Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 44-44)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذ يُرِيكُمُوهُم } الرؤية بصرية فى غير المنام باتفاق هنا ، متعدية لاثنين بالهمزة ، الأول الكاف والميم علامة ، والواو تقوية ، والثانى الهاء { إذ التَقيْتُم فى أعْينكُم } متعلقان بيرى { قَليلاً } حال من الهاء والتاء فى التقيتم للمؤمنين والمشركين ، تغليبا للمخاطبين وهم المؤمنون ، أو خطابا للكل تنزيلا للمشركين منزلة من حضر مع المؤمنين فى وقت نزول هذه الآية ، أو التاء للمؤمنين فقط ، فالتقدير إذا التقيتم مع المشركين أراهم الله المشركين قليلا ، حين تصافوا للقتال زيادة للتثبيت ، وما الخبر كالعيان ، وتصديقا للرؤيا بأن ستر الله عنهم أكثر المشركين بسائر ، أو يحدث فى أعينهم ما يستقلون به الكثير كما يحدث فى أعين الحوَل ما ترون به الواحد اثنين . قيل لبعض الحوَل إن الأحول يرى الواحد اثنين ، وكان بين يديه ديك واحد ويراه اثنين ، فقال مالى لا أرى هذين الديكين أربعا ، وتقليل الكثير ، وتكثير القليل ممكنان فى قدرة الله بما شاء ، قال ابن مسعود لقد قللوا فى أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبى أتراهم سبعين ، قال أراهم مائة ، فأسرنا رجلا منهم فقلنا كم كنتم ؟ فقال ألفا ذكره جار الله ، ولا يرد على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " إن القوم ما بين التسعمائة إلى الألف " لأن ابن مسعود رضى الله عنه ومن جرى مجراه لم يعلموا بمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو علموا بها وصدقوا بها ، وتوهموا أن الأكثر لم يحضروا هناك ، بل تأخروا ، أو رأوا أن مقالته لم يقلها على طريق الجزم ، بل قالها مستندة إلى قول المشرك إنهم ينحرون يوما عشرا ويوما تسعا ، فتوهموا كذب المشرك ، أو تيقنوا أنهم كما قال ، وأنهم حاضرون كلهم ، وأنهم فى ذلك العدد الذى رأوا سبعين أو مائة تسليما لقول النبى ، وأمر الله ، وأجيز أن تكون القلة فى الآية بمعنى ضعف حالهم ، وعدم ثباتهم للمؤمنين وهو خلاف ما مر عن ابن مسعود . { ويُقلِّلكُم فى أعيُنهِم } ليجترءوا عليكم ، ولا يبالوا بكم ، وتسكن قلوبهم إلى أنهم غالبوكم ، فلا يستعدون ، ذلك بعد أن رأوهم ، وقبل أن تتصافُّوا للقتال ، أو بعد التصاف ، وقبل الشروع فى القتال ، أو المراد بالأعين أعين قلوبهم ، أعنى ما تعتقده قلوبهم ، فإذا تصاففتم أو شرعتم فى القتال ، أو رأوكم فاجأتهم كثرة لم يسعدوا لها ، وشدة سكنوا إلى غيرها فبهتوا وقلت شوكتهم إذ رأوا ما لم يحتسبوا ، وسيأتى فى السورة أنهم رأوهم مثلهم ، فبذلك تزيد الحجة عليهم قوة ، وتزيدون فى الإيمان قوة . قيل لأبى جهل انصرفوا فقد نجت العير ، فقال الآن إذ برز لكم محمد وأصحابه فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم ، وإنما هم أكلة جزور أى ناقة ، والأكلة بفتح الهمزة والكاف جمع أكل كطلب وطلبة ، يعنى أنهم قليل قدر ما تشبعهم ناقة منحورة ، ثم قال فلا تقتلوهم واربطوهم فى الحبال . { ليَقْضى الله أمْراً كانَ مفْعُولا } ذكر هنالك تعليلا لجمعهم على الحالة السابقة هنالك وهنا ، تعليلا للتقليل فى أعينهم والإراءة ، فإنه تنازع فيه يركموهم ويقللكم ، أو ذكر هنالك مرادا بالأمر فيه نصر المؤمنين ، وهنا إعزاز الإسلام ، والمصدق واحد ، أو مرادا بالأمر هنالك التقاءهم على الحالة السابقة ، وهنا إعزاز الإسلام ونصر أهله ، وقيل المراد واحد ، والتكرير للتأكيد ، ورجحه بعضهم . { وإلَى اللهِ تُرجَع الأمورُ } فى الآخرة فيجازى عليها ، ويعاقب ، وقرأ الحسن ، وعيسى بن عمر ، والأعمش بفتح التاء وكسر الجيم من رجع اللازم ، وأما قراءة نافع بالبناء للمفعول فمن المتعدى ، أو من أرجع بإدخال همزة المتعدية على رجع اللازم .