Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 47-47)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَوْ خَرجُوا فِيكُم } فى جملتكم أو معكم حال من الواو { ما زادُوكُم إلاَّ خَبالاً } أى فسادا وشراكا إيقاع الجبن ، وتهويل الأمر ، وأصل الخبال مرض يؤثر فى العقل كالجنون ، والاستثناء متصل ، أى ما زادوكم شيئا إلا الخبال ، والخبال من جنس الشىء لا منفصل ، لأن الاستثناء المنفصل لا يكون مفرغا كذا حفظنا فى كتب النحو وهو الصحيح ، ثم رأيت القاضى ذكره أخذا من كلام جار الله . وقال بعض إنه منفصل أى ما زادكم خيرا أو قوة ولا شدة ، لكن خبالا ، وذكر بعضهم أن فى تلك الغزوة منافقين كثيرين ، ولهم خبال ، ولو خرج الباقون ازدادوا خبالا ، والاستثناء أيضا متصل ، لأن الشىء المقدر على أنه لا منافق فيهم فى تلك الغزوة كالمقدر ، على أن فيهم منافقين عام اللغط ، وقرأ ابن أبى عبلة ما زادكم بإسقاط الواو وفتح الدال ، أى ما زادكم خروجهم . { ولأوْضَعُوا } أسرعوا ركائبهم بالنميمة والهزيمة ، والأحاديث الكاذبة ، وحذف المفعول لأن الغرض الإخبار بإيقاع نحو النميمة بسرعة ، لا كونها بركائب ، واللام هى الواقعة فى جواب لو ، وإنما وقعت هنا لأنه معطوف على جوابها ، ولم يقرن جوابها لأن الأفصح أن لا يقرن بها إذا تصدر بما النافية ، ويوجد فى المصاحف لا أوضعوا بزيادة ألف مع اللام قبل الهمزة ، ووجهها أن الفتحة كانت قبل الخط العربى تكتب ألفا ، والخط العربى اخترع قريبا من نزول القرآن ، وقد بقى من ذلك الألف أثر فى الطباع ، فكتبوا صورة الهمزة ألفا وفتحها ألفا أخرى ونحوه أو لأذبحنه . قال جار الله قلت لا نسلم أنه مخترع قريبا من نزول القرآن قبل ذلك ، لخشونة هجاء الأولين ، قال الزجاج إنما وقعوا فى ذلك ، لأن الفتحة بالعبرانية ، وكثير أمر الألسن تكتب ألفا ، ويمكن أن يمطل حركة اللام فتحدث ألف . قال أبو بكر بن عبد الغنى المشتهر باللبيب فى شرح عقيدة الشاطبية ، قال أبو داود رسموا " لا إلى الله تحشرون " فى آل عمران ، " ولا إلى الجحيم فى الصافات " " ولا أوضعوا " فى التوبة ، " ولا أذبحنه " فى النمل بالألف إلا عطاء بن يسار فإنه لم يكتب الألف فى التوبة ، فعلى قول أصحاب المصاحف أن المزيد هو المنفصل عن اللام ، والهمزة هى المتصلة باللام ، فقيل هى صورة لفتحة الهمزة من حيث إن الفتحة مأخوذة منها وإن الإعراب قد يكون بهما ، وقيل إنها نفس الحركة لا صورة لها ، ولم تكن العرب تشكل ولا تنقط ، وكانوا يصورون الفتحة ألفا ، والكسرة ياء ، والضمة واوا إذا أرادوا البيان ، ويفرقون بزيادة حروف كواو عمرو جرا ورفعا ، فارقة بينه وبين عمرو ، واو أولى الفارقة بينه وبين ألى ، وياء أيدى الفارقة بين القوة وأيدى الأبدان ، والألف فى مائة فرقا بينها وبين مئة ، وبقيت