Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 50-50)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ لا أقُول لَكُم عِنْدى خَزائنُ اللهِ } جمع خزينة بمعنى مخزونة ، أى ليس بيدى مقدورات الله ، أو نعمه المخزونة عنده ، أو جمع خزانة وهى الموضع الذى خزن فيه النعم أو غيرها ، والمراد هنا النعم أو ما يوصل إليها ، قالوا إن كنت رسولا من الله فاطلب منه أن يوسع رزقنا ، ويزيل عنا فقرنا ، وطلبوا أن تكون له جنة ، أو كنز ، ويحتمل أن تكون الخزائن بمعنى المقدورات نعماً أو غيرها ، لقولهم أو ترقى فى السماء ، ولا أدعى القدرة اللائقة بالله جل وعلا ، فنزلت الآية فى ذلك ، وفى قولهم إن كنت رسولا من الله فاطلب من الله تعالى ، فأخبرنا بما يقع فى المستقبل من المصالح والمضار ، حتى تستعد لتحصيل المصالح ودفع المضار ، كما قال الله تعالى . { ولا أعْلم الغَيْبَ } إلا ما علمنى الله ، فكيف أخبركم بما يستقبل من النفع والضر ، وفى قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق ، وقولهم ماله يخالط الناس ويتزوج النساء كما قال الله عز وجل . { ولا أقُول لَكُم إنِّى مَلكٌ } لا يأكل ولا يدخل السوق لحاجته يقضيها منه ، ولا يخالط الناس لنحو ذلك ، ولا يتزوج النساء ، ولا أقول لكم أقدر على ما يقدر الملائكة عليه { إنْ أتَّبع } أى اعتقادى وعملى وقولى لكم ولغيركم { إلا ما يُوحَى إلىَّ } من القرآن وسائر الوحى ، ولست أدعى الألوهية لأن الإله عالم الغيب ، وقادر على كل شئ ، والآية يتبادر منها أنه صلى الله عليه وسلم لا يجتهد ، بل يفتى بالوحى فقط ، والجواب أن الحصر إضافى إذ المراد به نفى ما يقترحونه عن نفسه . { قلْ هَل يسْتَوى الأعْمَى والبَصِير } فيقولون لا يستويان ، فكذلك الكافر والمؤمن ، فالأعمى والبصير حقيقتان ، ويجوز أن يراد بهما الكافر والمؤمن استعارة تشبيها للكافر بالأعمى ، والمؤمن بالبصير ، ويجوز فى وجه الحقيقة ووجه الاستعارة أن يعتبر فى الأعمى والبصير جانب المضل والمهتدى ، أو جانب الجاهل والعالم ، أو جانب مدعى المستحيل كالألوهية والملكية ، ومدعى المستقيم كالنبوة بالمعجزات . { أفلا تتفكَّرونَ } فتدركوا الحق وتميزوه من الباطل ، فلا تسموا مدعى الحق مبطلا ، أو أفلا تتفكرون فتؤمنوا بالوحى ، أو فتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعملوا بما فرض عليكم ، أو أفلا تتفكرون فتعلموا أن الإيمان والعمل لا محيص عنهما ، أو أن الإيمان بالوحى لا محيص عنه ، فلو تفكرتم لم تستعيدوا دعواى ، والوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إما بلسان الملك ومنه القرآن ، أو بإشارة الملك كما خفض جبريل عليه السلام رأسه إلى الأرض إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار النبوة وعدم الملك حين خير أن يكون نبياً ملكاً ، أو نبيا غير ملك ، وذلك خفض الرأس لذلك ، لأنه تواضع ، كما أن عدم الملك تواضع ، وبإلقاء الملك فى قلبه خيراً أو بإلهام الله قلبه للخير ، أو بالتأمل فى الوحى ، فيخرج له حكم فيكون وحياً بالمعنى ، بأن الله جل جلاله أقره على الحكم الذى استخرجه .