Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْتَفْتُونَكَ } فى الكلالة بدليل قوله تعالى { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الكَلالَةِ } فهو من باب الحذف لدليل ، أو من التنازع أى يستفتونك فيها . { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الكَلالَةِ } على اعمال الثانى ، روى أن جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنى كلالة ، فكيف أصنع فى مالى ؟ فنزلت الآية ، وهى آخر ما نزلت فى الأحكام . وعن ابن عباس آخر آية نزلت آية الربا فى الأحكام ، وآخر سورة نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } وروى أنه بعدما نزلت سورة النصر ، عاش الرسول صلى الله عليه وسلم عاما ، ونزلت بعدها براءة ، وهى آخر سورة نزلت كاملة ، عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها ستة أشهر ، ثم نزلت فى طريق حجة الوداع { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الكَلالَةِ } ، وقيل نزلت وهو عليه الصلاة والسلام يتجهز لحجة الوداع ، فسميت آية الصيف ، لأنها نزلت فى الصيف ، ثم نزل وهو صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة { اليوم أكملت لكم دينكم } الى { دينا } فعاش رسول الله بعدها واحدا وثمانين يوما ، ثم نزلت آى الربا ، ثم نزل { واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله } فعاش بعدها واحدا وعشرين يوما . وعن ابن سيرين نزلت { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ } والنبى صلى الله عليه وسلم فى مسير له ، والى جنبه حذيفة بن اليمانى ، فبلغها النبى صلى الله عليه وسلم حذيفة ، وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب ، وهو يسير خلفه ، فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها فى رجاء أن يكون عنده تفسيرها ، فقال له حذيفة والله انك لعاجز ان ظننت أن أمارتك تحملنى أن أحدثك بما لم أحدثك يومئذ ، فقال عمر لم أر هذا رحمك الله . ومر عن جابر بن عبد الله أنه قال " مرضت وعندى تسع أخوات فأتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداننى ماشيين ، وأغمى علىَّ فتوضأ النبى صلى الله عليه وسلم ثم صب علىَّ من وضوئه ، فأفقت فاذا النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف أصنع فى مالى كيف أقضى فى مالى ؟ ألا أوصى لأخواتى بالثلثين ؟ فقال حسن . قلت بالشطر ؟ قال حسن ، ثم خرج وتركنى فقال يا جابر لا أراك ميتا من وجعك هذا ، ولم يرد لى جوابا حتى نزل قوله تعالى { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِى الكَلالَةِ } " أخبر باثنتين ليدل أن الحكم باعتبار العدد لا الصغر ولا الكبر ، اذ لم يقل امرأتين أو طفلتين . { إِنِ أمْرُوا هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } أى ولا ولدا ، لأن الكلالة من لا ولد له ، ولا والد ، وقوله { وَلَهُ أُخْتٌ } شقيقة أو أبويه ، لأنه لا ارث مع الولد للأخت والأخ ، وجملة ليس له ولد نعت امرؤ أو حال من ضمير هلك ، وجملة له أخت معطوفة على ليس له ولد ، أو الواو للحال ، وصاحبها هاء ليس له ولد ، ودل على أنه ليست الأخت من الأم ، لأن الأخت من الأم لها السدس أنه جعل آخرها عصبة فى قوله { وَهُوَ يَرِثُهَآ } والأخ من الأم لا يكون عصبة ، والمراد بالولد ما يعم الذكر والأنثى ، لأن الأخت لا ترث مع وجود البنت النصف ، بل عصبة ، وشذ عن ابن عباس أنها لا ترث شيئا مع وجود البنت . { فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } من المال ، وان لم يكن عاصب فلها الباقى ، وقيل لبيت المال وهو قول زيد والشافعى . { وَهُوَ } أى المرء الذى له الأخت المذكورة . { يَرِثُهَا } يرث مالها كله بالعصبة . { إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ } وان كان لها ابن لم يرث أخوها شيئا ، وان كانت لها بنت فلها النصف وله النصف بالعصبة ، أو بنتان فصاعدا فلهن الثلثان وله الثلث . { فَإِن كَانَتَا أثْنَتَيْنِ } الكلام فى ألف كانتا كالكلام فى نون { وان كن نساء } أول السورة ، وكالاثنتين الثلاث فصاعدا ، فانه ان هلك امرؤ وترك أختين اثنتين فصاعدا شقيقتين أو أبويتين صاعدا . { فَلَهُمَا الثُّلْثَانِ مِمَّا تَرَكَ } ومثل الضميرين ضمير فى قوله { وَإِن كَانُوا } أى أخوة المرء الذى هلك الشقيقيون أو الأبوين . { إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً } أى من جنس الرجال والنساء كرجل وامرأة ، وكرجلين وامرأتين ، وكثلاثة رجال وامرأتين ، وبالعكس ونحو ذلك من الاتفاق والاختلاف . { فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } ومحل الافتاء لجابر بن عبد الله ، وهو قوله تعالى { فَإِن كَانَتَا أثْنَتَيْن فَلَهُمَا الثُّلْثَانِ مِمَّا تَرَكَ } . { يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَن تَضِلُوا } أى لئلا تضلوا عن الكوفيين ، أو كراهة أن تضلوا أو مفعول ليس أى يبين الله لكم ضلالكم أى يبين لكم ما يكون لكم ضلاله ان فعلتموه لئلا تفعلوه . { وَاللهُ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيمٌ } ومنها مصالح عباده فى الميراث ومقاديره وسائر الأحكام . اللهم ببركة هذه السورة اخز النصارى وسائر المشركين ، وغلب المسلمين والموحدين عليهم . وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . تمت سورة النساء والحمد الله .