Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 97-97)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ } البيت بدل الكعبة أو بيان ، والحرام نعت البيت للمدح . { قِيَامًا } مفعول ثان . { لِّلنَّاسِ } نعت لقيام ، والمعنى صير الله الكعبة بسبب قيام الناس بدينهم بالحج والعبادة ، وبدنياهم اذ يلوذ به الخائف الضعيف يلقى فيه الرجل قاتل أبيه ولا قتله ، ولا نهب فيه ولا غارة ، ويربح فيه التاجر وتجىء اليه ثمرات كل شىء ، قال عطاء وابن عباس لو تركه الناس عاماً واحداً لنزل عليهم العذاب فيموتون ولا يمهلون ، فقياماً صدر على حذف مضاف كما رأيت ، ويجوز أن يكون من القيام الذى هو اسم لما يقوم به الشىء كملاك ، فان به صلاح دينهم ودنياهم ، ويجوز أن يكون البيت مفعولا ثانياً ، وقياماً مفعول ثان متعدد ، أو اسم مصدر بمعنى اقامة مفعول لأجله ، أى ليقيم للناس دينهم ودنياهم ، أو مفعول مطلق ، أى يقومون به قياماً ، ففى هذا الوجه يكون للناس متعلقاً بجعل أو خبر لمحذوف أى ذلك للناس ، ويجوز أيضاً تعليقه لجعل فى الأوجه السابقة ولكن الراجح ما سبق . وقرأ ابن عامر قيما بكسر القاف وفتح الياء وعدم الألف بعدها مصدر قام ، أعل يقلب الواو فيه ياء تبعاً لاعلال فعله بقلب الواو فيه ألفاً لا للاتباع تضمين قوماً بالصحيح كما صح يمور وحوك ، لأنه ليس فعل ولا على وزنه ، وذلك كما أعل ديار بقلب الواو ياء تبعاً بقلبها ألفا فى مفرده دار مع أنه غير فعل ، ولا شبيه به ، وهو فى هذه القراءة مفعول مطلق ، أى يقومون قياماً ، حذف عامله أو حال على حذف مضاف أى ذا قيام للناس ، أو بمعنى قائماً للناس ، وصاحب الحال لفظ الجلالة أو البيت على أن البيت مفعول لأل أو قيما مفعول ثان متعدد على حذف المضاف أو التأويل بقائم أو البيت تابع ، وقيما مفعول ثان . { وَالشَّهْرَ الحَرَامَ } ذا الحجة لأن الحج فيه فهو الأولى بالارادة فى هذا المقام ، كذا ظهر لى ثم رأيته لغيرى ، وقيل المراد جنس الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، كان العرب تمسك عن الغارة والقتال فيهن ، وكان للعجم ملوك حتى البرابر لهم جواليت تدفع عنهم ، لم يكن للعرب ملوك يدفعون الظلم ، فجعل الله له البيت الحرام ، والأشهر الحرم تدفع بعض العرب عن بعض . { وَالهُدْىَ } ما يهدى الى البيت فيذبح ، ويفرق على فقراء الحرم ، فهو نسك وقوام لمعيشة الفقراء . { وَالقَلائِدَ } ذوات القلائد ، فان القلائد ما يعلق على البعير من نعل ، أو لحى الشجر علامة على أنه هدى ، فذوات القلائد هن البدل ، وهذا بعد ذكر الهدى تخصص بعد تعميم ، لأن من الهدى ما قلد ، ومنه ما لم يقلد ، وخص بعد تعميم لمزيد فضل فانه أدلى على الحج ، وأشعر بالثواب ، فانه اذا لقى أحد من العرب الهدى مقلداً لم يتعرض له ولم يموت جوعاً ، فهو أدل على تعظيم البيت وعظمته ، ولا يؤذون صاحب الهدى المقلد . وفوق ذلك أن القلادة فى العرب تكون من شجر الحرم ، فيزاد الحرم تعظيماً اذ كان لحى شجرة مانعاً ، والثلاثة معطوفات على الكعبة ، لأن قياماً يصلح للقليل والكثير ، والمذكر والمؤنث ، فهن فى نية التقديم على قياماً ، وهذا أولى من أن يقدر لهن قياماً من باب العطف على معمولى عامل لسلامته من الحذف ، وهذا الحذف أولى من أن يقدر لكل واحد قياماً ، لأن تقليل المحذوف أولى . { ذَلِكَ } المذكور من جعل الكعبة البيت الحرام ، والشهر الحرام ، والهدى والقلائد قياماً للناس أو ذلك المذكور من الأمر بحفظ حرمة الاحرام بترك الصيد ، ومن الزام الكفارة على الصيد وهو مفعول لمحذوف يتعلق به قوله { لِتَعْلَمُوا } أى شرع الله ذلك لتعلموا ، وذلك مبتدأ خبره لتعلموا عند مجيز الاخبار بالتعليل . { أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاواتِ وَمَا فِى الأَرْضِ } فان ذلك الجعل ، وما ذكر دليل لنا نعلم به أن الله عز وجل عالم فى الأزل بأن الحرم سيعمر ، وأن العرب من شأنهم القتل والاغارة ، فجعل لهم ما يسكنون به عن القتل والغارة ، وهو تعظيم الكعبة والحرم ، والأشهر الحرم والهدى والقلائد فيأمنون فيه ، وبالأشهر الحرم والهدى القلائد فعمروا الحرم من لدن اسماعيل ، فانه انما يهيىء المنفعة ودفع المضرة قبل وقوعها من يعلم بوقوعها ، ونعلم أن علمه ذلك تحقيق لا ظن بأنه هو خالق ما فى السماوات وما فى الارض . { وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } مما هو أيضا فى غير السماوات والأرض وما فيهما ، وهذا عموم بعد تخصيص ومبالغة بعد اطلاق .