أشياء لم تغير عن تلك القاعدة . وقيل الألف دليل على إشباع فتحة الهمزة وتعطيلها فى اللفظ لخفاء الهمزة ، وبعد مخرجها فرقا بين ما يحقق من الحركات وما يختلس ، وليس ذلك مولدا للحرف ، بل إتمام صورة الحركة ، وقيل الألف تقوية للهمزة وبيان لها لخفائها ، والحرف الذى تقوى به قد يتقدم وقد يتأخر ، وعلى قول الفراء ، وأحمد بن يحيى وغيرهما من النحاة أن الزائد المتصلة باللام ، والمنفصل همزة فزيادتها دلالة على إشباع فتحة اللام أعنى تخفيفها ، وتقوية للهمزة وتأكيد لبيانها ، وخصت الألف لأن الهمزة المبدوء بها تصور ألفا بأى حركة ، وبعد أى حركة وقعت . انتهى بتصرف . { خِلاَلكُم } ظرف مكان ، أى بينكم ، وقال الزجاج معناه فيما يخل بينكم ، ولا يصح هذا فى { فجاسوا خلال الديار } ولكنه فسر الواقع ، وقرأ مجاهد ولأوفضوا أى أسرعوا رواه النقاش ، وحكى عن الزبير أنه قرأ ولأوقصوا يقال أوقص البعير أسرع فى مشيه . { يبْغُونكُم الفِتْنةَ } مفعول ثان ليبغى لتضمين معنى ما يتعدى لاثنين ، أى يلبسونكم الفتنة من ألبسه ثوبا إلباسا ، أى يجعلونكم لابسين ، أو بدل اشتمال من الكاف ، والرابط أل عوضا عن الضمير ، أو الضمير محذوف أى الفتنة لكم أو بينكم أو فيكم ، والفتنة إيقاع الخلاف فيما بين المسلمين وفساد نياتهم فى غزوهم ، والرعب فى قلوبهم ، يقولون لقد جمعوا كذا وكذا وكذا ، ويستهزئون ، وطلب العيب والشر وقيل يبغونكم ظهور الشرك ، والشرك فتنة ، والجملة حال من واو أوضعوا . { وفَيكُم سمَّاعُون لَهم } أى ضعفة يسمعون للمشركين ويطيعونهم ، وقال الجمهور للمنافقين أو فريق يسمعون كلامكم لهم ، أى يسمعون لينفوه إليهم ، وهؤلاء منافقون ، ومعنى كونهم فى المسلمين كونهم مختلطين بهم ، وقيل مؤمنون ضعف إيمانهم ينقادون للرؤساء المشركين أو لأقاربهم ذوى القوة من المشركين ، وقيل الهاء للمنافقين ، والسماعون مؤمنون ضعف إيمانهم ، كذلك والقول بأنهم يسمعون الكلام لينقلوه رجحه الطبرى ، وقال النقاش يضعفه بناء المبالغة . { واللهُ عَليمٌ بالظَّالمينَ } تهديد للسماعين بأنه يعلم ضمائرهم فيجازيهم عليها ، وفيه تلويح بأنكم لا تعلمونهم ، وقيل الظالمون المشركون ، إن قلت إذا كان عدم خروجهم مصلحة للمؤمنين ، وخروجهم مفسدة ، فلم عاتب الله سبحانه نبيه فى الإذن لهم فى القعود ؟ قلت عاتبه لأنه أذن لهم قبل أن يتبين صادقهم من كاذبهم ، ولم يأذن لهم نظرا للمصلحة ، لأنه لم يعلمها حينئذ ، أو لأنه أذن لهم قبل أن يوحى إليه فى أمرهم بالقعود ، ولأنه لو قعدوا بغير إذنه كان ذلك أقطع لعذرهم ، ولا يقال كيف ألهم الله المنافقين عدم الخروج وهو قبيح ، لأنا نقول كما مر ، إنه يلقيه فى قلوبهم إلقاء مرتبا على أعمالهم لا جبرا ، وفيه مصلحة حسنة ، وهى ارتياح المؤمنين من خيالهم والإيضاح بينهم .