Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 35-35)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومَا كانَ صَلاتُهم عِنْد البيْتِ } الكعبة { إلا مُكاءً } صفيرا من مكا يمكو كدعا دعاء ، ورغا رغاء ، وبكى بكاء ، وصرخ صراخا ونحو ذلك من الأفعال الدالة على الصوت الثلاثية المفتوحة السين الآتى مصدرها بوزن فعال بضه الفاء وتخفيف العين ، وقال قتادة المكاء ضرب الأيدى وهو ضعيف ، وليس بخارج عن القياس فى المصدرية لخروج الصوت من الضرب ، وقيل المكاء الصفير فى الأيدى ، وقرأ إلا مكا بالقصر ، ونسب لأبى عمرو ، والمشهور عنه المد . { وتَصْدِيةً } تصفيقا تفعلة من الصدى كزكى تزكية بتخفيف الياء ، يقال صدى بالتشديد الجبل ونحو تصديه ردد مثل الصوت الذى يلفظ به الإنسان أو غيره ، وذلك أنهم يضربون أيديهم هذا هو المشهور ، وقال قتادة يضجون ويصيحون بما لا يعنى ، وبما لا معنى له ، وذلك التصدية ، وعلى كل حال فقد شبه صوت تصفيقهم أو صياحهم بالصوت الذى يرده الجبل ونحوه فى عدم النفع ، أو فى كونه لا معنى له ، وربما صاحوا بماله معنى ، لكنه كعدم المعنى لأنه غير معتبر ، ويصح على تفسير قتادة أن يكون من صد يصد بكسر الصاد إذا ضج وصاح ، وهو لازم ضعف للمبالغة فعيل صدد يصدد بتشديد الدال الأولى فيهما ، أبدلت الثالثة فيهما حرف علة فقيل صدى يصدى بدال واحدة مشددة ، مثل زكى يزكى ، فالمصدر تصدية كتزكية . وقال سعيد بن جبير التصدية المنع ، فأما أن يكون تفسيرا بالواقع من تصفيقهم أو صياحهم فإنه منع عن الصلاة والقراءة ، أو تفسير بالصد الذى هو المنع وهو الصد المتعدى ، شدد للمبالغة ، فهو من صده يصده بالضم فعيل صدده يصدده بتشديد الدال الأولى فيهما ، أبدلت الثالثة حرف علة فكان المصدر تصدية كتزكية مثل ما مر . وروى أنهم كانوا يدخلون أصابعهم فى أشداقهم ، وذلك المكاء ، ويصفرون ، وذلك التصدية ، وفى رواية عن ابن جبير التصدية منعهم المؤمنين عن المسجد وأمر الدين ، لا بأصوات اللغو ، وعلى كل حال فالمراد بالآية ذكرهم بما يستحقون به العذاب ، ويمتنع به أن يكونوا أولياء الله أو مسجده ، فإن من كانت صلاته الصفير والتصفيق لا يليق وليا له ، وكانوا يعتقدون أن المكاية والتصدية عند البيت صلاة أو دعاء ، وكانوا كما قال ابن عباس يطوفون بالبيت عراة ، الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون ، يعنى قريشا ، وكانوا يتقربون بذلك ، وكان بعض أقوياء العرب يمكو على الصفا فيسمع من جبل حراء وبينهما أربعة أميال . وإن قلنا ليسوا متقربين بذلك ، فمعنى كونه صلاة أنهم أبدلوا الصلاة به وجعلوه مكانها ، وقيل أحدثوا المكاء والتصدية حين جاء النبى والمؤمنون ليشغلوهم به عن الصلاة والقراءة والعبادة ، ونسبه بعضهم لأكثر المفسرين ، وكانوا إذا جاء النبى أو مؤمن يصلى اجتنفه رجلان يمينا وشمالا بالمكاء والتصدية ، وكان نفر من بنى عبد الدار يعارضون النبى صلى الله عليه وسلم فى الطواف ، يستهزئون به ويدخلون أصابعهم فى أفواههم ويصفقون كما قال مجاهد ، وكان إذا دخل المسجد قام رجلان عن يمينه يصفران ، ورجلان عن يساره يصفقان من بنى عبد الدار كما قال مقاتل . صحح بعضهم ما مر من أن المكاء والتصدية عبادة قديمة فيهم ، وبه قال ابن عباس ، ويمكن أن يزيدوا فيهما ليشغلوه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وقرأ الأعمش ، وعاصم ، وإبان بن ثعلب فى رواية عنهم بنصب صلاة على أنه خبر كان ، ورفع مكاء وتصدية على الاسمية بكان ، وفيها الإخبار بالمعرفة عن النكرة ، وهو وارد فى السعة والضرورة ، لكن الراجح عكسه ، وزعم قوم أن هذه القراءة لحن . وروى عن الأعمش أنه قال قال بعض إن هذه قراءة عاصم وقرأ بها فقال له أفإن لحن عاصم تلحن أنت ، وزعم الفارسى أن داعى هذا القارئ إلى ذلك توهمه أنه لو كان صلاة اسم كان لقيل كانت ، وممن قال لا يخبر بالمعرفة عن النكرة الا فى الضرورة ابن هشام ، وأجازه بعض فى السعة إن وصفت النكرة أو أضيفت أو تعلق بها شئ . { فذُوقُوا العَذابَ } يعنى القتل والأسر يوم بدر قاله الحسن ، والضحاك ، وابن جريج ، ولا يلزم منه أن يكون ذلك نزل بعد بدر حكاية لما قيل لهم خلافا لبعض ، بل يحتمل أن يكون قبله ، وقد قالوا ائتنا بعذاب فجاءهم هذا العذاب ، وقد قيل إن أل للعهد ، والقائل لهم فذوقوا العذاب الملائكة ، أو شبه حالهم بحال من قيل له ذلك ، ويحتمل أن يكون بعده قال بعضهم الراجح أن يكون الكل نزل بعده حكاية ، وقيل العذاب عذاب الآخرة ، كأنه قيل يقال لهم فذوقوا العذاب ، والقائل الملائكة { بما كُنْتم } بسبب كونكم { تكْفُرونَ } كفر اعتقاد ، وكفر عمل .