Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 188-188)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ لا أمْلكُ لنفْسِى نَفْعا ولا ضَرًّا } أى جلب نفع ولا دفع ضر ، بل أنا عبد ضعيف كسائر المماليك ، وذلك انتفاء عما يختص بالربوبية من علم الغيب ، كوقت الساعة ، والقدرة على النفع والضر على الإطلاق { إلا ما شَاءَ اللهُ } أن أملكه وأقدر عليه من جلب أو نفع ، فالاستثناء متصل باعتبار إنما سبق فى علم الله أنه يجلبه أو يدفعه بإلهام الله وتوفيقه قد ملكه ، وإن أريد إلا ما شاء الله أن يكون فإنه يكون ، أو إلا ما شاء الله من إلهام وتوفيق فالاستثناء منقطع . { ولَوْ كنتُ أعلمُ الغَيْب } على الإطلاق ، وإنما علمت بعضه فقط وهو ما أخبرنى الله به ، فلا حاجة إلى قول بعضهم إنه قال ذلك قبل أن يطلعه الله على غيب ، بل لا يصح { لاسْتكثَرتُ مِنَ الخَيْر } كالمال فآخذ منه الكفاف لنفسى ، وأبثه فى المسلمين حتى أغنيهم عن غيرهم ، وكالصحة فأجتنب أنا والمسلمون ما يزايلها ، وكالثناء الحسن فأتوصل إلى أسبابه أنا والمسلمون تقوية للدين ، فأجتنب كل ما يكون لعدوى مدخلا إلى تنقيصى ، وكالرأى الحسن فلا أخطأ فى تدبير ، وكالنصر والسلامة فأكون أبدا غالبا لأعدائى إذا أمرت بحربهم وغير ذلك ، وكاغتنام المصالح الأخروية ، فأعلم ما يضعفنى عنها أو يفوتها أو يفوت أعلاها فأجتنبه مثل أن يعلم أنه إن نام بعد العشاء فلا ينتبه إلا للفجر فيترك النوم ونحو ذلك . { ومَا مسَّنِىَ السُّوءُ } عطف على جواب لو فهو مستقبل مثبت لنفى نفيه بلو ، أى ولما مسنى السوء وهو فوات نفع دنيوى أحتاج إليه ، أو أخروى ولحوق ضر دنيوى أو أخروى { إنْ أنا إلا نَذِيرٌ وبَشِيرٌ } تنازعا فى قوله { لقومٍ يُؤمنُونَ } ولغيرهم ، ولكن اقتصر عليهم لأنهم المنتفعون بالنذارة والبشارة ، وصح تسليط النذارة على المؤمنين ، لأنهم يوعظون بها ، يقول لهم إن فعلتم كذا عاقبكم الله بالنار ، أو بكذا وكذا ، وتسليط البشارة على غيرهم لأنهم يوعظون بها ترغيبا إن فعلتم كذا فلكم الجنة ، وكذا وكذا ، أو يقدر لنذير محذوف أى إلا نذير للكافرين ، ويراد بقوم مؤمنون قوم يطلب منهم الإيمان ، ويشمل من آمن ومن كفر ، فتصرف النذارة لمن كفر ، والبشارة لمن آمن ، وكأنه قال لا أتجاوز النذارة والبشارة إلى ملك النفع والضر وعلم الغيب ، بل أنا فى ذلك مثلكم . ويجوز أن يكون قوله { وما مسنى السوء } مستأنفا فيراد بالسوء الجنون بلغة هذيل كما فسر به قوله تعالى { إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } كأنه قال ولست بمجنون ، بل نذير بشير ، وما فسرت به الآية من العموم هو ما ظهر لى ، واستحسنه ولا يشكل عليه شئ منها . وروى عن ابن عباس أن أهل مكة قالوا يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص فتشتريه قبل أن يغلوا فتربح فيه ، وبالسنة المجدية فتعد لها من المخصبة ، وبالأرض التى تجدب فترحل إلى أرض تخصب ، فنزلت الآية ، وليس المراد فى الآية فقط ، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على الصحيح ، ويحتمل أن يكون معنى { لاستكثرت من الخير } الأخروى متوصلا إليه بعلم الغيب لو علمته ، لا من الدنيوى كما تقولون أنتم ، وقال ابن جريج ومجاهد المراد بالنفع الهدى ، وبالضر الضلالة ، وبالغيب وقت الموت وبالخير العمل الصالح ، فإنه كما يجتهد فى الصالحات لخفاء وقت الموت مخافة هجومه يجتهد لعلم وقته ، لأنه يظهر ظهورا واضحاً حينئذ أن كل وقت مضى فقد انتقص من الأجل ، وهذا موجود فى خفائه ، لكن ظهوره دون ذلك ، وقيل لو كنت أعلم الغيب لأعلمتكم بوقت قيام الساعة حتى تؤمنوا فيكثر خيرى دنيا وأخرى بذلك ، وما مسنى السوء وهو قولكم لو كنت نبيا لعلمت متى تقوم .