Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 88-88)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَمَا لَكُمْ فِى المُنَافِقِينَ فِئَتَيِنِ } ما مبتدأ للاستفهام التوبيخى ، ولكم خبره ، وفى المنافقين متعلق بفئتين على حذف مضاف ، أى فى أمر المنافقين ، وانما جاز التعليق بفئتين مع أنه ليس وصفا ولا مصدرا ، لأنه فى تأويل الوصف ، اذ معناه متفرقين بصيغة الجمع ، وفئتين حال لهذا التأويل ، تأويل الوصف ، وصاحبها الضمير المنتقل من قولك كائن أو مستقر أو نحوهما ، المخبر به الى قوله لكم ، فاستتر فيه فعاملها لكم لنيابته عن نحو كائن أو استقر ، وقيل لا تقل فى أمر المنافقين فئتين حال من المستتر فى مختلفين أو متفرقين ، أمرهم الله أن لا يختلفوا ، بل يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتفقوا على كلمة واحدة ، وأخبرهم الله تعالى أن المنافقين كفار . كما قال { ودوا لو تكفرون كما كفروا } وذلك أن أناساً منهم استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخروج الى البدو لكراهة هواء المدينة ، فلما خرجوا لم يزالوا يرحلون مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين ، فاختلف المسلمون فى اسلامهم وكفرهم فقال بعض هم مسلمون ، وقال بعض مشركون ، فنزلت الآية . وقيل رجلان من قريش تكلما بالاسلام ولم يهاجرا ، وهما من أهل مكة ، لقيهما قوم من الصحابة وقد أقبلا الى مكة ، فأحل بعض دماءهما وأموالهما ، وحرمهما آخرون ، فنزلت الآية . وقيل نزلت فى قوم من قريش هاجروا من مكة ، ثم بدا لهم يتجرون بها ، فاختلفوا فيهم فنزلت . وقيل نزلت فى قوم من قريش هاجروا من مكة ، ثم بدا لهم فرجعوا ، وكتبوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا على دينك وما خرجنا الا لاجتواء المدينة والاشتياق الى بلدنا ، والاجتواء عدم موافقة هواء بلد لطبع من نزل به أو مر به . وفى رواية أن هؤلاء القوم قدموا المدينة تجارا وأسلموا ، ثم ندموا على الاسلام ، فخرجوا كهيئة المنتزهين ، وأنهم لما بعدوا كتبوا ما ذكر اليه صلى الله عليه وسلم ، ثم انهم خرجوا فى تجارة الى الشام ، فبلغ ذلك المسلمين ، فقال بعضهم ندركهم ونقتلهم ونأخذ مالهم لرغبتهم عن ديننا ، وقال بعضهم كيف نفعل ذلك ، وقد أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت يسمعهم فنزلت . وقال زيد بن ثابت نزلت فى عبد الله بن أبى ومن رجع عن قتال أحد ، فقال بعض المسلمين نقتلهم ، وقال بعض لا بل نعفوا لأنهم تكلموا كلمة الحق . وقيل نزلت فيه ومن معه فى حديث الإفك . وعلى القولين المراد بالهجرة هجرة السوء . وقيل نزلت فى العرنيين الذين أغاروا على السرح ، وقتلوا . وقيل فى قوم أظهروا الاسلام بمكة ولم يهاجروا وظاهروا المشركين ، ونسب هذا لابن عباس بأبسط من هذا قال هم قوم كانوا بمكة ، أظهروا الايمان لأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب بعثوا به الى المدينة ، ثم خرجوا به مسافرين الى الشام ، وأعطتهم قريش بضاعات وقالوا لهم أنتم لا تخافون أصحاب محمد لأنكم تخدعونهم باظهار الايمان ، فاتصل خبرهم بالمدينة ، فاختلف المؤمنون فقالت طائفة نخرج اليهم نقتلهم ، وطائفة قالوا أسلموا فلا سبيل لنا اليهم ، ومثله عن مجاهد ، وذكر الهجرة بعد بدل على هذا ونحوه . { وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا } ردهم الى حكم الكفرة من الذل والسبى والقتل ، والاركاس الرد والرجع ، ومنه الركس للرجيع ، ومنه تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم الروثة التى جىء بها اليه يستجمر بها ركسا كما فى صحيح الربيع ، قال أمية بن أبى الصلت @ فأركسوا فى جحيم النار أنهم كانوا عصاة وقالوا الإفك والزورا @@ وقيل المعنى ردهم الى النار بعد ما كان ظاهرهم الانصراف عنها بالاسلام . قال ابن العربى الاركاس الرد الى حالة مكروهة ، كما قال فى الروثة انها ركست أى رجعت الى حالة مكروهة . وقال الراغب الركس رد الشىء أوله على آخره ، وقلبه على رأسه ، وذلك كله كسبوه أو بكسبهم ، وذلك أعمالهم الخبيثة وما أظهروا من الارتداد ، وذلك أن الذنب يورث الذنب ، والذنوب وقرىء ركسهم ، لأنه يقال أركسه وركسه ، والمعنى واحد ثلاثيا كان أو رباعيا . { أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَ اللهُ } أن توفقوا وتعصموا من خذل الله ، والاستفهام للانكار ، والخطاب للمؤمنين الذين يدافعون عن المنافقين بقولهم انهم آمنوا لا يقتلون ولا يسبون . { وَمَن يُضْلِلِ اللهُ } عن الهدى . { فَلَن تَجِدَ لَهُ } يا محمد { سَبِيلاً } الى الهدى .