Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 92-92)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } ما جاز له شرعا ولا عقلا وما لاق حاله . { أَن يَقْتُلَ مُؤمِناً } موحدا لم يظهر منه اسرار الشرك . { إِلا خَطَئاً } مثل أن يرمى مشركا فيصيب مؤمنا أو يرمى صيدا أو يعمل فى حاجة له فيصيب مؤمنا ، أو رمى مشركا فى علمه ، فاذا هو مؤمن ، وذلك فى القتل ابتداء ، وأما القتل قصاصا أو لزنى أو موجب قتل فمعلوم جوازه من الآى الآخر ، ونصب خطأ على أنه مفعول لأجله ، أو حال أى ذا خطأ أو مخطئا ، أو كان نفس الخطأ لتمحص الحال عن شوب شىء ما من العمد ، أو مفعول مطلق أى الا قتل خطأ أو الا قتل خطأ على النعت بالمصدر ، ولا يخفى أنه لا يقال انه يحل قتل المؤمن خطأ ، بدليل أن عليه الدية والكفارة ، فما صح المعنى الا على أن يقال ما لاق بمؤمن قتل مؤمنا الا خطأ . وقيل النفى بمعنى النهى والاستثناء منقطع ، أى لا تقتل أيها المؤمن مؤمنا آخر ، لكن ان قتله خطأ فلا ذنب عليه ، بل يلزمه ما يلزمه ومن قتل مؤمنا خطأ … الخ ، وهذا هو اللازم له . وفى هذا القول بعض تكليف ارتكبه قائله ليتخلص به عما يتوهم من أنه يجوز القتل خطأ ، وقرىء خطاء بالمد ، وقرىء خطى كفتى قلبا للهمزة ألفا تخفيفا ، وروى أن عياش بن أبى ربيعة ، وكان أخا أبى جهل لأمه قد أسلم وهاجر خوفا من قومه الى المدينة ، وذلك قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ، فأقسمت أمه لا تأكل ولا تشرب ، ولا يؤويها سقف حتى يرجع ، فخرج أبو جهل ومعه الحارث بن زيد بن أبى أنيسة ، فأتياه فتلطف له أبو جهل وقال أليس محمد يحثك على صلة الرحم ، فانصرف وبر أمك ، وأنت على دينك حتى نزل فذهب معهما فلما فسحا عن المدينة كتفاه وجلده كل واحد مائة جلدة ، فقال للحارث هذا أخى ، فمن أنت يا حارث لله ان وجدتك خاليا أن أقتلك . وقدما به على أمه فحلفت لا يحل كتافه أو يرتد ففعل ، ثم هاجر بعد ذلك وأسلم الحارث وهاجر ، فلقيه عياش بظهر قباء ، ولم يشعر باسلامه فقتله ، ثم أخبر باسلامه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلته ولم أشعر باسلامه ، فنزلت الآية ، وخص المؤمن بالذكر فى قوله { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } لأنه المعتبر الخائف من عقاب الله تعالى ، الذى يتأثر بكلام الله جل وعلا ، وكذا خص المقتول فى الذكر بكونه مؤمنا ، لعظم شأنه ، والا فالذمى والمعاهد لا يجوز قتلهما أيضا الا أن كان قد أخطأ القاتل ، كما ذكر المشرك بعد . وقيل أن الحارث أيضا أخ لعياش لأمه كأبى جهل ، وانهما لما أتيا عياشا أخبره بما قالت أمه ، من كونها لا تأكل ولا تشرب ولا يضلها سقف حتى يرجع ، وأعطياه عهد الله لا يكرهانه على ما يحول بينه وبين دينه ، وأنه لما وصل مكة حلفت أمه لا يحل حتى يرتد وتركوه فى الشمس حتى ارتد لهم ، وأن الحارث أتاه بعد ذلك فقال له إن كنت على هدى فقد تركته الآن ، وان كان ضلالة فقد كنت على ضلالة ، فغضب عياش لقوله هذا فحلف لا يلقاه خاليا الا قتله ، فقتله بظاهر قباء ، فسأل فنزل على حد ما مر . { وَمَن قَتَلَ مُؤمِناً خَطَئاً } كضربه رجلا مشركا فى علمه ، فاذا هو مؤمن ، وضربه فى صف الكفار ، وموافقة مؤمن فيهم ، ورثته مسلمون كان معهم قهرا ، أو قصده بظنه منهم ، وكرمى صيد وغيره مما يجوز له فتصادف ضربته أحدا وكضربه أحدا بما لا يتوهم القتل ، ولم يقصد قتله فى قول ، ومن الخطأ عمد الطفل وما يتوهم من عمد المجنون . { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةٍ } أى فعليه تحرير رقبة مؤمنة ، وهذا عندى أولى من أن يقدر فالواجب تحرير رقبة مؤمنة ، لأن تقدير على ومجرورها يفيد الوجوب ، ويستأنفه ، بخلاف تقدير فالواجب تحرير ، فانه يليق ولو علمنا وجوب كفارة مطلقا ولا نعلم ما هى ، أو نعلم وجوب شىء ولا نعلم ما هو ، فانما يصح هذا بتكلف أنه يفهم مما قبله وجوب شىء ما ، وكذا ما أشبه ذلك ، ومعنى مؤمنة موحدة بأن جلبت مشركة فوحدت . وسواء لأن كانت موافقة أو مخالفة ، عاصية الله أو مطيعة ، أو جلبت فولدت ولد ابلغ موافقا ، أو مخالفا غير مشرك ، ومن قال ولد المشرك يتولى وهو قول معاذ بن جبل أجاز عتقه ، ولكن يمونه المعتق الى أن يبلغ ، وان كان أبو الطفل مؤمنا فهو مؤمن ، وان كان مشركا وأسلمت أمه فهو مؤمن . وقال ابن عباس والحسن والشعبى والنخعى لا تجزى الا رقبة قد صلت وصامت ، لأن الايمان اما التصديق واما العمل ، وأما المجموع ، والكل فائت عن الصبى ، والعمل بلا ايمان لا يعتبر . قال الشيخ هود رضى الله عنه أخبرت عن الحسن أنه لا تجزى رقبة قد صلت وصامت ، ليست بصغيرة . قال مالك يجزى كل من يحكم له بحكم الاسلام فى الصلاة ان مات ، قال ومن صلى وصام أحب الىَّ . والتحرير الاعتاق سمى بهما اخراج العبد من العبودية ، لأن معناهما التخليص ، ولأن الحر والعتيق الكريم ، والكرم فى الأحرار ، فتحرير العبد تصييره من أصحاب الكرم ، كما أن اللوم فى العبيد وليس الكرم فى العطاء فقط ، ولا اللوم فى تركه فقط ، ومن ذلك عتاق الخيل لكرامها وحر الوجه أكرم موضع منه ، يعاد اللئيم عبد ، وفلان عبد الفعل أى لئيم ، والمراد بالرقبة ما يشمل العبد والأمة ، وذلك من تسمية الشىء باسم جزئه . { وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ } أى أهل المؤمن المقتول ، أى ورثته تعطيها عاقلة القاتل ان حكم عليه بدون اقراره ، وانما قال تجب عليه الدية ، لأنه يجب عليه جمعها من عاقلته ، ولو كان لا يعطى معهم ، وقيل يعطى منابه ، وليس عليه جمعها ، وصححوا الأول لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها على العاقلة ، وتحمل الآية أيضا على الخطأ الذى تعقله العاقلة ، كما اذا اعترف القاتل خطأ وبسط ذلك فى الفروع ، والآية دلت على الأول ، والسنة بينت أنها على العاقلة اذا كان القتل خطأ يقسمها الورثة على قدر ارثهم وللوصية قبلهم ثلثها ، وللغرماء استيفاء ديونهم منها قبل الوصية وقبل الارث . وعن شريك لا يقضى من الدية دين ، ولا تنفذ وصية ، وعن ربيعة الغرة لأم الجنين وحدها . قال الضحاك بن سفيان الكلابى كتب الىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنى أن أورث امرأة أشيم الضبابى من عقل زوجها . قال سعد بن المسيب جاءت امرأة الى عمر بن الخطاب تطلب ميراثها من دية زوجها ، فقال عمر أيكم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا