Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 104-104)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ جَاءكُم بصَائر مِنْ ربِّكُم } آيات دلائل على وحدانية الله تعالى وقدرته وتنزهه ، عن أن يرى ، وعن صفات النقص كلها ، وعظمت دلالتها حتى صارت كأنها عيون ، أو نور العين ، أو نور القلب ، وذلك استعارة ، أو لما كانت سببا ببصيرة القلب سميت بصائر ، فمن عرفها كان له فى القلب بصيرة يعرف بها الهدى من الضلال ، ومن ربكم متعلق بجاء ، ومن للابتداء أو نعت لبصائر . { فَمَن أبْصَر } الحق وآمن به { فلنَفْسه } فإبصاره لنفسه أو فلنفسه أبصر { ومَنْ عَمَى } عنه لإعراضه وعدم تدبره { فَعَليها } أى فعماؤه على نفسه ، يكون وباله على نفسه لا يعاقب عليه غيره ، أو يقدر فوباله عليها ، وإن قدرت فعليها عمى بلفظ الفعل الماضى ، ورد عليه أن عمى لا يتعدى بعلى فيتكلف له أنه جئ للضرر ، وإنما صح أن قدر فلنفسه أبصر ، وإن يقدر فعلى نفسه ، عمى ، من أن عمى وأبصر فعلان متصرفان مجردان صالحان لأن يكونا شرطا ، فلا يقرنان بالفاء فى جواب الشرط ، لأنهما لم يذكرا ولو ذكر القرآن الجواب بالفاء أيضا ، لأن الفاء لم تلهما ، بل تلت معموله وهذا على أن معمول الشرط لا يلى الشرط . وإذا أوهم شئ أنه تلاه قدر له عامل قبله يكون شرطا فكذا هنا لا يصح شرطا لتقدم معموله عليه ، ومن قال يليه قال لا تثبت الفاء لو ذكر الفعل ، وإن لم يذكر فمن أين يكون الربط ، ويعلم أن الجار والمجرور من جملة الجواب لو لم تكن الفاء ، ولولا الفاء لتوهم أنهما من جملة الشرط ، هذا تحقيق المقام إن شاء الله فاحفظه ، لعلك لا تجده فى غير هذا الكتاب ، ومنع أبو حيان الفاء فى مثل ذلك ، وأجازها غيره ، والتحقيق ما ذكرت ، والمانع لا يقدر فى الآية الفعل ، ويقوى من جهة أن المقدر حينئذ مفرد لا جملة ، وأن الجار والمجرور حينئذ عمدة . { وما أنا عَليْكم بحَفيظٍ } يحفظ أعمالكم للجزاء عليها ، بل أنا منذر ، والحفيظ الله تعالى أو لا أدخلكم فى الإيمان قهراً أو لا أدفع عنكم ما أراد الله بكم من عذاب ، فهذا كلام أمر الله تعالى رسوله أن يقوله عن نفسه ، أى قل وما أنا عليكم بحفيظ فى زف القول ، لكن الظهور قصده يتوهم المتوهم أنه معلوم المعنى بلا تقدير ، وليس كذلك ومنشئ القصيدة على لسان غيره لا يقدر القول ، ولكن يجرى على نية التقدير ، ولو اشتدت غفلته عنه ، وليست الآية من باب إنشاء القصيدة ، لأنها من أول على لسان الغير ، والآية من باب ذكر المتكلم كلاما يسند إليه ثم شروعه فيما لا يسند له . وأما قوله { قد جاءكم بصائر من ربكم } إلى { فعليها } فكلام من الله ، ويجوز تقدير القول له ولما بعده إلى قوله { بحفيظ } ولا حصر فى قوله { وما أنا عليكم بحفيظ } وإلا كان المعنى أنا لست وحدى حفيظاً ، أو لم أقتصر على الحفظ ، وليس ذلك مراداً إلا إن أورد على فرض توهم من توهم ذلك ، ولا يمنع عدم الحصر فى ذلك أن تقدر الحافظ الله ، أو الله هو الحافظ بصيغة الحصر ، ومعنى الآية باق ولو مع نزول آية القتال ، فلا نسخ فيها .