Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 75-75)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ والَّذينَ آمنُوا مِنْ بَعْدُ وهاجَرُوا وجاهَدُوا معَكُم فألئكَ منْكُم } من جملتكم معشر المهاجرين والأنصار ، هم الذين جاءوا من بعد من سبق إلى الهجرة { يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } وهم الذين هاجروا بعد صلح الحديبية ، وهى الهجرة الثانية إذا حسبت هجرة الأولين ، وهجرة أصحاب الهجرتين واحدة ، وهم دون الأولين وأصحاب الهجرتين ، أخبر الله أنهم منكم لئلا يهاون بهم وليرغبوا ، وذلك أن الحرب وضعت أوزارها نحو عامين قبل الفتح ، فكانت أقل رتبة من الهجرة بعدها ، كما يدل عليه استحقاق بلفظة مع ، وبلفظ منكم ، لكن قد تضاف مع إلى التابع . وقيل المراد من بعد نزول الآية ، " وقيل من بعد غزوة بدر ، والصحيح ما مر ، ولا هجرة بعد فتح مكة ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية " وقدم سهيل بن عمرو ، وصفوان ابن أمية ، ورجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم من مكة فقال " ما جاء بكم ؟ " قالوا سمعنا أنه لا يدخل الجنة إلا من هاجر ، فقال " إن الهجرة قد تقطعت ولكن جهاد ونية حسنة " ثم قال أقسمت عليك أبا وهب - يعنى صفوان بن أمية - لترجعن إلى أباطح مكة ومن كان فى بلد يخاف فيه على إظهار دينه وجب عليه أن يهاجر إلى بلد لا يخاف فيه " وهذا مراد الحسن بقوله إن الهجرة باقية إلى يوم القيامة ، بل قد صرح إن الهجرة المنسوخة الهجرة التى كانت مع النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ومن قال بوجوب الهجرة بعد الفتح أنه يأمن على دينه ، فهو فى البراءة ، ومن أخذ المشركون وطنه جاز له القعود فيه معهم ما أمن على دينه فيه ، ولو سافر ورجع ما لم ينزعه ، ولا يجوز السفر إلى أرض الشرك ، وهى الأرض التى سكنها المشركون وتغلبوا عليها ، وكان الحكم فيها إلا لقتالهم أو دعائهم ، ورخص بعضهم فيها ما دام يأمن على إظهار دينه لما مر عن الحسن ، فلا تكون دار شرك ، ورخص بعض العمانيين ما دام يتوصل إلى دينه سراً . وعن الحسن ، " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم ، فمن ساكنهم أو جامعهم فأنا برئ منه " وبعث سرية إلى ناس فى خثعم كانوا فيهم ، أو لجئوا إليهم ، فلما رأوهم استعصوا السجود فقتل بعضهم ، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال " أعطوهم نصف العقل إلا أنى برئ من كل مسلم مع مشرك فى داره " قيل لِمَ يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ؟ قال " لا ترى نارهما إلا عن حرب إلا صاحب جزية مقر بها " وعن بعضهم إنه كان الرجل بين المشركين والمؤمنين يقول أيهم ظفر كنت معه ، وإن قوله { إلا تفعلوه تكن } الخ نزل فى ذلك ، وبه قال قتادة . وقيل نزل لما أمر بقتال المشركين كافة ، وكان قوم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش ، فإذا أرادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا تريد منا ونحن كافرون عنكم ، وقد نرى ناركم ، وكانت الجاهلية تعظم لحرمة الجوار إذا رأوا نارا فهم جيران لأهلها ، وإذا أرادهم المشركون قالوا ما تريدون منَّا ونحن على دينكم ، فنزل { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير } { وأولُوا الأرْحام بعْضهُم أولَى ببعْضٍ فى كِتابِ الله } قال ابن عباس هذه ناسخة للمواريث بالهجرة والمؤاخات ، والمراد أولى فى الإرث ، وكتاب الله حكمه ، وقيل اللوح المحفوظ ، وقيل القرآن ، فقال أبو حنيفة أولوا الأرحام القرابة غير ذوى الفروض ، وذوى التعصيب كالخال والخالة ، والعمة وبنت البنت ، يرثون إذا لم يكن ذوو فرض ولا عاصب . وقال الشافعى أولوا الأرحام هم ذوو الفروض والتعصيب المذكورون فى النساء ، قال وكتاب الله القرآن إشارة إلى آيات المواريث فى النساء ، وبه قال شيخه مالك ، وقالت فرقة إن الأمر كما قال أبو حنيفة وأعم ، لكن نسخ بآيات المواريث ، ومن لم يورث ذوى الأرحام كالخال والخالة جعل المال لبيت المال ، وبه قال أهل المدينة ، وزيد بن ثابت . ومذهبنا معشر الأباضية والجمهور توريثهم لهذه الآية ، ولتوريثه صلى الله عليه وسلم ذا رحم ممن لا فرض له منه ولا عصبة ، وقوله صلى الله عليه وسلم " الخال وارث من لا وارث له " ولاجتماع سبب القرابة ، وسبب الإسلام فيهم ، فهم أولى ببيت المال ، وقضى بذلك عمر ، وابن مسعود رضى الله عنهما . واختلفوا فمنهم من يورثهم بالتنزيل وهو الأكثر ، ينزلون كل فرع منزلة أصله ، ويسمى هذا مذهب أهل التنزيل لذلك ، ومنهم من يورثهم بالقرابة وهو مذهب أبى حنيفة ، وهو مذهبنا يورثون الأقرب فالأقرب كالعصابة ، وسمى هذا المذهب أهل القرابة لذلك ، والأول أصح عند كثير وأولوا الأرحام أربعة أصناف الأول بنو البنات ، وبنات بنى الابن ، وبنو بناته ونسولهم ، يقدم الأقرب منهم ، فيعطى المال كله على المختار عندنا ، كبنت بنت لها المال وحدها مع ابن بنت ابن ، وعلى التنزيل فلها ثلاثة ارباع وله الربع . الثانى بنات الإخوة وبنو الإخوة للأم وبنو الأخوات ، يعطى الأقرب ، فإن استووا قدم من أدنى بشقيق ، وان استووا فسواء ، وعلى التنزيل ينزل كل منزلة أبيه وأمه ، ويرفعون بطنا بطنا إلى الموروث ، ويقدم السابق ، وإن استووا أعطى كل ميراث من نسب إليه . الثالث الأجداد المحجوبون بأقرب ، والجدان السواقط بالسفلى المال لمن هو أقرب ، وان استووا فلذى جهة الأب الثلثان للذى جهة الأم الثلث ، وعلى التنزيل ينزل كل منزلة والده ، ويقدم الأسبق . الرابع الأخوال والخالات ، والعمات ، فإذا اجتمعوا فالثلثان عند بعض للعمات ، والثلث للأخوال والخالات ، ومحل ذلك كتب الميراث ، وهذه الأصناف على هذا الترتيب . { إنَّ اللهِ بكلِّ شئٍ عليمٌ } من المواريث وغيرها كالحكمة فى تعليقها أولا بالهجرة والمؤاخات ، وثانيا بالقرابة .