Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 160-160)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقطَّعْناهم } بالتشديد للتأكيد ، أى فرقناهم وقرأ أبو حيوة وابن أبى عبلة بتخفيفه ، ورواه إبان عن عاصم { اثْنَتى عَشْرة } بإسكان اثنتين حال من الهاء ، أو مفعول ثان لقطعنا ، لتضمنه معنى صبرنا ، وقرأ يحيى بن وثاب ، والأعمش ، وطلحة بن سليمان بخلاف فتح الشين قرأت هذه الجماعة أيضا ، وطلحة بن مصرف ، وأبو حيوة بكسرها ، وهى لغة تميم ، مع أن من عادتهم إسكان الوسط المكسور من اللفظ الثالث ، والجمهور على الإسكان وهو لغة الحجاز ، وليس أصلها عندهم الكسر ، فضلا عن أن يقال ليس من عادتهم إسكان الوسط المذكور ، فكيف أسكنوا هنا خلافا لما يتوهمه أبو حاتم . { أسْباطاً } بدل من اثنتى عشرة بدل كل لا تمييز ، لأن تمييز العدد المركب مفرد ، والأسباط جمع ، والتمييز محذوف أى اثنتى عشرة أمة أو فرقة أو قطعة ، قاله ابن أبى الربيع ، والشلوبين ، وابن هشام وغيرهم ، لكن قدروا فرقة ، وكذا قال ابن مالك فى شرح التسهيل إنه بدل ، وضعف بأن المبدل منه في نية الطرح غالبا ، وليس هنا فى نيته ، لأنه لو طرح لفاتت الكمية ، ولا يحسن حمل القرآن على غير الغالب . قلت ليس كون المبدل فى نية الطرح بمعنى أنه يصح إسقاطه ، بل بمعنى أن المقصود بالذات هو معنى البدل ، فالمقصود بالذات هنا كون التقطيع على أسباطا لا كمية الأسباط ، وقد يخرج القرآن على غير الغالب ، ولتعذير التمييز مؤنثا أنث العدد ، لأن ما دون الثلاثة يؤنث مع المؤنث ، ويذكر مع المذكر ، وكذا عشرة مع ما دون الثلاثة ، ولو كان تمييزا لقيل اثنى عشرة سبطا بتذكير اثنى وعشر ، وأفرد سبط ، وقال ابن مالك فى شرح الكافية ، إن أسباطا تمييز ، وإن ذكر أمما رجح حكم التأنيث فى أسباطا ، لكونه وصف بأمما جمع أمة ، ويرده أن تمييز العدد المركب مفرد ، نعم أجاز الفراء جمعه ، وظاهر الآية وقول ابن مسعود قضى فى دية الخطأ عشرين بنت مخاض ، وعشرين ابن مخاض ، يشهدان له . وتخريج أبى حبان أن بنى حال عشرين أو نعته ، وتقدير التمييز خلاف الأصل ، وقال الحوفى يجوز كون أسباطا نعتا لفرقة ، حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه على أن فى الكل فرقة من الأثنتى عشرة أسباط لا سبطا واحدا ، وأنث العدد لأن السبط الفرقة والأمة ، وفيه أن النعت بالجامد خلاف الكثير ، والسبط فى ولد إسحاق كالقبيلة فى ولد إسماعيل ، قال الزجاج السبط فى الأصل اسم شجر ، والأظهر أنه عربى عرب ، قيل كانوا اثنتى عشرة قبيلة من اثنى عشر ولدا من ولد يعقوب عليه السلام ، كل واحدة توءم خلاف ما توءمه الآخر ، ولا تكاد تتألف ولذلك قال { أمماً } جمع أمة بدل ثان ، أو بدل من البدل أو نعته ، لكنه جامد ، أو بدل لم يتقدمه بدل إذا جعلنا أسباطا تمييزا ، وبدل من التمييز أو نعته ، وكم من تمييز يتم البيان بقيده من تابع أو غيره ، فبطل إنكار شيخ الإسلام كونه نعتا للتمييز { وأوْحَينا إلى مُوسَى إذ اسْتَسقاه قَومهُ } طلبوا منه ماء للشرب فى التيه ، وعن الحسن أن الآية فى خروجهم من البحر إذ خرجوا فى أرض بيضاء لا ماء ولا بناء ولا طعام { أنِ اضْرِب بعَصَاكَ الحَجَرِ } المعهود عندك الحاضر ، قيل هو حجر واحتمله معه من الطور . { فانْبَجَستْ } انفجرت ، والمراد الافتتاح بسعة وكثرة ، وزعم بعض أن الانبجاس أخف من الانفجار ، ولا تعارض فإنها تسيل أولا قليلا ثم كثيرا ، والأصل فضرب فانبجست ، وحذف العاطف والمعطوف لعدم اللبس ، وليكون الكلام بصورة تسبب الانبجاس عن الإيحاء بالضرب ، دلالة على أن موسى لم يتوقف عن اتباع الأمر ، وأن ضربه لم يوقف الله الانبجاس عليه بالذات ، بل بالعرض لأن يكون معجزة ، ويجوز أن يكون التقدير ، فإن ضربت بها فقد انفجرت . { منْهُ اثْنتا عَشْرة عيناً } لكل سبط عين يخرج ماؤه عذبا يضرب الحجر كلما نزلوا { قَدْ عَلم كلُّ أناسٍ } كل سبط وهو اسم جمع أو جمع تكسير لناس ، على أن أصله أناس بكسر الهمزة أبدلت الهمزة ضمة { مَشْربهم } موضع شربهم ، لا يشرب سبط من مشرب آخر . { وظلَّلْنا عَليهمُ الغَمامَ } جعلناه ظليلا مشرفا عليهم ، يقيهم من حر الشمس { وأنْزلنا عَليهم المنَّ } المطر ضعيفا أو دون المطر أو الندى ينعقد لهم حلوا جافا كالصمغ الرطب ، أو ينعقد عسلا لكنه أبيض كالثلج { والسَّلْوى } جمع سلوات ككلم وكلمة وهى السمَّان ، وهى طائر ، ومن كلام فى ذلك فى سورة البقرة . { كلُوا } أى وقلنا لهم كلوا { مِنْ طيِّبات ما رزَقْناكم } وهى المنّ والسلوى ، وقرأ الأعمش ، وعيسى الهمدانى ما رزقتكم بالتاء ويطروا النعمة ولم يشكروها ، وملوا من طعام واحد { وما ظَلمُونا } ما ضرونا ببطرهم وكفرهم النعمة { ولكنْ كانُوا أنفُسهم يظْلمونَ } يضرون بذلك ، لأنه خلاف ما أمروا به .