Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-59)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَقَد أرْسلنا نُوحاً إلى قَومِه } غلب قرن جواب القسم بقد الدالة على التوقع ، لأن القسم تأكيد وتعظيم للأمر ، فجوابه مظنة التوقع والانتظار ، وهو نوح بن لامك بن متوشلح بن إدريس بن فرد بن بارد بن مهلائيل بن قيتان بن أنوش بن شيث بن آدم ، وأمه قينوش بنت بركيائيل بن مجوائيل بن إدريس ، وسمى نوحاً لأنه ناح على قومه بعد هلاكهم بدعائه ، وضعف بأن لفظ نوح أعجمى ، وما صرف إلا لخفته فأشبه العربى ، وأجيب باتفاق هذه اللغة لغة العرب فى لفظ النواح ونحوه بمعنى البكاء فى صياح . وقيل سمى لمراجعة ربه فى شأن ابنه كنعان ، وقيل لأنه مر بكلب مجذوم فقال له اخسأ يا قبيح ، فقال الله أعتبتنى أم عتبت الكلب ؟ وقول ابن عباس سمى لكثرة ما ناح على نفسه يحتمل الأقوال ، قيل وهو أول نبى بعث بعد إدريس إلى الناس ، وفى حديث " أن نوحا أول نبى بعث إلى الناس " والمراد أول نبى بعد الطوفان ، ولو كان قبله أيضا أو أول نبى بعث بالعذاب والإهلاك حملا على الإيمان ، قال ابن عباس بعث وهو ابن أربعين سنة ، قال ابن الكلبى بعد آدم بثمانمائة سنة ، وجاء بتحريم البنات والأخوات والأمهات والعمات والخالات . وقال وهب ابن منبه بعث وهو ابن أربعمائة سنة ، وقيل ابن ثلاثمائة سنة ، وقيل ابن خمسين ، وقيل ابن مائتين وخمسين ، وقيل ابن مائة ، قيل كان نجاراً ، والذى حفظته أنه ما كان نجاراً إلا بسفينته قال فى عرائس القرآن أرسله الله إلى أولاد قابيل ومن تبعهم من ولد شيث . قال ابن عباس كان بطنان من ولد آدم أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباح الوجوه ونساؤهم ذماماً ، ونساء السهل صباحا ، ورجالها ذماماً وأتى إبليس رجلا من أهل السهل فى صورة غلام فآجر نفسه منه ، وكان يخدمه ، واتخذ شيئا مثل الذى يزمر به الرعاة ، فجاء منه صوت ما سمع الناس مثله ، فبلغ ذلك من حولهم فأتوهم مستمعين إليه ، واتخذوا عبداً يجتمعون إليه فى السنة ، فيتبرج الرجال وتتبرج النساء ، وهم عليهم رجل من أهل الجبل وهم فى عيدهم فرأى صباحة النساء ، فأخبر أصحابه فتحولوا إليهم ، ونزلوا معهم ، فظهرت الفاحشة فذلك قوله تعالى { ولا تبرجنَّ تبرُّج الجاهلية الأولى } وفى رواية عنه أوصى آدم أن لا يناكح بنو شيث بنى قابيل ، فجعل آدم بنى شيث فى مغارة ، وجعل عليهم حائطاً لا يقربه أحد من أولاد قابيل ، وقال مائة من بنى شيث ، وكانوا صباحا لو نظرنا ما فعل بنو عمنا ، يعنون قابيل ، فهبطوا إلى نساءٍ صباح من بنى قابيل ، وأمسك النساء الرجال ، ومكثوا ما شاء الله ، ثم قالت مائة أخرى لو نظرنا ما فعل إخواننا فهبطوا فاحتبستهم النساء ، ثم هبطوا كلهم ، فهاجت المعصية وتناسلوا ، وأكثر بنو قابيل الفساد ، وبعث إليهم نوح فقال { يا قوم اعبدوا الله } أى وحده . وقوله { مَا لكُم مِنْ إلهٍ غَيرهُ } بيان لوجه اختصاصه بالعبادة وقرأ الكسائى بجر غير اتباعا على اللفظ فى جميع القرآن ، وبه قرأ يحيى ابن وثاب ، والأعمش ، وأبو جعفر ، ووجه الرفع التبعية للإعراب المقدر ، وقرأ عيسى بن عمر بنصب غير على الاستثناء وهو مرجوح . وقوله { إنِّى } وسكن الياء غير نافع وابن كثير وأبى عمرو { أخافُ عليْكُم عَذابَ يومٍ عَظيمٍ } وعدٌ وبيان للداعى إلى عبادته ، لأنه هو المحذور عقابه دون من كانوا يعبدونه ، وذلك تهديد وتخويف لكفار قريش وغيرهم ، وتسلية للنبى صلى الله عليه وسلم ، واليوم العظيم يوم القيامة وعبر بالخوف لأنه لم يدر حينئذ أيتوبون أم لا ، ويوم الطوفان كذا قيل وهو ضعيف ، فإنه لم يدر حينئذ بالطوفان ، والتحقيق أنه أراد باليوم العظيم يوم القيامة أو يوم ما شديد فى الدنيا ، وعليه فعبر بالخوف لما مرَّ ، ولأنه لم يدر لعله عذابهم مختص بيوم القيامة ، وبطل بذكر اليوم فى الآية قول بعضهم إنه عبَّر بالخوف مع أنه موقن بعذابهم إن لم يؤمنوا أنه لم يعلم وقت العذاب أدنيا أم أخرى ؟