Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-60)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ } الذى نقمتم علينا ، والخطاب بالكاف فى ذلك لكل من يصلح له على سبيل البداية ، فيشمل المخاطبين فى { هَل أُنَبِّئُكُم } فهى لهم ، ولكن أفردت لعموم البدلية ، وانما لم أجعلها لغيرهم أو لهم ولغيرهم ، لأنهم لا يخاطبون فى كلام واحد واثنان بلا تنقية لا يقال يا زيد أضربك بأن خاطبت زيداً بالنداء وعمراً بالكاف . { مَثُوبَةً } تمييز أى ثواب أى جزاء ، والمراد هنا الجزاء بالسوء والشر الثابت فى الذين نقموا على المؤمنين انما ثبت على زعمهم ، أى لو كان الشر فى الذى نقمتم فشر الذين لعنهم الله ، وجعل منهم القردة والخنازير أعظم عقاباً ، وأفظع ، وهذا الجزاء الأعظم الأفظع الواقع عليهم حق واقع عند الله كما قال { عِندَ اللهِ مَن لَّعَنَهُ اللهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ } أى دين من لعنه الله ، فان دين هؤلاء شر جزاء ، والتقدير مضاف كما رأيت ، أو يقدر مضافاً أولا ، أى فبشر من أهل ذلك لأن من يدل من شر ، ولا يبدل ذلك الانسان من غيره بدلا مطابقاً ، فيقدر الانسان أولا وهو أهل فيطابق من لعنه الله ، أو يقدر دين آخر فيطابق قوله شر ، ويجوز أن يكون خبر المحذوف ، أى هو دين من لعنه الله أو هم من لعنه الله ، أى أهل ذلك . وأصل المثوبة الجزاء بالخير ، واستعمل فى الجزاء بالشر على المجاز الارسالى المعلق بالاطلاق والتقييد ، أو أحدهما بأن يعتبر المثوبة لمطلق الجزاء ، ويستعمل فى جزء منه وهو العقاب ، أو على المجاز الاستعارى ، شبه العقاب بالثواب لجامع الترتب على فعل المكلف فسماه باسم الثواب على طريقة العرب فى قصد التهكم كقوله * نقريهم لهذميات * وقوله * تحية بينهم ضرب وجيع * وقوله { فبشرهم بعذاب أليم } والمراد اليهود ، فان الله أبعدهم من رحمته ، وأعد لهم عذابه ، ومسخ بعضهم قردة بسبب صيد السبت ، وبعضهم خنازير بالكفر بعد نزول المائدة ، وقيل بالصيد فى السبت مسخت شيوخهم خنازير ، وشبانهم قردة ، وعند متعلق بشر . { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } فعل ماضى ومفعول به ، والفاعل على مستتر عائد على من ، والجملة معطوفة على لعنه الله ، ويدل له قراءة ابن مسعود ومن عبدوا الطاغوت بتكرير الموصول ، ولكنه راعى معنى من فى الجمع كما راعاه أى فى قراءته وعبدو الطاغوت ، والطاغوت الشيطان ، أو الأصنام ، أو الكهنة ، أو العجل ، أو أحبارهم ، أو ما عبد من دون الله وسبق الكلام فيه ، وعبد الطاغوت بالبناء للمفعول ، ورفع الطاغوت والجملة أيضاً معطوفة على لعنه الله ، فتحتاج الرابط لأنها عطفت على الصلة ، فيقدر أى وعبد الطاغوت فيهم أو بينهم ، وقرىء وعبد الطاغوت بضم الباء وفتح العين والدال ، ورفع الطاغوت على الفاعلية ، أى صار الطاغوت صيرورة عظيمة ذا عبادة منهم له ، أى صار معبوداً ، والجملة معطوفة على لعنه الله ، والرابط محذوف كما مر . وقرىء وعابدة الطاغوت ، وعابدى الطاغوت ، وعباد الطاغوت بكسر العين وتخفيف الباء ، وعبد الطاغوت بفتح العين واسكان الباء ، وعبد بفتح العين وضم الباء اسما مضافاً ، وفيه مبالغة ، ونسب بعضهم هذه القراءة لحمزة وعبد بضم العين وفتح الباء مبالغة أيضاً ، وعبد بضمهما جمعاً ، وعبيد كذلك جمع عبد ، وعبدت الطاغوت بفتح العين والباء جمع عابد ، وعبد الطاغوت بفتحهما بلا تاء حذفت الطاغوت للاضافة ، أو جمع عابد كخادم الطاغوت وخدم بفتح الخاء والدال ، وعبد الطاغوت بضم العين وفتح الباء مشددة ، وعباد الطاغوت بالضم والتشديد لكن فيه ألف ، وأعبد الطاغوت بفتح الهمزة واسكان العين وضم الباء ، وهو فى هذه اللغات التسع اسم منصوب عطفاً على القردة مضاف للطاغوت ، وقرىء وعبد الطاغوت بفتح العين واسكان الباء ، وكسر الدال والاضافة للطاغوت عطفاً على من فى قوله { من لعنه الله } على أن من بدل من شر وقرأ الحسن وعبد الطواغيت بالفعل الماضى ، ونصب الطواغيت والجمع . ومعنى كون الله جاعلا منهم عبدة الطاغوت فى قراءة الاسمية أنه تعالى خذلهم فعبدوها ، أو أنه سماهم عبدة الطاغوت ، أى صيرهم قردة وخنازير وأصحاب هذا الاسم ، ولما نزلت الآية كان المسلمون يقولون يا أخوة القردة والخنازير ، فينكسون رءوسهم . { أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا } أى أولئك الملعونون المغضوب عليهم ، المجعول منهم القردة والخنازير ، أعظم الناس الأشقياء عذاباً وهواناً وذلا يوم القيامة ، وذلك أنه أسند عظم الشرارة للمكان من حيث انه تفسير محول الفاعل مكنياً عن عظم شرارتهم ، وشرارة المكان من لوازم شرارة أهله ، والكناية أبلغ من التصريح ، ويجوز أن يكون من اسناد ما للحال فى للمحل ، وذلك أن مكانهم فى الآخرة النار التى هى أعظم نيران الآخرة تحت عبدة الأوثان ، وقيل أعظمها سقر وهى لهم ، لأنهم علموا ومن علم ولم يعمل فله الويل سبع مرات ، ومن لم يعلم فمرة ، وقيل عبدة الأوثان أسفل منهم ، أو المراد أن مكانهم فى النار أعظم وأفظع من كل مكان سوء فى الدنيا ، وقيل المعنى شر تمكنا ، وحالا وقيل المعنى شر انصرافاً أى انقلابهم الى الله بالموت ، أو بالبعث شر من انقلاب غيرهم . { وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ } عن الطريق السوى ، أى عن الطريق الأفضل ، وهو دين الله تعالى السالم من غلو النصارى ، وقدح اليهود ، والمراد أشد ضلالة من سائر من ضل .