Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 69-69)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كالَّذينَ مِن قَبْلكُم } خبر لمحذوف أى أنتم مثل الذين ، أو ثابتون كالذين ، أو مفعول لمحذوف أى فعلهم مثل ما فعل الذين ، أو نعت لمفعول محذوف ، أى فعلا ثابتا كفعل الذين ، أو متعلق بوعد أو مفعول مطلق له ، أى وعدا ثابتا كوعد الذين ، أو وعدا مثل وعد الذين ، وفى الثلاثة ضعف والخطاب للمنافقين على طريق الالتفات ، أو على تقدير القول ، أى قل لهم أنتم كالذين من قبلكم ، وقيل الخطاب لهم وللمشركين . { كانُوا أشدَّ منكُم قوةً وأكْثَر أموالاً وأولاداً } قيل بيان للتشبيه ، والواضح أن التشبيه فى الأمر بالمنكر وما بعده ، وعلى الأول فالمراد التشبيه فى جمع الدنيا ، والإعراض عن الآخرة ، فكان هذا بيانا له ، وعلى الثانى فالمراد بيان أن من قبلهم كانوا بهذه الصفة مدة ولم تدفع عنهم موتا ، بل ماتوا إلى عذاب مقيم فكذلك أنتم . { فاسْتَمتَعُوا } انتفعوا { بخَلاقِهِم } نصيبهم من ملاذ الدنيا ، معرضين عن الآخرة ، وهو من الخلق بمعنى التقدير ، فهو ما قدر لصاحبه ، وقيل أصله من قولك فلان خليق بكذا { فاسْتَمتعتُم بخَلاقِكُم كما اسْتَمتعَ الَّذينَ مِنْ قَبْلكُم بخَلاقِهِم } أى اتبعتم آثارهم فى الاستماع ، وقد علمتم ما صاروا إليه من العاقبة ، فستصيرون إلى مثل ما صاروا إليه ، وفائدة قوله { كما استمتع الذين من قبلكم } مع غنى قوله { فاستمتعوا بخلاقهم } عنه ربط فعلهم بفعل من مضى قبله بالتشبيه ، ليترتب عليه ما ترتب على فعل هؤلاء الماضين ، هذا ما ظهر لى بفضل الله ، وقيل فائدة التمهيد لذنب المخاطبين بمشابهة هؤلاء كقولك أنت مثل فرعون ، كان يقتل بغير حق ، ويعذب بغير جرم ، فأنت تفعل مثل ما فعل ، قيل فالتكرير للتأكيد وتقبيح فعلهم وفعل من شابههم . { وخُضْتم كالَّذى خاضُوا } الذى اسم موصول واقع على الخوض ، والرابط ضمير محذوف يعرب مفعولان مطلقا أى كالخوض الذى خاضوه ، أى خوضا ثابتا كالخوض الذى خاضوه ، أو خوضا مثل الخوض الذى خاضوه ، أو الذى واقع على الفريق ونحوه ، أى كالفريق الذى خاضوا ، روعى لفظ المنعوت فى الذى ، ومعناه فى الصلة ، أو المراد بالذى الجنس لا ما قيل إن الأصل الذين فحذفت النون على لغة ، ولا كما قال الأخفش إن الذى موصول مشترك ، ولا كما قيل إن الذى موصول حرفى هنا ، أى وخضتم كخوضهم . { أولئكَ حَبِطَت أعْمالُهم فى الدُّنيا والآخِرة } بطلت ولم يكن لها ثواب ، والإشارة إلى الماضين الموصوفين بالشدة ، فأنتم كذلك تحبط أعمالكم ، أو إليهم وإلى المنافقين والمشركين المعاصرين لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل الخطاب فى استمتعتم وخضتم لمشركى قريش دون المنافقين ، والإشارة لكل مشرك ومنافق ، ومعنى حبطت أعمالهم أن أعمالهم باطلة ليست مما يعتد به ، ويثاب عليه ، لأنها معاص ، أو إنَّ ما عملوه من أعمال حسنة لا تنفعهم فى الدنيا بأن لا تقيهم من قتل وسبى ، ولا فى الآخر ، وهذا الوجه الثانى ، على أن الإشارة للمشركين انتهى . إن المنافقين أيضا لا ينتفعون بأعمالهم فى الدنيا لما يصيبهم من المقت والغمص عليهم { وأولئكَ هُم الخاسِرُونَ } دنيا وأخرى .