Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 123-123)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وكَذلكَ } كما جعلنا فى مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها ، كذلك { جَعَلنا فى كلِّ قريةٍ أكابر مُجْرميها ليمكُروا فيها } فى كل قرية مفعول ثان ، وأكابر مفعول أول مضاف لمجرميها ، وتقديم المفعول الثانى هنا واجب ليعود إليه الضمير للمجرمين من مجرميها ، وإلا عاد الضمير المتأخر لفظاً ورتبة ، لا يصح أن يجعل مجرميها مفعولا أول وأكابر مفعولا ثانيا ، لأن أكابر جمع أكبر ، واسم التفضيل يلزم الإفراد والتذكير إذا لم يضف أو أضيف لنكرة ، وأجاز بعضهم هذا الإعراب ، وعلق فى كل يجعلنا ، وأجاز هذا البعض أن يكون فى كل قرية مفعولا ثانيا وأكابر مفعول أول ومجرميها بدل أكابر ، وهذا لا يجوز كالذى قبله للزوم جمع اسم التفضيل فيه مع عدم إضافته ، إلا أن يقال هو خارج من باب التفضيل ، على أن يكون أكبر بمعنى كبير . وقرئ أكبر مجرميها ، فحينئذ يجوز تلك الأوجه كلها لا فى إفراده لأنه إذا أضيف لمعرفة جاز الإفراد والمطابقة ، ويجوز فى القراءتين أن يكون أكابر أو أكبر حالا من مجرميها ، أو من ضمير الاستقراء فى قوله { فى كل قرية } ويجوز جعل الجعل بمعنى التمكين ، فيكون له مفعول واحد هو أكابر أو أكبر مضاف لمجرميها ، أو هو مجرميها ، وأكابر وأكبر حال من مجرميها ، أو هو أكابر على التأويل بكبيرين أو أكبر ، ومجرمى بدل وإذا لم تجعل فى كل مفعولا ثانيا كان متعلقاً بجعلنا ، سواء بمعنى صيرنا أو بمعنى مكنا . { ليمْكُروا فيها } يصدوا فيها الناس عن الدين باحتيال وخدع ، ويفسد فيها بنميمة وغيبة وبيمين كاذبة ، وتزويج الباطل ، والكذب ، والضعفاء ، لا يقدرون على المكر والغدر ، ولذلك جعل المجرمين أكابر فيها ، وذلك ابتلاء كما خلق إبليس ، وعن مجاهد معنى مكرهم أنهم أجلسوا على كل طريق من طريق مكة أربعة نفر يقولون محمد كاهن ، محمد ساخر ، محمد مجنون ، محمد علمه بشر ، ونحو ذلك ليصدوا الناس عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومثل ذلك عادة فى أقوام الأنبياء ، وكثرة المال والجاه يحملان الإنسان على حفظهما ، فكانوا يتمنونها ويحافظون عليهما بأنواع الحيل والغدر . { وما يمْكُرونَ إلاَّ بأنفُسهِم } لأن عاقبة مكرهم دائرة عليهم بعد دنيا وأخرى { وما يشْعُرونَ } أن دائرته عليهم ، قيل لما قال أبو جهل زاحمنا بنو عبد مناف فى الشرف ، حتى إذا صرنا نحن وهم كفرسى رهان قالوا منَّا نبى يوحى إليه ، والله لا نؤمن به إلا أن يأتينا وحى كما يأتيه ، وقال الوليد بن المغيرة للنبى صلى الله عليه وسلم لو كانت النبوة حقا لكنت أنا أولى بها منك ، لأنى أكبر منك سناً ، وأكثر منك مالا ، واستحب كل رئيس من رؤساء الكفار النبوة لنفسه ، أما ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده كما قال مقاتل أراد كل واحد منهم أن يخص بالرسالة والوحى ، وخرج عليه قوله تعالى { بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشَّرة } عاب الله تعالى عليهم بأن أنزل فى جملة الأنعام قوله تعالى