Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 49-49)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ } بين اليهود والنصارى ، والواقعة فى اليهود ، ويجوز عود الضمير اليهم ، روى أن أحبار اليهود كعب ابن أسيد ، وعبد الله بن صوريا ، وشاس بن قيس قال بعض لبعض اذهبوا بنا الى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم ، وأنا ان اتبعناك اتبعك اليهود ولم يخالفونا ، وان بيننا وبين قومنا خصومة ، وذلك فى أمر القتل فنتحاكم اليك ، فاقض لنا عليهم نؤمن بك ونصدقك ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم } الآية ، وليست هذه الآية ناسخة للتخيير فى الحكم بينهم ، والاعراض عنهم ، كما قال بعض بل هى دعاء الى أين يكون حكمه واقعاً بما أنزل الله اذا اختار الحكم . { وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُم } فيما طلبوا منك من الحكم بما أحبوا ، وخالف الحق ، وليس هذا تكريراً وتوكيداً محضاً مع ما مضى ، لأن ما مضى نهى عن أن يتبع أهواءهم فى أمر الرجم ، وهذا نهى عن أن يتبع أهواءهم فى أمر الخصومة فى شأن القتل ، وشأن القصاص والدماء ، وجملة لا تتبع معطوفة على جملة احكم ، أو على ما عطف عليه ، وأن احكم هو أولى ، وذلك أن ان مصدرية دخلت على الأمر فى قول من يقول بجواز دخولها على الأمر والنهى ، وأن احكم معطوف على الكتاب ، أى أنزلنا اليك الكتاب والحكم بما أنزل الله ، أو على الحق أى أنزلناه بالحق ، وبأن احكم ، ويجوز أن يقدر وأمرنا أن احكم بفتح الميم واسكان الراء فى أمرنا ، فيكون أن احكم تفسيراً أو على المصدرية أى بأن احكم . { وَاحذَرْهُم أَن يَفْتِنُوكَ } يصرفونك . { عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ } وأن يفتنوك بدل اشتمال ، واشتمال من الهاء أى احذر فتنتهم اياك أو يقدر مضاف فيكون أن يفتنوك مفعولا من أجله ، أو على تقدير لام التعليل ولا النافية ، وهذا مرجوح ، أى احذر مكرهم مخالفة أن يفتنوك ، أو لئلا يفتنوك ، والمراد بالفتن تأثيره فيه ، لأنهم قد حاولوا أن يصرفوه عن الحق فنهاه الله أن ينصرف . { فَإِن تَوَلَّوْا } أعرضوا عن الحكم بالحق ، وأرادوا أن تحكم لهم بغيره . { فَاعْلَم أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِم } مقتضى الظاهر أن يصيبهم بتوليهم ، والمعنى بجزاء توليهم ، لكن استعمل مكان لفظ توليهم بلفظ بعض ذنوبهم ، ليشعر أن لهم ذنوباً كثيرة ، وأن منها هذا الذنب ، وليعظم هذا الذنب بابهامه اذ قال { بِبَعْضِ ذُنُوبِهِم } كقول لبيد @ لو لم تكن تدرى نوار بأننى وصال عقد حبائل جدامها تراك أمكنة اذ لم أرضا أو يرتبط بعض النفوس حمامها @@ أراد أو يرتبط نفسى حمامها فعظم نفسه بابهامها بقوله بعض النفوس ، ولذلك جاء التنكير للتعظيم كما هو مشهور ، اذ دل على التبعيض ، ونوراً فاعل تدرى أو اسم تكن على التنازع ، والتاء فى تكن وتدرى للغيبة والتأنيث لا الخطاب ، والا قال تكونى تدرين ، والمراد أن بعض ذنوبهم كاف فى التعذيب الدنيوى والأخروى معاً يقتلون به ويسبون ويجلون ويدخلون النار ، وباقى الذنوب لا يطع عنهم . { وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } خارجون عن الحق فعلا وتركاً واعتقاداً ، كاليهود اذ ردوا حكم الله وتركوا العمل به ، وعملوا بالباطل .