل بها على تفضيل الملائكة على الأنبياء ، وزعم أن ذكرهم بعد عيسى لكونهم أفضل ، فيكون كالبرهان فى الرد على النصارى فى تنزيهه عن العبودية لله ، وقد ثبتت لهم فكيف هو فكثيرا ما يذكر الشىء استطرادا مع ما المقام له ، ولو كان مفضولا كقولك أصبح زيد لا يخالفه رئيس ولا مرءوس ، ولو سلمنا أن المراد تعظيم الملائكة على عيسى تبرهنا فى الرد على النصارى ، فالنزاع فى تفضيل الملائكة مطلقا على تفضيل الأنبياء مطلقا ، وليس فى الآية الا تفضيل المقربين من الملائكة على عيسى من الأنبياء ، وقيل ذكر الله الملائكة ردا على العرب الزاعمين أن الملائكة بنات الله ، والهه كما رد على النصارى قولهم المسيح اله أو ابن الله أى الملائكة عبدة لله عبيد له لا بنات ولا آلهة ، وقيل إن بعض النصارى أيضا يزعمون أن الملائكة آلهة كعيسى فرد الله عليهم . { وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ } عطف تفسير ، أو أريد بيستنكف مطلقا الامتناع او الاستنكاف ، والاستنكاف أشد الامتناع والترفع ، ولا يستعمل الاستنكاف الا حيث لا يحق الامتناع والترفع ، وأما التكبر فقد يكون حيث يحق كما فى صفة الله تعالى ، لكن لا يقال الله مستكبرا أو أريد يستكبر عن مطلق الحق وعن عباد الله جل جلاله . { فَسَيَحْشُرُهُمْ } بالبعث ولا يطيقون الامتناع . { إِلَيْهِ جَمِيعاً } فيعاقبهم ، وقرىء بكسر الشين وقرىء نحشرهم بالنون وضم الشين وكسرها .