Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 35-35)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَومَ } متعلق بعذاب ، قيل أو بأليم ، أو متعلق بمحذوف حال من عذاب أو نعت ثان له { يُحْمى } أى يوقد { عَليها } لا ضمير فى يحمى ، لأن النائب عن الفاعل هو الجار والمجرور ، والكلام فى الضمير فى عليها مثله فى الضمير فى ينفقونها ، وأصل الكلام يوم تحمى بالنار ، أى تحمى تلك الكنوز النار ، ثم جعل الإحماء للنار مبالغة ، فأسند إليه كأنه قيل يوم تحمى النار ، ثم حذف لفظ النار ، وأنيب الجار والمجرور تنبيها على المقصود ، فذكر الفعل ولم يؤنث ، لأنه لا يؤنث لتأنيث المجرور بحرف غير زائد ، ولا لتأنيث المحذوف النائب عنه غيره ، تقول مر بهند لا مرت بهند ، ورفع إلى الأمير بنيابة المجرور أو الجار والمجرور ، لا رفعت إلى الأمير ، ولو كان المرفوع الفضة ، وعن ابن عباس ، والحسن تحمى بالفوقية نظرا إلى أن الأصل تحمى النار . { فى نَارِ جَهنَّم فتُكْوى } وقرأ أبو حيوة بالتحتية { بِها جِباهُهم } وقرأ قوم جباؤهم بإدغام الهاء الأولى وإشمامها الضم { وجُنُوبُهم وظُهورهُم } خصت هذه الجهات والله أعلم ، لأنهم طلبوا بجمع المال وحبسه ، الوجاهة عند الناس ، وأن يكون ماء وجوههم مصونا ويتلقون بالجميل ، ويستحيى منهم ، فلذا تكوى جباههم ، وطلبوا بجمعه وحبسه أيضا أكل الطيبات ، ولإكثار منها حتى تنفخ جنوبهم ، فلذا تكوى جنوبهم ، وطلبوا بذلك أيضا اللباس الناعم يطرحونه على ظهورهم ، فلذا تكوى ظهورهم ، أو لأنهم إذا سئلوا يتبين أثر المنع ، وكراهة الإعطاء فى جباههم ووجوههم بالتعبس ، واجتماع جلدة الجبهة ، واذا كرروا السؤال مالوا بجانبهم إلى جهة غير جهة السائل ، وإن ألحوا ولُّوهم ظهورهم . وقيل لأنهم يتعبَّسون عن الفقراء إذا رأوهم ، وإذا جمعهم مجلس مالوا عنهم وولُّوهم ظهورهم ، وزعم بعضهم أنها خصت لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة لاشتمالها على الدماغ والقلب والكبد ، وزعم بعضهم أنها خصت لأنها أصول الجهات الأربع ، وهى مقادم البدن ومآخره وجنباه ، وقيل ليس المراد خصوص تلك المواضع ، بل المراد التعميم ، وتلك المواضع ، تمثيل كما تقول ضربت زيدا الظهر والبطن ، وتريد تعميمه بالضرب . روى أن الكنوز يوقد عليها فى جهنم حتى تبيض من شدة الحر ، ويبسط جلد صاحبها فيكوى بها ، بكل دينار أو درهم فى موضع على حدة ، حتى لا يمس الدينار أو الدرهم أو الدينار ، كما قال ابن مسعود ، وابن عباس . وعن أبى هريرة تصفح له صفائح فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره ، كلما بردت أعيد عليها الإحماء حتى يقضى بين الخلائق فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، وذلك كنزه بنفسه فى الدنيا ، يحضر فى الآخرة ، ثم يدخل معه النار يكوى به ، ويعذب أبدا ، وذلك إن لم يزكه ، ويمثل له أيضا ثعبانا أعظم ذاهب الشعر لكثرة سمه أو لطول عمره ، له نابان يأخذ باللحمتين اللتين تحت الأذنين ويقول له أنا مالك ، أنا كنزك ، ولعله تارة يكوى بها ، وتارة يمثل ثعبانا أو هذا الذى يمثل ثعبانا سائر ماله الذى تجب زكاته لأنه للتجارة ، ولم يزكه . ومن منع زكاة غنمه أو بقره أو إبله ، بطح فى أرض مستوية فتطؤه الإبل وتعضه وتطؤه الغنم والبقر وتعضه ، وتنطحه ، ويجعلها الله كلها بقرون ، ولا قرن فيها مكسور ولا ملتو ، كلما مر عليه أول الإبل أو الغنم أو البقر رد عليه أخراها ، حتى يقضى الله بين الخلائق فى يوم مقداره خمسون ألف سنة . وقال الأحنف بن قيس دخلت مسجد المدينة ، وإذا رجل خشن الهيئة رثها ، يطوف فى الخلق وهو يقول بشر أصحاب الكنوز بكى فى جباههم وجنوبهم وظهورهم ، ثم انطلق وهو يتكلم ويقول وما عسى تصنع بى قريش ا هـ ، والرجل أبو ذر ، وفى رواية عن الأحنف بن قيس قدمت المدينة فبينما أنا فى حلقة فيها الملأ من قريش ، إذ جاء رجل خشن الثياب والجسد والوجه ، فقام عليهم فقال بشر الكنازين برضف أى حجارة ، يحمى عليها فى نار جهنم ، فتوضع على حلمة الثدى ، وتخرج بين كتفيه ، وتوضع على كتفيه ، وتخرج من الثدى ، تتزلزل ، فوضعوا رءوسهم فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا ، فأدبر فقلت من هذا ؟ قالوا أبو ذر ، فاتبعته حتى جلس إلى سارية ، وقلت له ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت ، قال إن هؤلاء لا يعقلون شيئا ، وما قلت إلا ما سمعت من نبيهم . { هَذا ما كَنَزْتم لأنفُسِكُم } لتنتفع به وتتلذذ ، كأن عين مضرتها وسبب تعذيبها ، يقال لهم ذلك توبيخا ، والتقدير ويقال لهم هذا ما كنزتم لأنفسكم ، أو مقولا لهم هذا ما كنزتم لأنفسكم { فذُوقُوا ما } اسم موصول ، أو حرف مصدر { كُنتُم تَكنِزُونَ } وقرىء بضم النون الأولى ، والمعنى ذوقوا وبال المال الذى كنتم تكنزونه ، أو وبال كونكم تكنزون .