شيئا ، فقال الضحاك بن سفيان الكلابى فقال أشهد أنى كتب الىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابى دية من زوجها . فورثها عمر . هذا فى قتل الخطأ ، وأما فى قتل العمد ، فانما هو الى العصبة ، فان رضوا بالدية كانت لهم دون غيرهم من أهل الميراث ، وفى رواية قضى عمر بدية فجاءت امرأة تطلب ميراثها من عقله ، فقال لا أعلم لك شيئا انما الدية للعصبة الذين يعقلون عنه ، فقال الضحاك الى آخر ما مر بلفظه ، وترث من دية العمد ، وهو الصحيح عندهم ، كما ترث من الخطأ ، وكذا الزوج كمن لا يملك القتل لو قتل عمدا وان لم تكن العاقلة ففى بيت المال ، وان لم يكن فعلى القاتل ، وكذا كل ضرب أو قطع أو مضرة فى البدن ، كان أرشها ثلث الدية أو أكثر ، وكانت خطأ فانها على العاقلة ، ولفظ دية من باب عدة وزنة يقال وداه يديه دية ، أعطاه ما يلزم على القتل أو قطع العضو أو نحو ذلك ، كوعده يعده غدة ، ووزنه يزنه زنة . { إِلا أَن يَصَّدَقُوا } الا بتصديق أهل المقتول الوارثون له على القاتل بترك الدية كلها ، فليس عليه شىء منها ، أو بترك بعضها ، فيسقط عنه ما تركوا له ، وسمى العفو عن الدية أو بعضها تصدقا حثا على العفو ، وتنبيها على فضله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل معروف صدقة أمرك بمعروف صدقة ونهيك عن منكر صدقة وارشاد الضال صدقة " وذكر أشياء . والاستثناء منقطع أى لكن التصدق مندوب اليه ، وأجاز ابن الحاجب أن يكون الاستثناء متصلا فى مثل هذا من الاثبات مع عدم ذكر المستثنى منه اذا فهم من الكلام ، نحو زيد يكرم الناس الا حال غضبه ، ويقرىء الا يوم الجمعة أى كل حال الا حال غضبه ، وكل يوم الا يوم الجمعة ، فالتقدير هنا على الاتصال ودية مسلمة الى أهله كل حال الا التصدق ، أى الا حال التصدق ، فان يتصدقوا فى تأويل اسم منصوب على الاستثناء ، على حذف مضاف من ظرف محذوف ، كما رأيت ، وان شئت فقدر مسلمة فى كل حال الى أهله الا أن يتصدقوا ، أى الا فى حال أن يتصدقوا ، وزعم بعض أنه يجوز كون أن يصدقوا حالا فى تأويل مصدر مؤول بحذف مضاف ، أو باسم الفاعل ، وأن صاحب الحال أهله أى الا ذوى تصدق أو متصدقين . ويجوز نصبه على الظرفية ، وقد ينوب عن مكان مصدرى أو ذلك فى ظرف الزمان يكثر أى الا تصدقهم ، أى زمان تصدقهم والحالية ضعيفة لأن المصدر يقدر مضاف للفاعل ، كما أن الواو فى الآية فاعل ، والمضاف للضمير معرفة الا أن يقدر ناوين تصدقهم أو عازمين على تصدقهم ، أو قدروه بلا اضافة ، أو التزموا أن يقدر بالاضافة ، لأنه اذا أول بالوصف تحمل الوصف ضميرا ، ولم يكن به معرفة ، ويصدقوا أصله أن يتصدقوا كما قرأ به أبى ، أبدلت التاء صادا وأدغمت فى الصاد . ودية الخطأ فى ثلاث سنين ، سواء كان خطأ محضا كما مر ، أو شبه عمد كضربه بعصا أو حجر صغير لا يقتل بمثله غالبا ، فالضرب عمد والقتل غير العمد ، الا أن الخطأ المحض ديته مخففة ، وشبه العمد مغلظة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة عام الفتح " دية قتيل العمد وشبه العمد بالسوط والعصا مائة من الابل فيها أربعون فى بطونها أولادها " وقيل الدية المغلظة خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وبه