Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 43-43)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ عَفَا اللهُ عَنْك } كناية عن أنه فعل ما ينبغى أن لا يفعله وهو الإذن لهم فى القعود ، كما بينه بقوله { لِمَ أذِنْتَ لَهم } وهذا عتاب وزجر عن المعاودة بعد العفو ، وذلك عتاب على ترك الأولى لا ذنب ، وذلك من اللطف والإكرام بمكان ، بدأ بالعفو قبل ذكر ما عنه العفو ، وقال عمرو بن ميمون الأودى صدع رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه فى قضيتين دون أن يؤمر فيهما بشىء هذه وأمر أسارى بدر فى الفداء ، فعاتبه الله فيهما . وليس العتاب بعد حصول العفو مستحيلا ، بل مستعمل كثير ، وفائدته تأكيد الزجر والتوقيف على عين لا عن العفو ، كما يعاتب السعيد يوم القيامة ، وقد بشر فى قبره أو عند موته بالجنة ، ذلك هو الذى ظهر لى . قال الشيخ هود رحمه الله ، وجار الله ، والقاضى ما حاصله إن العفو كناية عن أنه لم يصب فى الإذن ، وأن العفو إنما يكون عن ذنب ، وهو من روادف ذلك ، ولا بأس بذلك ، لأن المراد أن إذنه ولو كان غير ذنب لكنه كالذنب فى حقه صلى الله عليه وسلم ، بل جوز بعضهم الصغائر فى حق الأنبياء ، وقال السعد أجاز الكثيرون الصغائر على الأنبياء سهوا منهم عليهم السلام ، ولكن فى عبارة جار الله خشونة ، إذ قال أخطأت وبئس ما فعلت ، وما كان يحسن له أن يعبر بذلك ، وقد راعى الله سبحانه وتعالى مخافته ووقاره بتقديم العفو ، وذكر الإذن المنبىء عن علو المرتبة ، وقوة التصرف ، وأراد الكلام فى صورة الاستفهام ، وإن كان القصد إلى الإنكار . وقيل قوله { عفا الله عنك } استفتاح كلام بخير ، كما تقول أعزك الله ، وأصلحك الله ما فعلت فى أمرى ، ولا ذنب هناك ، أو فيه ترك الأولى ، وفى حديث " عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق " مع أنه لم تلزم صدقة فيهما قط ، بل قال القشيرى إنما يقول إن العفو ولا يكون إلا عن ذنب ، ولم يعرف كلام العرب ، وإن معنى { عفا الله عنك } لم يلزمك ذنب ، كما يقال لا بأس عليك . وقيل المعنى عافاك الله ، وقيل أدام لك العفو كيف يكون إذنه ذنبا ، مع أن ذلك من جنس ما يتعلق إلى اجتهاده فى الحروب ومصالح الدنيا ، قيل ومع أن الله سبحانه وتعالى قد قال له { فأذن لمن شئت منهم } قلت بل قال هذا فى المؤمنين ، وآية هذه السورة فى المنافقين . { حتَّى يتبيَّنَ } متعلق بمحذوف ، أى هلا توقفت حتى يتبين ، ويجوز أن يكون المراد الزجر عن معاودة مثل ذلك فيقدر لا تأذن لهم { لَكَ الَّذينَ صدقُوا } فى اعتذار { وتَعْلم الكَاذِبينَ } فيه ، والفريقان منافقون ، وقيل مختلطون ، والصادقون مؤمنون وهو ضعيف ، بل يجوز ألا يكون فيهم صادق فى اعتذاره أصلا ، ولكن أتى الله بذلك الكلام تتميما للعتاب ، كأنه قال لم أذنت لهم قبل تبين الصادق لو كان فيهم والكاذب ، وقيل الذين صدقوا فى أنهم لو لم تأذن لهم لخرجوا معك ، والكاذبين لأنهم لا يعرجون ولو لم تأذن لهم ، وفى كتاب الناسخ والمنسوخ إن قوله سبحانه وتعالى { عفا الله عنك لم أذنت لهم } منسوخ بقوله { فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم } بل قيل إن الآيات الثلاث إلى { يترددون } منسوخات به ، وهو إلى ما يتأتى على قول قتادة أن آية النور نزلت بعد هذه ، ورد بأن آية النور نزلت سنة أربع من الهجرة فى غزوة الخندق ، فى استئذان بعض المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل هو عمر .