Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-148)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واتَّخذَ } قيل هو افتعل من اتخذ { قَومُ مُوسَى مِنْ بَعْده } أى بعد موسى ، أى بعد انطلاق موسى إلى الجبل ، روى أنهم اتخذوا فى العشرة بعد الثلاثين ، زادها الله ، وأمره أن يخبرهم بها فنسى ، وإنما نسب الاتخاذ لقوم موسى مع أن متخذه السامرى وحده ، لأنه منهم وفيهم يقال لهم بنو تميم ، أو فعلوا مع أن القائل أو الفاعل واحد ، ولا إرادتهم لاتخاذه ورضاهم ، أو لأن المراد بالاتخاذ لاتخاذ إلهاً . { مِنْ حُليِِّهم } جمع حلى بإسكان اللام ووزنه فعول ، أصله حلوى اجتمعت الواو والياء ، وسكنت السابقة فقلبت الواو ياء وأدغمت ، وقلبت الضمة قبلها كسرة لتناسب الياء ، وقرأ حمزة والكسائى بكسر الحاء تبعا للاَّم ، وكذا قرأ يحيى بن وثاب وطلحة والأعمش ، وقرأ يعقوب بفتح الحاء وإسكان اللام على الإفراد فى معنى الجمع ، أو على أنه جمع حلية كتمرة وتمر ، والحلى ما يتزين به من ذهب وفضة وحجر ، والضمير لفرعون وقومه ، أو لبنى إسرائيل ، لأنه ولو كان لفرعون وقومه لكنه قد كان فى أيدى بنى إسرائيل وتصرفوا فيه ، أو لأن الله ملكهم إياه . حكى يحيى بن سلام ، عن الحسن أن بنى إسرائيل استعادوا الحلى من القبط لعيد لهم ، فلما أمر موسى أن يسرى ليلا تعذر عليهم ردم ، وخشوا أن يفتضح سرهم ثم ملكهم الله إياه ، وروى أنه لما غرقوا بقى فى أيدى بنى إسرائيل فملكوه ، وروى أن الله أمرهم أن يستعيروه فاستعاروه كله ، حتى لم يبق فى خزانة فرعون شىء منه ليأخذوه ، ووصل اتخذ بمن مرتين بلا تبعية ، لأن الأولى لتأكيد الحد وهو التعدية بفتح الباء . وقال ابن مالك زائدة ، والثانية قيل للتبعيض ، وضعف بأن حليهم كلها صارت عجلا ، إلا إن أريد بالضمير القبط ، على أنه بقى فى أيديهم بعض ما أوضح بأن بنى إسرائيل أخفوا بعضا ، والأولى أن تكون للابتداء ، فإن إنشاء العجل إنما هو من الحلى ، ويجوز تعليق الثانية بمحذوف حال من عجلا . { عِجْلا } ولد البقرة ، أى صورة مثله ، قال فى عرائس القرآن قال على بن أبى طالب سمى العجل عجلا لأنهم تعجلوا إليه قبل رجوع موسى ، وعن الحسن البصرى اسمه ميمون { جَسداً } بدل أو نعت بدناً ذا لحم ودم عند بعض ، وضعفه بعضهم بأن موسى بَرَده بالمبرد ، وأجيب بأنه بعد ظهور الحق على يد موسى رجع إلى أصله ، أو برد عظامه ، وقيل كان جسداً من الذهب خاليا من الروح ، وزعم بعض أنه كان جسداً بلا رأس ، فإن الجسد لغة ما عدى الرأس . { لهُ خُوارٌ } صوت كصوت البقر ، وقرأ على بن أبى طالب جوأر بالجيم والهمز ، أى صياح ، ويأتى فيه كلام فى طه ، قال فى عرائس القرآن لما ذهب موسى استخلف هارون ، ولما مضى عشرون يوما قالوا قد تم أربعون ، وقد عدوا الليلة واليوم يومين ، وقيل لما مضى ثلاثون يوما قالوا قد تم ، وقال السامرى إن موسى احتبس عنكم فينبغى أن نتخذ إلهاً ، وإنما طمع فى ذلك من يوم مروا على العمالقة ، وقالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً ، فصاغ العجل من ذلك الحلى . وقيل إنه لما انفصل موسى قال السامرى إن حلى القبط الذى استعرتموه غنيمة لا يحل لكم فاجمعوه جميعا ، واحفروا له حفرة ، وادفنوه حتى يرجع موسى فيرى فيه رأيه ، ففعلوا ذلك ، وجاء بالقبضة التى قبضها من تحت حافر فرس جبريل ، وهى أنثى بلقاء لا تصيب شيئا إلا جبى ، جاء جبريل عليها بعد تمام الثلاثين ، ومر عليهم إلى موسى ، فرأى السامرى أثرها ينبت فى الحين ، وقيل قبض من أثرها يوم الغرق ، إذ جاء خلف قوم موسى ، وأمام قوم فرعون ، وخطوها قدر مد البصر ، إلا إذا أريد القصر . وروى أنها مركب الأنبياء ، وأنها شمت خيل فرعون ريحا فخاضت بأثرها ، فقال لهارون اقذفها ، فقال هارون أقذفها بظنها حليا فقذفها فى الحلى ، فصار عجلا بأمر الله ، فقال ابن عباس أوقد نارا وأمرهم أن يقذفوا فيها ، وكان مطاعا فى بنى إسرائيل فقذفوا ، فقال كن عجلا جسدا له خوار فكان ، كذلك للبلاء والفتنة . وروى أنه صاغه عجلا ، فألقى فى فمه القبضة ، وكان صائغاً ، وأنه صاغه فى ثلاثة أيام ، وقيل إن الذى قال إن الحلى غنيمة لا تحل لكم هو هارون ورصعه فى صوغه بالياقوت كأحسن ما يكون . وروى أنه كان من قوم يعبدون البقر ، فأحب عبادة البقر ، وأنه قال أخلفكم موسى الموعد لتصرفكم فى هذا الحلى الذى فى أيديكم ، وأن إبليس خار فى وسط العجل ، وروى أنه جعل مؤخره إلى حائط وحفر وراءه حفرة أنزل فيها إنسانا ، فوضع فى دبره ، فكان الإنسان يتكلم ، وقال السامرى هذا إلهكم وإله موسى ، فشبه على عباد بنى إسرائيل وجها لهم فأضلهم ، وقال إن موسى قد أخطأ ربكم فأتاكم ربكم ، أراد أن يريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه ، وأنه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه ، وكان هنالك ستمائة ألف افتتنوا به وأحبوه حبا شديدا وعبدوه ، إلا اثنى عشر ألفا ، وقيل إلا هارون قال الله سبحانه { ألَم يَروْا أنَّه لا يُكلِّمهم } ويرد بهذا قول بعض أن إنسانا يتكلم من دبره ، وقد مر ولو صح لقالوا إنه المتكلم أعنى العجل ، فلا يقول الله ألم يروا أنه لا يكلمهم { ولا يَهْدِيهم سَبيلاً } فكيف يعبدون من لا يكلم ولا يرشد سبيلا ، وإنما يعبد من كان يتكلم ويرشد ، وخلق الأجسام والقوى والقدر ولا تنتهى معلوماته وهو الله سبحانه بدلائل { اتَّخذوهُ وكانُوا ظالمِينَ } لأنفسهم ، حيث أشغلوها بما يكون وبالا فى الدنيا والآخرة ، أو واضعين الأشياء فى غير مواضعها على الإطلاق ، فليس هذا بأول مناكيرهم ، والواو عاطفة أو حالية بتقدير قد أو بدونه .