Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 75-75)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ } هذه الجملة حال من المستتر فى لكم . { فِى سَبِيلِ اللهِ } يعم أبواب الخير . { وَالمُسْتَضعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ } بيان للمستضعفين حال منه . { وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ } أى فى شأن سبيل الله ، وشأن المستضعفين ، فشأن سبيل الله اعلاء دين الله ، وشأن المستضعفين تخليصهم من المشركين يصدونهم عن دين الله ، ويؤذونهم ، والظرفية مجازية ، ويجوز أن تكون فى معنى لام التعليل ، أى لسبيل الله على حذف مضاف ، أى لاعلاء دين الله وتخليص المستضعفين . ويجوز أن لا يقدر مضاف اكتفاء بالأول ، على أن المعنى وسبيل المستضعفين وسبيلهم هو تخليصهم من المشركين فى مكة ، فان تخليصهم من أعظم الخير وأخصه حتى أنه يجوز نصب المستضعفين ، أى وأخص المستضعفين من عموم سبيل الله لعظم تخليصهم ، ودخل فى المستضعفين المقيمون فى مكة والأسارى فيها قال صلى الله عليه وسلم " أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العانى " . قال ابن عباس فى هذه الآية كنت أنا وأمى من المستضعفين الذين عذر الله ، من الولدان ، وأمى من النساء ، والولدان جمع ولد وهو الصبى ، وقيل جمع وليد ، فالمراد بهم العبيد والإماء لا يقال للعبد وليد ، وللأمة وليدة ، والجمع فيهما الولدان للوليد ، وغلب الذكور هنا فسمى الذكور والاناث معا الولدان ، وكلام ابن عباس يدل على الأول ، ويكون الرجال والنساء وبمعنى الأحرار والحرائر البالغين ، والأطفال والولدان العبيد ، والاماء ولو بلغوا على هذا . وكذا كان العرف عند الناس ، وذكر الولدان مع أنهم ليسوا ممن يقصد فى العادة بالأذى ، سواء بمعنى الصبيان أو بمعنى العبيد والاماء للمبالغة فى الحث على قتال من يضر من ليس من شأنه أن يقصده الناس بالأذى ، وكان مشركو مكة حينئذ يضرون الصبيان والعبيد ، اما بالكلام أو الضرب ارغاما لآبائهم وأمهاتهم وساداتهم ، وللتنبيه على تناهى ظلمهم اذ كانوا يضرون هؤلاء ، لأن الدعوة أجيبت بسبب مشاركة الأضعفين فيها الصبى ، والعبد والأمة ، إذ قلوبهم قد ترق للصغر وامتهان العبودية ، ولأنه لا ذنب للصبى ، ولعظم مشقة العبادة على العبيد ، لأن عليهم طاعة الله جل وعلا وطاعة ساداتهم ، وقد وردت السنة باخراج الصبيان فى الاستسقاء . وكان المستضعفون البلغ يشركونهم فى الدعاء ، وكذا قوم يونس شركوهم فيه فأجيبوا بهم مع نصوح التوبة . { الَّذِينَ } نعت للمستضعفين أو للرجال وما بعده على تغليب الرجال والولدان فى تذكير ضمير الصلة التى هى قوله { يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجنَا مِنْ القَرْيَةِ } مكة ، وهذا نص فى أن الولدان دعوا ، وقد علمت أن الولدان معطوف على الرجال أو على النساء ، وأنهم من جملة المستضعفين ، فلا حاجة الى أن يقال انهم ليسوا من المستضعفين ، وانهم وعطفوا على المستضعفين وذلك أنهم يؤذون كما يؤذى غيره فذلك استضعاف . { الظَّالِمِ } نعت للقرية ، ولم يؤنث لأنه سببى ، وذلك أن القرية ليست ظالمة ، بل أهلها ، واهلها مذكر ، وهو الفاعل ، كما قال { أَهْلُهَا } بالرفع ، ولو قيل الظالمة أهلها بالتأنيث لكن الجوار تأنيث الأهل ، لا لكون القرية مؤنثا ، والظلم المذكور هو الشرك ومضرة الناس . { وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا } يلى أمرنا بجلب الخير والمصالح الينا . { وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنك نَصِيراً } يدفع عنا العدو ومضرته أما أن يسأل الله أن يجعل لهم انسانا أو غيره وليا ، وآخر ناصرا كملك يليهم بالخير ، ويدفع عنهم الضر ، واما أن يبالغوا فى سؤال الله أن يكون لهم وليا ونصيرا على طريق التجريد ، تعالى الله عن كل نقص . ولكن ولاية الله ونصره بما يشاء من واسطة وعدمها ، وقد أجاب الله عز وجل وتعالى وتقدس دعاءهم بأن ييسر لبعضهم الخروج الى المدينة قبل الفتح ، وجعل لمن بقى منهم خير ولى ونصير من الخلق ، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، إذ فتح مكة ونصرهم ، ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد ، وسعى فى جلب الخير لهم ، ودفع الضر والعدو ، فصاروا أعزة أهلها ، وكان صغير السن ابن ثمانى عشرة سنة ، ومع ذلك ينصر الضعيف والمظلوم ، حتى يصلا الى حقهما .