Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 46-46)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وأطِيعُوا اللهَ ورسولَه } فى أمر القتال وغيره { ولا تَنازعُوا } الأصل تتنازعوا ، حذفت إحدى التاءين ، وقرئ بإثباتهما مع إدغام الأولى فى الثانية اعتمادا على لا قبلها ، والتنازع باختلاف الآراء كما فعلوا بأحد وببدر قبله . { فَتفْشلُوا } منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة فى وجوب النهى ، ولذا عطف عليه بالنصب فى قوله { وتَذْهبَ ريحُكُم } وقرأ هبيرة عن حفص ، عن عاصم بالجزم فى تذهب ، فيكون تفشلوا معطوفا على تنازعوا ، وتذهب معطوفا عليه ، فكلاهما مجزوم ، وكذا قرأ عيسى بن عمرو بالجزم ، لكنه قرأ بالمثنات تحت ، لأن الريح يذكر ويؤنث ، بل تحتمل هذه القراءة التأنيث أيضا كما يقال طلع الشمس ، وقرأ أبو حيوة بالنصب والمثناة تحت ، ورواه إبان وعصمت عن عاصم ويجوز فى النصب مطلقا أن يكون على أن الواو واو الجمع التى ينصب المضار بعدها ، وفى الجزم مطلقا أن يكون عطفا على تنازعوا ، كأنه قيل ولا تذهب ريحكم على حد لا أرينك هاهنا ، والجمهور على أن الريح مستعارة للدولة أو النصر ، والقوة استعارة تصريحية أصلية تحقيقية ، فإن الدولة فى تمشى أمرها ونفاذه كالريح هبوبها ونفوذها ، فجعلت الدولة من جنس الريح على طريق مبالغة العرب ، وادعائها ، فأطلق عليها لفظ الريح ، يقال هبت ريح فلان ، والريح لفلان ، إذ دالت له الدولة ونفذ أمره . قال الشاعر @ أتنظران قليلا ريث غفلتهم أم تعدوان فإن الريح للعادى @@ وقال عبيدة بن الأبرص @ كما حميناك يوم النعب من شطب والفضل للقوم من ريح ومن عدد @@ وقال الشاعر الأنصارى @ قد عودتهم ظباهم أن تكون لهم ريح القتال وأسلاب الذين لقوا @@ وقال الشاعر @ إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكونا @@ وعن زيد بن على ويحكم رعبكم الذى فى قلوب أعدائكم ، يذهب بأمر الله من قلوب العدو إذا تنازعوا ، ولو لم يعلم العدو بالتنازع ، وقيل إن علم وإلا فالذاهب قوة المتنازعين ، وقد فسر مجاهد الريح بالنصر والقوة ، وقد ذهبت ريح أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أحد ، وفسره السدى بالجراءة والجد ، ومقاتل بالجدة ، وابن زيد وقتادة بالريح الحقيق ، فإن النصرة لا تكون إلا بريح يبعثها الله ، يضرب بها وجوه العدو ، وعنه صلى الله عليه وسلم " نصرت بالصباء وأهلكت عاد بالدبور " قال بعضهم فالريح فى الآية الصبا إذ بها نصر محمد وأمته ، وقيل هذا فى غزوة الخندق خاصة ، والمشهور العموم ، وقد خرج أبو داود عن النعمان بن مقرن أنه قال شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح ، وينزل النصر ، قال أبو حاتم فى كتابه ، عن إبراهيم فتفشلوا بكسر الشين وهذا غير معروف . { واصْبِرُوا } فى اللقى { إن الله مع الصابرين } بالحفظ والنصر ، قال جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإن جاءوكم يزحفون ويصيحون ويبرقون فالزموا الأرض جلوسا ، واعلموا أن الجنة تحت الأبارقة " ذكره الشيخ ، وذكره البخارى ومسلم ، عن عبد الله بن أبى أوفى هكذا " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أيامه التى أفنى فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم وقال " أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ثم قال " اللهم منزل الكتاب ، ومجرى السحاب ، وهازم الأحزار ، اهزمهم وانصرنا عليهم " انتهى أو هكذا ينبغي أن يكون المسلم فى ولاية الإمارة والقضاء ، لا يتمنى ولا يطلب ، فإن امتحن صبر على إقامة الحق .