Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 19-19)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أجَعلْتُم سِقايةَ الحَاجِّ } السقاية مصدر كالوقاية بمعنى السقى ، والحاج جنس الحجيج ، وإنما لم تقلب الياء همزة مع أنها بعد ألف زائدة فى الآخر ، لأن التاء فى هذه الكلمة ليست فى نية الانفصال ، لأن الكلمة بنيت عليها كما قال أبو الفتح ، قال المرادى فلو كانت هاء التأنيث غير عارضة امتنع الإبدال نحو هداية وسقاية ، وحكم الواو فى فى ذلك حكم الياء ، لكن رجح أنه حيث وقع الإبدال فإنما أبدلت الواو والياء ألفين ، ثم قلبت الألف همزة لئلا تجمع مع الألف قبلها . { وعِمارةَ } مصدر عمر { المسْجِدِ الحَرامِ } ليس ذكره كما قد يقال موجبا لأن يراد بالمسجد فيما مر المسجد الحرام ، لأن هذا كلام مستقل فى خصوص المسجد الحرام { كمَنْ آمنَ باللهِ واليَوْم الآخر وجَاهَدَ فى سَبيلِ اللهِ } السقاية والعمارة حدثان فلا يشبهان بالجثة ، فيقدر مضاف أول الكلام ، ليكون الكلام من أول الأمر مبنيا على المراد ، أى أجعلتم ذا سقاية الحاج وعمارة الخ أو أهل سقاية إلى آخر . أو يؤول المصدران باسم الفاعل ، أى جعلتهم ساقى الحاج وعامر المسجد الحرام ، أو يقدر المضاف آخرا ، لأن الآخر نسب بالتغيير ، أى اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كفعل من آمنَ بالله واليوم الآخر ، وجاهد فى سبيل الله وفعله هو الإيمان ، وهو فعل قلبى والجهاد ، ويؤيد التأويل باسم الفاعل قراءة ابن الزبير ، وأبى وجزة السعدى ، ومحمد بن على ، وأبى جعفر سقاة الحاج كقضاة ، وعمرة المسجد الحرام كطالب وطلبة بفتحات ، وكذا قرأ ابن جبير ، غير أنه نصب المسجد الحرام على إرادة تنوين عمرة وقرائته من حيث حذف التنوين للساكن تخفيفا شاذة ، والأولى له إثباته مكسورا ، وقرأ الضحاك سقاية الحاج وعمرة الخ بضم السين وإثبات الياء جمع ساق شاذا وفتح العين والميم جمع عامر مثل ما مر ، ورويت هذه القراءة عن أبى وجزة ، وأبى جعفر أيضا ولا تحتاج هذه القراآت إلى تأويل ولا تقدير . قيل إن كفار قريش قالوا لليهود إنا نسقى الحجيج ونعمر البيت ، أفنحن أفضل أم محمد ودينه ؟ فقالت لهم أحبار اليهود بل أنتم ، فنزلت الآية ، وذكر الطبرى وغيره عن النعمان بن بشير أنه قال كنت عند منبر النبى صلى الله عليه وسلم فى نفر من أصحابه يوم الجمعة ، فقال أحدهم ما أتمنى بعد الإسلام إلا أن أكون ساقى الحاج ، وقال آخر لا أتمنى بعده إلا أن أكون خادم البيت وعامره ، وقال الثالث لا أتمنى بعده إلا أن أكون مجاهدا فى سبيل الله ، ورفعوا أصواتهم ، فقال عمر رضى الله عنه لا ترفعوا أصواتكم عند منبر النبى صلى الله عليه وسلم ، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فأستفتيه فيما اختلفتم ، ودخل واستفتاه ونزلت الآية مفضلة لمن جمع بين الإيمان والجهاد ، على من جمع بين الإيمان وغيره مما ذكر . وقال ابن عباس ، والضحاك إن المسلمين عيروا أسرى بدر بالكفر ، فقال العباس بل نحن سقاة الحاج وعمرة البيت ، وفى رواية عن ابن عباس إن العباس قال يوم أسر لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقى الحاج فنزلت الآية مخبرة كيف يلتحق سقى الحاج وعمارة المسجد بالإيمان والجهاد ، ولا سيما أنه لا ينفع عمل مع شرك . وقال محمد بن كعب القرظى ، زاد بعضهم الحسن ، والشعبى أن العباس ، وعليا ، وطلحة بن شيبة ، وقيل بدله عثمان بن طلحة ، وقيل شيبة بن طلحة ، تفاخروا فقال العباس أنا صاحب السقاية والقيام عليها ، وقال طلحة ، أو عثمان أو شيبة أنا صاحب البيت وعامره ومفتاحه بيدى ، ولو شئت بت فيه ، وقال على ما أدرى ما تقولون كأنه استحقار لذلك ، لكونه مقرونا بالشرك ، لكنى صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وآمنت قديما ، وهاجرت ، وجاهدت الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية تفضيلا لعلى فيما قالوا ، فإن صح فلا دليل فيه على أنه ولى ، وأنه متولى ، لأن المقصود تفضيل الفعل على الفعل ، ولو تعلق التفضيل بالذات . " ولما نزلت الآية قال العباس رضى الله عنه أما أرانى إلا أترك السقاية ، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " أقيموا عليها فهى لكم خير " " وكان المفتاح فى بنى عبد الدار ، يتولاه عثمان بن طلحة ، قيل وشيبة بن عثمان ، ويأتى ذلك فى الفتح إن شاء الله . وليس فى سقاية الماء بخل ولا فقر ، فإنه عند الحاجة إليه أفضل من اللبن والعسل ، ولا يقوم شىء مقامه ، بل النبيذ أيضا أفضل منهما عند العطش ، وأقرب إلى الماء فى إزالة العطش ، قيل هو تمر ينقع فى الماء غدوة ، ويشرب عشاء ، وينقع عشاء ، ويشرب غدوة فهذا حلال ، فإن غلا وحمض حرم ، " وقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم السقى به إحسانا أو إجمالا ، وأمر به ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قدم على راحتله وخلفه أسامة فاستقى ، فأتى بنبيذ فشرب وسقى فضلة أسامة فقال " أحسنتم أو أجملتم كذا فاصنعوا " . { لا يسْتَوُونَ } لا تستوى أفعالهم { عِنْد اللهِ واللهُ لا يَهْدى القَوْم الظَّالمينَ } المشركين لا يوفقهم إلى صواب ينفعهم ما دام غير منقذ لهم من الشرك ، أى لا يجعل هداية مع شرك ، فإذا أراد هداية مشرك وفقه للتوحيد فينفعه عمله الصالح فى التوحيد ، وقيل القوم الظالمون أحبار اليهود إذ قالوا لقريش أنتم خير من محمد ، وقد مر ، وقيل المراد من يستوى بين المؤمن والمشرك .