قال الزهرى ، وربيعة ، ومالك ، وأحمد ، وأصحاب الرأى ، فهى أرباع . وأما دية الخطأ المحض وهى المخففة ، فأخماس باتفاق ، فقال عمر بن عبد العزيز ، وسليمان بن يسار ، والزهرى ، وربيعة ، ومالك ، والشافعى عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وقال ابن مسعود ، وأحمد وأصحاب الرأى كذلك ، الا أنهم جعلوا عشرين ابن لبون بدل بنات مخاض . { فَإِن كَانَ } المقتول . { مِن قَوْمٍ عَدُوِّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَتحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤمِنَةٍ } فقط ، ولا دية على قاتله خطأ ، لأنه من قوم معادين للمسلمين بالشرك ، وانما لم تكن له دية ، لأنه لا وراثة بينه وبينهم لشركه وحكم الدية الارث ، وهم لا يرثونه ، ووجه ذلك أنه قهره المشركون أن يكون معهم فى صفهم أو جاء اليهم لأمر ، أو كان معهم فى بلدهم وأسلم ولم يعلم قاتله باسلامه ولم تكن له الدية لما مر ، ولأنه عرض نفسه للقتل بعدم الهجرة ، أو بالكون معهم حال القتال ، ولأنه لا قائل بأنه يلزم من يقاتل أهل دار الحرب أن يبحث فيهم واحدا واحدا ، وبذلك قال الشافعى . وقيل فى المسلم المخالط أنه له الدية ، لأنه تعالى قال { مِن قَوْمٍ } ولم يقل فى قوم وبه قال أبو حنيفة ، فان لم يكن له وارث مسلم فلبيت المال والفقراء ان لم يكن ، وفى الحديث " أنا وارث من لا وارث له " فكذا من قتل فى دار الاسلام ، وورثته كفار ولم تسقط الكفارة ، وهى التحرير مثلا لأنها حق الله تعالى . وعن الحسن كان الرجل يسلم وقومه حرب فيقتله رجل من المسلمين خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ، ولا دية لقومه ، وان كان فى قومه وهو مؤمن لا يظهر لقومه الاسلام وهو فيهم بالتقية ، فلا يعطون دية ، وفسر بعضهم الآية بأن يكون المقتول فى دار الاسلام وهو مسلم ، وهو من قوم كفار لا وارث له مسلم ، فلا دية له ، لأنه تورث والكافر لا يرث المسلم ، وقيل لبيت المال كما مر ، وكان الحارث بن زيد من قوم كفار حرب للمسلمين ، فكان فيه الكفارة تحرير رقبة دون الدية . { وَإِن كَانَ } المقتول . { مِن قَوْمٍ } مشركين . { بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ } وهو مشرك . { فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةٍ } وهى دية الخطأ ، وقد مرت ، ولكن دية الكتابى المعاهد ثلث دية المسلم ، وكذا دية الذمى ثلث دية المسلم ، ودية المجوسى المعاهد والذمى خمس الثلث ، وهو ثمانمائة درهم ، وان شئت فقال ثلثا عشر الدية ، وذلك قول سعيد بن المسيب والشافعى ، وقيل عن ابن مسعود وسفيان الثورى وأصحاب الرأى دية الذمى والمعاهد مطلقا كدية المسلم ، ودية المسلم مائة من الابل ، فاذا عدمت الابل فقيمتها دنانير أو دراهم بلغت ما بلغت ، وقيل ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم . قال عبد الله بن عمرو بن العاص كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة ألف درهم ، وكانت دية أهل الكتاب يومئذ على النصف من دية المسلم ، حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال ان الابل قد غلت ، ففرض