Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 9-9)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولو جَعلْناهُ مَلَكاً لجَعلْناه رجُلاً } ولو جعلنا المنزل عليهم المطلوب إنزاله ملكاً يرونه ويسمعون كلامه ، يقول لهم إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم كما شرطوا ، لجعلناه رجلا ، تشبيه بليغ كزيد أسد ، أى لجعلناه كرجل أى على صورة رجل من بنى آدم ، لأنكم لا تقدرون أن تروا ملكا على صورة رجل ، كما يتمثل جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم رجلا ، وكذا من لاقى من الملائكة ، وكان جبريل عليه السلام يتمثل على صورة دحية الكلبى ، وكذلك كانت الملائكة تجئ الأنبياء على صورة رجل ، كما جاء الملكان داود فى صورة رجلين ، وكذا أتى الملائكة إبراهيم ولوطاً ، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فى صورته التى خلق عليها صعق وغشى عليه ، وإذا أراد الله قوى بعض الأنبياء بقوة قدسية فرأوا الملك على صورته . ويجوز أن تكون الهاء للرسول ، أى ولو كان النبى الرسول ملكا كما قالوا { ولو شاء الله لأنزل ملائكة } وقالوا { وعجبوا أن جاءهم منذر } وقالوا { أبعث الله بشراً رسولاً } زعموا أن الملك أشد هيبة وقدرة على تحصيل ما أرسل به ، وأكثر علماً ، لجعلناه على صورة رجل ، لأن القوة البشرية لا تقوى على معاينة الملك كما هو ، كما روى أن رجلين صعدا جبلا يوم بدر ينظران على من تقع الدائرة فيكونان عليه ، فرأى أحدهما جبريل يقول أقدم حيزوم يخاطب فرسه ، فكشف عن قناع قلبه فمات مكانه ، ومع ذلك أظنه أنه ما رآه على صورته ، ولكن لأنه رآه نزل من السماء ، وإلا لمات الآخر أيضاً . { ولَلَبَسْنا عَليْهِم ما يلْبِسُونَ } أى لخلطنا عليهم بالحكمة المذكورة ، وهى أنه لا طاقة لهم على رؤية الملك كما هو ما يخلطون على أنفسهم بالجهل والعناد ، ويقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ، ولو جعلناه ملكاً لكنا قد شبهنا الأمر عليهم حيث يظنونه رجلا لا ملكا فيبقون على قوله { أبعث الله بشراً رسولا } { ولو شاء الله لأنزل ملائكة } ونحو ذلك أو لبسهم ظنهم أهو ملك ، أو ظنهم أهو بشر ، أو للحق ضعفاءهم الشك ، هل هو ملك كما كانوا يريدون ، أعنى الأقوياء السائلين قيل فى شك فى النبوة والرسالة ، أو لبس الله عليهم عقابه إياه سماه لبساً للمشاكلة ، ولأنه جزاء لبسهم ولازمه ومسببه ، وقرأ الزهرى بتشديد باء لبسنا ، وتشديد ياء يلبسون المثناة التحتية .