Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 84-84)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ووهبْنا له إسْحاقَ ويعْقُوبَ كلاًّ هَديْنا } بدين الإسلام ، وقيل للنبوة والرسالة ، أو حذف للعموم لكل خبر تصلح الهداية إليه ولذلك فى قوله { ونُوحاً هَديْنا مِنْ قَبَلُ } أى الأمر قبل إبراهيم ، وقد صح أن الهداية المخصوصة بالأنبياء هى الإرشاد إلى أمر النبوة والرسالة ، فتحتمل عليها هدايتهم حيث ذكرت ، لما ذكر إبراهيم عليه السلام بذكر احتجاجه على المشركين فى إبطال الأصنام كاحتجاج رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو جده ، وإليه انتسب العرب قريش وغيرهم ، وتنتحل أنهُ على دينه ، فبين الله بذلك أنه لا يعبد الأصنام ، وأنه يقول ابنه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قدمه ناسب أن يذكر من وهب له من الأنبياء وهو إسحاق ، فإنهُ ابنه من صلبه ، ويعقوب ابنه بواسطة إسحاق ، فإن يعقوب ابن إسحاق ، ولما اجتمع ذكرهم متقدماً لما ذكر مع تأخر زمانهم ، ناسب أن يضم إليهم من يجتمع معهم فى أمر معهم معتبر ، ولو تقدم زمانه وهو نوح عليه السلام ، وهو أنهم أصول الأنبياء ، ولا يخفى ذلك فى نوح وإبراهيم فأنبياء بنى إسرائيل من ذرية إبراهيم ، وذلك فضيلة لإبراهيم ، لأن فضل الولد يتعدى للوالد ، وكذا كون نوح أباً له فضيلة له ، لأن فضيلة الولد تتعدى للولد ، والمقام لذكر فضائل إبراهيم عليه السلام ، فإنه أنعم عليه بالحجة على قومه ، ويرفع درجاته { نرفع درجات من نشاء } ويجعل أشراف الأنبياء من نسله . { ومِنْ ذُرَّيته داودَ وسُليمانَ } جمعهما بأن أحدهما أبو الآخر ، ولتوافقهما فى أمر آخر مهم يلى النبوة وهو الملك ، وكذا القدرة والسلطان ، وسليمان أشد سلطاناً ، والهاء فى ذريته عائدة إلى إبراهيم عليه السلام ، وقيل إلى نوح وهو مذهب الجمهور ، لقرب ذكره ، ووجه الأول أن الكلام مبنى على فضائل إبراهيم ، وإبراهيم أقرب زماناً إلى داود وسليمان ، وكلاهما مذكور ، واختير قول الجمهور ، لذكر لوط وهو ليس من ذرية إبراهيم بل ابن أخته ، وقيل ابن أخيه ، لكن يحتمل أن يقدر له هدينا ، وكذا يونس ليس من ذريته ، أو يعطف على " نوحاً " فقد تسلطت عليه الهداية ، أو على إسحاق فتسلط عليه الهبة ، ومن تتعلق بمحذوف حال من داود وسليمان ، ومن للتبعيض ، ويجوز تعليقها بوهبنا محذوفاً ناصباً لداود وما بعده كله ، ومن للابتداء ، ويدل للعطف على كلا أو على " نوحا " أن لوطا ويونس لم يوهبا لإبراهيم ، فالعطف على من ذكر بالهداية لا على ما يرسم الهبة ، إلا أن يقال إنهما موهوبان له بالقيام بشرعه ، وليسا ذرية له ، أو يقدر لهما هدينا محذوفاً ، وينصب الباقى على الهبة . { وأيُّوب ويُوسفَ } جمعهما لأنهما جميعاً بليا بالمحن الشديدة المتطاولة فصابراها ، وأورثهما الصبر الجميل الملك ، فليوسف ملك مصر ، ولأيوب أهله ومثلهم معهم ، ومطمورة ذهباً وهو أيوب بن أحوص بن رازح ابن رو بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم { ومُوسَى وهَارُون } جمعهما الله لكثرة المعجزات والبراهين ، وكلاهما رسول وهما أخوان فى زمان واحد ، وهارون تبع لموسى عليهما السلام فى المعجزات والبراهين . { وكذلك نَجْزى المحْسِنين } كما جزينا إبراهيم على توحيده وصبره لأذى قومه نجزى داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون على إحسانهم ، فهم المراد بالمحسنين وضع الظاهر موضع المضمر ليوصف بالإحسان أو يجزيهم بكثرة الأولاد أو بالنبوة فيهم ، ورفع الدرجات كما فعلنا ذلك بإبراهيم ، وإذا جزاهم فأولى أن يجازى نوحاً .