على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم ، وعلى أهل البقر مائتى بقرة ، وعلى أهل الشياه ألفى شاة ، وعلى أهل الحلل مائتى حلة ، وترك دية أهل الكتاب لم يرفعها . أخرجه أبو داود . فذهب قوم الى أن الواجب فى الدية مائة من الابل ، أو ألف دينار أو اثنى عشر ألف درهم ، وهو قول عروة بن الزبير ، والحسن البصرى ، وبه قال مالك والشافعى ، وقال قوم مائة من الابل ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، وهو قول سفيان الثورى ، وأصحاب الرأى . ودية المرأة نصف دية الذكر من أهل دينها ، وعن عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأحمد دية الذمى نصف دية المسلم ، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " دية المعاهد نصف دية المسلم " أخرجه النسائى فيمن ذهب الى أن دية الذمى ثلث دية المسلم ، أجاب بأن الأصل كان نصف ثم رفع زمان عمر الى ثلث دية المسلم ، ولم يرفع دية الذمى فبقى على أصلها وهو ثلث دية المسلم . { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } رقبة فى قتل مؤمن أو مشرك له ميثاق . { فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَيْنِ } لا فصل بين أيام شهر أو بين شهرين الا ما لا يمكن التحرز عنه وهو الحيض والنفاس ، فاذا طهرت بعد طلوع الفجر ، وأصبحت من الغد مفطرة فذلك فصل ، فلا يجزيها ما مضى ، وان أفطر ناسيا لم ينقطع التتابع وأجزاءه وأبدل اليوم ، وقيل لا بدل ، وان أفطر بمرض أو سفر انقطع ولم يجزه عندنا ما صام ، وعند النخعى والشافعى فى أظهر قوليه ، وقال فى قوله الآخر ، وسعيد بن المسيب ، والحسن أنه يجزيه ، وان خاف الموت بمرض أو جوع فأفطر صح له ما صام ، وان قطع بذاك لصوم آخر فذلك قطع فلا يجزيه ما مضى . ومن وجد له ما يعتق به ، أو ملك رقبة لم يجزه الصوم ، ولو لم يكن عنده مسكن ونفقة عياله ، وما لا بد منه فليعتق ويكسب لذلك ، وان كان له مسكن ونفقة توكل وما يلبس العيال بنفسه أو يدهن به لا دراهم فلا يبع ذلك ، بل يصوم الا ان كانت الزيادة على ذلك تحصل به الرقبة ، ومن لم يجد العتق ولا الصوم لم يجزه الا طعام لستين مسكينا عندنا ، وعند غيرنا ، وقال قوم من غيرنا يجزيه قياسا على الظهار وهو مرجوح قولى الشافعى . { تَوْبَةً مِّنَ اللهِ } مصدر مؤكد لغيره ، كقولك ابنى أنت حقا أى تاب الله عليه توبة ، وذلك أن أصل ما حرم الله المؤاخذة لفاعله ولو خطأ ، فسمى تلهفه عن الخطأ توبة ، كأنه عصى بخطئه فتاب منه ، وأيضا لو بالغ لم يخطىء بحسب الظاهر ، أو معنى توبة من الله تخفيف منه ، اذ يلزم من توبة الله على من أذنب تحقيقا أنه قد خفف عنه ، ثم أنه من قتل خطأ فكتم أو أنكر فذنبه كذنب العمد . قال الشيخ هود ذكروا عن بعضهم أنه قال من أصاب دما خطأ فكتمه ، لقى الله به عمدا ، أو مفعول لأجله أى شرع الله ذلك توبة من الله أو حال من القاتل خطأ ، أى فعليه صيام شهرين متتابعين ذا توبة من الله ، وعلى كل فمن الله نعت لتوبة . { وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا } بخلقه وأحوالهم ، ومنهم قاتل الخطأ . { حَكِيماً } فيما دبر لهم من الأحكام ، ومنها حكم قاتل الخطأ من الكفارة والدية .