Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 14-14)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قلْ أغَير اللهِ أتَّخذُ وليّاً } استفهام إنكار ، وقدم غير على أتخذ ، مع أنه مفعول به لأتخذ ، لأنه المستفهم عنه ، والمستفهم عنه يلى همزة الاستفهام ، وذلك أن الإنكار فى كون غير الله ولياً لا فى مطلق اتخاذ الولى ، وقيل لو أخر عن أتخذ لأفاد ذلك ، ولكن تقديمه أتم فى ذلك على طريق العرب فى التقديم للاهتمام ، والولى الناصر والمعين ، قال مجاهد والطبرى لما دعا المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين آبائهم نزلت هذه الآية . { فاطِرَ السَّماوات والأرْض } منشئهما وبادعهما ، قال ابن عباس رضى الله عنهما ما عرفت ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتانى أعرابيان يختصمان فى بئر ، فقال أحدهما أنا فطرتها ، أى ابتدأتها ، وفاطر نعت للفظ الجلالة ، وقرئ فاطر بالرفع خبر لمحذوف ، أى هو فاطر ، وقرئ فاطر بالنصب أى أعنى بالله فاطر السماوات والأرض ، أو أمدحه ، وإضافة اسم الفاعل الذى للماضى تفيد التعريف ، إذ كانت للمعرفة ، فصح أن يكون فاطر نعتاً للفظ الجلالة ، ولا يمنع من ذلك فصله باتخذ ولياً ، لأن اتخذ عامل فى عامل منعوت ، فإن المنعوت لفظ الجلالة وعامله غير ، وغير مفعول لأتخذ ، وذلك مذهب الجمهور ، وقال أبو البقاء فاطر بدل من لفظ الجلالة ، لأن للماضى كما قرأ الزهرى فطر السماوات والأرض بصيغة الفعل الماضى ، وفتح ضاد الأربع نصب به ، وقيل البدل أولى من فصل النعت إذ البدل على نية تكرار العامل . { وهو يُطْعِم } يرزق عباده ما يكون { ولا يُطْعَمُ } لا يرزقه أحد ، لأنه لا يأكل ، وأنه المالك لكل شئ ، ولا يحتاج لشئ ، ولو قال وهو يَرزُق ولا يرْزَق لعم ما ينتفع به مأكولا أو مشروباً أو غيرهما ، لكنه ذكر الطعام ، لأن الحاجة إليه أشد ، ويفهم الشراب منه ، لأنه يبنى على الأكل ، أو يدخل فى الطعام ، لأنه قد يقال طعمت الماء ، وجملة هو يطعم حال من المستتر فى فاطر مستقبلة ، لأن الإطعام بعد خلق السماوات والأرض ، لأن ما يأكل خلقه بعد خلقهما إلا أن يعتبر الحوت فى الماء قبل أن يخلق الأرض والسماوات ، والحوت الحامل للخلق ، والطائر الذى يأكل فى كل يوم خردلة حتى فنيت ، وقد ملأت سبع دنيا كل مقدار دنيا كدنيانا هذه أو أكثر من سبع أو أقل ، ونحو ذلك مما يذكر فى القصص ، فتكون الحال مقارنة ، أو الجملة معطوفة على جملة ، هو السميع العليم . وقراءة رفع فاطر تعطف على جملة هو فاطر ، وقرئ ولا يطعم بالبناء للفاعل ، أى ولا يأكل بفتح الياء والعين ، والضمائر فى القراءتين لله ، وكذا فى قراءة الأشهب ببنائهما للفاعل من الرباعى ، أى يطعم تارة ولا يطعم أخرى بحسب الحكمة ، مثل يقبض ويبسط ، أو المعنى ولا يستطعم ، حكى الأزرى أطعم بمعنى استطعم ، وهذا بعيد ، وقرئ وهو يُطعم بالبناء للمفعول ولا يُطعِم بالبناء للفاعل بضم الباء ، وكسر العين والضمائر لغيره فى قوله { أغير الله } أى كيف أتخذ غير الله ولياً ، والحال أن غير الله يطعمه ولا يطعم هو غيره ، إلا أن قدر الله ذلك فهو كسائر الحيوانات الناس وغيرهم ، أو يعتبر أن الناس يطعمون غيرهم ، وبعضهم بعضاً ، والدابة لا تطعم غيرها ، فيكون قد نزل عن درجة الناس ، إلا أن الدابة أيضا قد تطعم الناس كالجارحة الصائدة وتطعم الدابة دابة أخرى ، وهذه القراءة عن ابن المأمون عن يعقوب . { قُلْ إنى أموتُ أنْ أكُونَ أوَّل مَنْ أسْلَم } لأن النبى يسبق أمته فى الدين ، ولو جاءهم وهم مؤمنون لأنه سابق فيما يوحى إليه ، قال الله جل وعلا { وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } وهذا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال موسى { سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين } { ولا تكونَنَّ مِنَ المشْرِكِينَ } عطف على قل عطف نهى على أمر ، أى قل كذا ولا تكن من كذا ، كقولك افعل كذا ولا تفعل كذا أو محكية بقيل محذوفاً ، والمحذوف معطوف على محكى قل أى قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ، وقيل لى ولا تكون من المشركين ، كأنه قيل وقل قيل لى لا تكونن من المشركين ، ولو عطف لا تكونن على أن أكون لقيل ، ولا أكون ، نعم قد يجوز هذا العطف على طريق الالتفات من التكلم إلى الخطاب .