Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 111-111)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولَو أنَّنا نزَّلنا إليْهم الملائكة } تشهد بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله كما طلبوا { وكلَّمهم الموتَى } بأن أحيينا لهم من تقادم موته كقصى ، ونطق لهم بلسان فصيح ، أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله كما طلبوا { وحَشَرنا } جَمعْنا { عَليْهم كلِّ شئٍ } خلقه الله من الدواب والوحش ، والطير والحوت ، والجبال والشجر والحجارة ، وغير ذلك من كل ما خلقه الله ونطق لهم بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك زيادة على ما طلبوا { قُبُلاً } ينطق برسالته مواجهة يرونه بأعينهم ويسمعونه بآذانهم . { ما كانُوا ليُؤمنُوا } بالله وحده ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسوله لقضاء الله بكفرهم { إلاَّ أنْ يَشاء اللهُ } إلا مشيئة الله ، أى لكن مشيئة الله هى المعتبرة ، فالاستثناء منقطع ، أو إلا بأن يشاء الله ، أى إلا بمشيئته ، فالاستثناء متصل ، ومعنى قولهم إن الآية نزلت فى المستهزئين وغيرهم ممن قال لا نؤمن ، إلا أن جاء ببعض أسلافنا والملائكة وشهدوا له بالرسالة أن معناها عائد لذلك ، لأنها نزلت مفردة فى زمان لذلك الشأن ، لأن الأنعام نزلت بمرة ، فالقصة الواحدة تنزل فى شأنها آيات واحدة فى حال وقوعها ، أو السؤال عنها ، والآخر بعد ذلك ، والنازل فى هذه القصة آية الأسرى وغيرها تكرير لها لحكمة ، وعلى الاستثناء المنقطع لا يكون الاستثناء لأحد يؤمن والآية فى المشركين الأشقياء ، والمعتبر فى شقاوتهم مشيئة الله ، وعلى الاتصال يكون الاستثناء لقوم سعداء ، شاء الله إيمانهم . وزعمت المعتزلة أن الاستثناء منقطع على طريق يناسب اعتقادهم ، هو أن المراد عندهم ، إلا أن يشاء الله إيمان الأشقياء إجباراً لا اختباراً كذا قيل عنهم إن الإيمان القهرى لما لم يكن من الاختيارى كان منقطعا ، وهذا خطأ فى الإعراب كما أخطأت المعتزلة فى المعنى أيضا ، فإن الإيمان ولو أريد منه الاختيارى فى قوله { ما كانوا ليؤمنوا } لكن لفظ عام فالاستثناء المتصل سائغ ولو على مذهبهم ، والحق أن المشيئة مشيئة إيمانهم اختياراً ، أى لو شاء الله تعالى لآمنوا اختياراً ، ولما لم يؤمنوا علمنا أنه ما شاء إيمانهم ، وأما إيمانهن قهراً فلا مدخل له ، ولا حضور فى الكلام ثبوتاً ولا نفياً ، ومعنى قُبُلاً مقابلة ومواجهة ، مفعول مطلق ، أى حشر مقابلة ومواجهة ، أو حال من كل أى مقابلا ، أو ذا مقابلة ، وذلك قراءة نافع وابن عامر بكسر القاف وفتح الباء ، وقرأ غيرهما قبلا بضمهما ، ومعناه مقابلة عند ابن عباس ، وذلك قراءته ، فإعرابه كإعراب قراءة نافع كلها ، وزاد عليها بأن يكون جمع قبيل بمعنى الكفيل وهو قول الزجاج والفراء قبله ، أى كافلين بصدق محمد فى وعده ووعيده ورسالته وإخباره ، أو جمع قبيل بمعنى فريق ، أى يحشرهم جماعة جماعة ، أو صنفا صنفا يشهدون لهُ وهو أيضا فى الوجهين حال . { ولكنَّ أكْثرهُم يجْهَلون } أكثر المشركين يجهلون أن الإيمان بمشيئة الله لا يلزم عند مجئ الآيات ، ولذلك أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم يؤمنون إن جاءت ، وقليل منهم يعلمون أنه بمشيئة الله ، وقيل المراد بالأكثر الكل كما قد يراد بالقلة النفى ، وقيل المراد أكثرهم يجهلون عليك عمداً ، وهم يعلمون أنك رسول الله ، كما " روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلاعب أبا سفيان بعد الفتح بمخصرة فى يده ، ويطعن بها أبا سفيان ، فإن أحرقته قال نح عنى مخصرتك ، فوالله لو أسلمت إليك هذا الأمر ما اختلف عليك فيه اثنان ، فقال لهُ النبى صلى الله عليه وسلم " أسألك بالذى أسلمت له قتالك إياى عن أى شئ كان ؟ " فقال أبو سفيان أتظن أنى كنت أقاتلك تكذيبا لك منى ، والله ما شككت فى صدقك قط ، وما كنت أقاتلك إلا حسداً منى لك ، فالحمد لله الذى نزع ذلك من قلبى ، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يشتهى ذلك منه ويتبسم " . وقيل ولكن أكثر المؤمنين يجهلون أنهم لا يؤمنون فى قضاء الله فيتمنون نزول الآيات طمعاً فى إيمانهم ، والقليل منهم علموا أنهم لا يؤمنون فى قضاء الله ، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أخبره .