Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 120-120)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ما كانَ لأهْلِ المدِينَةِ ومَنْ حَوْلهم مِنَ الأعْرابِ } كمزينة ، وجهينة ، وأسلم ، وغفار وغيرهم { أنْ يتخلَّفوا عَنْ رسُول اللهِ } إذا غزا بنفسه ولو لم يأمرهم { ولا يرْغَبوا } عطف على يتخلفوا ، ولا نافية أو استئناف ولا ناهية { بأنفُسِهم عَنْ نفْسِه } بأن يصونوها عما لم يصنها من شدائد ، بل يجب عليهم أن يكابدوا معه الشدائد ، ولا يقيموا لأنفسهم وزنا إذ كابدها بأعز نفس ، والنفى فى الموضعين بمعنى النهى ، وهو أبلغ من صريح النهى مع تقبيح التخلف والتوبيخ عليه ، وذلك خاص بالنبى . وقيل إذا قل الإسلام مطلقا ، وقيل حق لكل إمام إذا عزا بنفسه لا يتخلف عنه أحد ، وقيل ما كان لهم التخلف عنه إذا دعاهم للخروج ، وهكذا سائر الأئمة ، وذلك فى الغزو للإدخال فى الإسلام ، وإما إن نزل العدو بجهة فمتعين على كل أحد القيام بذبِّة ، وقيل ذلك إخبار بأن ما صدر عنهم من التخلف عن تبوك قبيح غير جائز ، وهو أيضا متضمن للنهى عن مثله . { ذَلكَ } النهى عن التخلف ، أو وجوب المتابعة بأنهم أى لأنهم { لا يُصيبُهم ظَمأ } أى عطش ، وقرأ عبيد بن عمير ظماء بالمد { ولا نَصبٌ } تعب { ولا مخْمصَةٌ } جوع ، فهو مصدر ميمى ، والخموص الضمور ، وإذا جاع الإنسان كان بطنه ضامرا { فى سَبيلِ اللهِ } طريق الجهاد . { ولا يَطئونَ } يضعون قدما بأنفسهم أو بمراكيبهم { مَوْطِئا } موضع وطء أو وطئا فهو اسم مكان أو مصدر { يَغيظُ الكفَّارَ } لكونه فى أرضهم ، والجملة صفة موطئا ، ويجوز تفسير الوطء بالإهلاك ، إذ هو مما قد يترتب على الوطء بالأقدام . { ولا ينَالُون مِنْ عدوٍّ نَيلاً } مصدر فهو مفعول مطلق ، أو بمعنى اسم مفعول به من نال ينال ، لا من نال ينول نولا ، وأبدلت الواو ياء لخفتها هنا كما زعم بعض ، كقتل وأسر وغنيمة وهزيمة ، وما يوهنهم أو يغمهم . { إلا كُتِبَ لَهم به } أى بكل واحد مما فعلوا من ذلك { عَملٌ صَالحٌ } أى ثواب عمل صالح فحذف المضاف ، أى ثواب عمل صالح من مطلق الأعمال الصالحة ، والخاص غير العام ، فساغ الكلام ، ولو كان الواحد من ذلك هو نفس عمل صالح ، هذا ما يظهر لى فى بيان الكلام ، وظهر لى وجه آخر وهو أن يكون قوله به من التجريد البديعى وهو أبلغ ، كأنه تجرد لهم بهذا العمل الصالح الذى هو واحد مما ذكر إصابة الظمأ ، أو ما بعدها عمل صالح آخر لقوته ، فالمراد من كتابته الجزاء عليه ، كأنه قيل كتب لهم ليجازوا عليه . روى أن ذنوب المجاهد جسر على باب بيته ، إذا خرج قطعها ، فهو كيوم ولد له بكل خطوة أو عمل سبعمائة حسنة ، وإن مات ولو بغير قتال فى وجهته فشهيد ، وفراغ زاده خير خمسين حجة ، ولا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان جهنم ، في منخر عبد مسلم ، ومن اغبرت قدماه ساعة فيه حرم على النار ، والذكر فيه بسبعمائة كالنفقة فيه ، وروحة أو غدوة فيه خير من الدنيا وما فيها ، وما ازداد فيه بعدا عن أهله إلا ازداد من الله قربا ، ودمه فيه يجىء يوم البعث لونه لون الدم وريحه ريح المسك وأفضل الناس من جاهد بنفسه وماله ، ثم رجل فى شعب يعبد الله وسلم الناس من شره ، " وجاء أعرابى بناقة مخطومة ، فقال هذه فى سبيل الله ، فقال صلى الله عليه وسلم " لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة مخطومة " . { إنَّ اللهَ } تعليل جملى لكتب { لا يُضيعُ أجْر المحْسِنينَ } أى محسن كان ، وبأى إحسان كان ، أو المراد هؤلاء الذين يجاهدون ، فوضع الظاهر موضع الضمير مدحا لهم بالإحسان ، وتنبيها على أن الجهاد إحسان ، لأنه حفظ للإسلام والمسلمين ، وحرمهم وأموالهم ، وسعى فى إصلاح الكافر بغاية ما يمكن ، كضرب الدابة والمجنون حال إضرارهما بإنسان أو دابة زجرا ، والآية دليل على أن من قصد خبرا كان سعيه فيه مشكورا ، من قيام ، أو قعود ، أو مشى ، أو كلام بعكس الشر ، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لابنى عامر إذ قدما بنية الحرب وقد انقضت . وأمد أبو بكر رضى الله عنه المهاجرين أبى أمية ، وزياد بن أبى لبيد ، بعكرمة بن أبى جهل مع خمسمائة نفس ، فلحقوا المهاجر ومن معه وقد فتح ، فأسهم لهم ، وقال الشافعى لا يشارك المدرك الغانمين فأما إسهام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعله من سهم الله ورسوله ، فتوهم الرأى والراوى أنه من سهم الغزاة ، وأما إسهام أبى بكر لعكرمة وخمسمائة فلأنه الذى أرسله .