Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 85-85)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإلَى مَدينَ } اسم قبيلة سميت باسم أبيها ، ومنع الصرف للعلمية والتأنيث ، وفيه العجمة أيضا ، وكذلك على القول بأنه اسم مدينة على حذف مضاف ، أى أهل مدين ، ويجوز أن يراد به أبوهم على حذف مضاف ، أى إلى أولاد مدين فمانعه من الصرف العلمية والعجمة ، وهو مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام ، وقيل مدين اسم لعين ماء كانوا عليها على حذف مضاف ، أى أهل مدين ، فالمنع للعملية والعجمة ، مع أن العين يؤنث . { أخاهُم } فى نسب على حد ما مر فى أمثاله { شُعيباً } هو شعيب بن ميكيل بن يشخر بن مدين بن إبراهيم ، وأم ميكيل بن إسحاق ، فلوط جد شعيب لأمه ، وقال مكى كان زوج بنت لوط ، وقيل هو شعيب بن صفوان بن عنقاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ، ونسب هذا لأهل الكتاب ، وقيل هو شعيب بن ثوبة بن مدين بن إبراهيم ، وقيل هو شعيب بن يترون بن ثويب بن مدين بن إبراهيم ، واسمه بالسريانية يقرون ، وكان أعمى حدث له العمى بعد تبليغ الرسالة والاجتهاد فيها ، ومضى مدة ، قال جار الله يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه ، وروى عنه صلى الله عليه وسلم " أنه كان إذا ذكر شعيبا قال " ذلك خطيب الأنبياء " لقوله لقومه { ما أريدُ أن أخالفكم إلى ما أنْهاكم إنْ أريدُ إلا الإصْلاح ما اسْتطعتُ وما توفيقى إلا باللهِ عَليه توكلتُ وإليه أنيب } " يريد لحسن مراجعته وجمال تلطيفه . { قالَ يا قوم اعْبُدوا الله ما لَكُم مِنْ إلهٍ غَيرهُ قدْ جاءتْكُم بيِّنةٌ مِنْ ربِّكُم } تدل على صدقى فيما أقول من توحيد الله وعبادته ورسالتى ، وقرأ الحسن قد جاءتكم آية من ربكم ، ولم يذكر الله سبحانه فى القرآن هذه الآية البينة التى هى معجزة لشعيب ، كما لما يذكر معجزات أكثر الرسل ، ولا معجزات أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا رسول إلا بمعجزة ، وقيل أراد بالبينة مجىء شعيب بالرسالة إليهم ، كما قال بعض فى البينة فى قصة صالح ، وعليه فالمعنى أنى جئتكم بما هو بين واضح لا ينكره العقل ، وإلا فالرسالة نفسها تحتاج إلى برهان معجز . وقيل أراد بالبينة الموعظة كالأمر بالإيفاء ، والنهى عن الإفساد ، وعن المنع عن سبيل الله ، وكتذكيره إياهم النعم ، وتنظيرهم فى عاقبة المفسدين ، كما ذكر عقب ذلك ، وقيل بينة محاربة عصى موسى التنين حين أعطاها إياه يرعى بها غنمه ، ويرتفق بها ، وولادة غنمه الأدرع وهو أسود رأسه وأبيض سائره حين وعده أن يكون له الدرع من أولادها ، ووقوع تلك العصى وهى عصى آدم فى يده سبع مرات من جملة العصى ، فتركه يأخذها وهو مرادى بإعطائه إياها ، وغير ذلك من آياتها الواقعة قبل استنباء موسى ، ورد بأن ذلك كله متأخر عن مقاولة شعيب لقومه ، وهو بعد كونه شيخا كبيراً ، فهو كرامة لموسى ، وتمهيد لرسالته ، وقد يجاب بأنه قال { قد جاءتكم بينة من ربكم } بعد وقوع ذلك أو بعضه ، ولا تشترطوا المعجزة أول الدعوة ، وقد تكون أول وقد تتأخر . { فأوْفُوا } أتموا { الكَيْل } والميزان أى الوزن فهو مصدر لآلة كالمعياد والميلاد بمعنى الوعد والولادة ، أى كيلوا كيلا تاما ، وزنوا وزنا تاما ، أو الكيل أطلق على آلة الكيل كما يطلق العيش على ما به الحياة ، أو يقدر مضاف أى آلة الكيل ، وعليهما يكون الميزان آلة ، وهما أنسب بظاهر قوله " أوفوا المكيال والميزان " ويجوز أن يقدر المضاف هكذا فأوفوا الكيل ووزن الميزان ، فالكيل مصدر ، والميزان آلة ، وكانوا أهل كفر بالله وتطفيف للمكيال والميزان ، وقد وسع الله لهم فى العيش والخصب استدراجا . { ولا تَبْخسُوا النَّاسَ أشْياءهُم } لا تنقصوهم حقوقهم بتطفيف الكيل والوزن ، فهو تأكيد لما قبله ، أو لا تنقصوهم أموالهم بالمكس ، وكانوا مكاسين لا يدعون شيئا إلا مكسوم جليلا أو حقيراً ، قليلا أو كثيرا فقوله { أشياءهم } تعميم ، أو لا تنقصوهم أموالهم فى المبايعة ، أو المراد ذلك كله ، وقد قيل إنه دخل الغريب بلدهم أخذوا دراهمه الجياد وقالوا هى زيوف فقطعوها قطعا ، وأخذوها بنقصان ظاهر ، وأعطوه بدلها زيفا . { لا تُفْسِدوا فى الأرْض بَعْد إصْلاحِها } لا تفسدوا فيها بالكفر والظلم والحيف وغير ذلك ، بعد إصلاحها بالإيمان والعدل والعبادة بواسطة الرسل وأتباعهم ، والإضافة بمعنى فى ، أى بعد الإصلاح فيها ، أو على تقدير مضاف ، أى بعد إصلاح أهلها ، أو الإصلاح مصدر مضاف لفاعله على الإسناد المجازى ، بأن جعل الأرض مصلحة ، كما جعل الليل والنهار ماكرين . { ذلكُم } أى ما ذكر من الإيفاء وعدم النحس والإفساد { خَيرٌ } نفع أو أفضل مما أنتم فيه { لكُم } تنموا به أموالكم ، ويكثر عددكم . وتكونون فى أمان وعافية ، وتنجون من عذاب الآخرة ، فإن من عرف منه الأمانة رغب الناس فى متاجرته ، ومن عرفت منه الخيانة أو الجور تباعد الناس عنه ، وإن قلت كيف جاز أن يكون خير اسم تفضيل ؟ قلت من حيث إنهم يظهر لهم ربح فى التطفيف والبخس والإفساد فقيل لهم إن ترك ذلك أربح وأولى . { إنْ كُنتُم مُؤمنِينَ } مصدقين لى ، وإلا فلا يكون عندكم خيراً ، بل تعتقدونه نقصانا لكم ، أو إن كنتم موحدين لله عاملين ، وإلا فلا ينفع عمل بلا قول ، كما لا ينفع قول بلا عمل ، وهذا على أن المراد بالإفساد غير الكفر ، وبالخير النفع الأخروى .