Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 75-75)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومنْهُم من عَاهَد اللهَ } أعطى له عهدا وهو بمنزلة حلف لله فقوله { لنصدقن } جوابه وجواب إن محذوف ، وهذه اللام للتأكيد والأولى تمهيد للجواب ، أو يقدر قسم مفسرا لهذا العهد واللام الأولى مؤذنة . { لئن آتانا مِنْ فَضْله لنصَّدقَنَّ } نخرج الصدقة الواجبة والنافلة ، ونصل الرحم ، ونعمل فيه بالبر ، وقيل أراد الصدقة الواجبة فقط { ولنَكوننَّ } وقرىء بإسكان النونين فى الموضعين ، وقرأ الأعمش بإسكانها فى الثانى فقط { مِنَ الصَّالحِينَ } فى سائر الأعمال ، وقيل فى حق المال فرضا ونفلا ، وعن ابن عباس أراد بالصلاح الحج ، ولعله أراد التمثيل لسائر أعمال الطاعة ، قالت فرقة كان ذلك العهد شيئا نووه فى قلوبهم ، لم يتكلموا به أو المشهور خلافه . عن ابن عباس نزلت فى ثعلبة بن حاطب الأنصارى ، أتى مجلسا للأنصار فقال لئن أتانا من فضله أخرجت الحقوق ، وتصدقت ، ووصلت ، فورث ابن عمه ولم يف بما وعد ، وقال الحسن ، ومجاهد فيه وفى معتب بن قشير ، وهما من بنى عمرو بن عوف ، نذرا لئن رزقنا لنصدق فرزقها وبخلا ، وقيل فى حاطب بن أبى بلتعة أبطأ ماله بالشام ، فحلف لئن تفضل الله به إليه ليصدقن ، ولما آتاه بخل . " والمشهور أنها فى ثعلبة ، وأنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ادع الله أن يوتينى مالا ، فقال صلى الله عليه وسلم " يا ثعلبة قليلا تؤدى شكره خيره من كثير لا تطيقه " ثم أتاه بعد ذلك فعاوده ذلك فقال صلى الله عليه وسلم " ويحك أما لك فى رسول الله أسوة حسنة ، والذى نفسى بيده لو أردت أن تسير معى الجبال ذهبا وفضة لسارت " ثم أتاه فعاود وحلف بالذى بعثه بالحق لئن رزقنى لأعطين كل ذى حق حقه ، فقال " اللهم ارزق ثعلبة مالا " فنمت كما ينمى الدود ، فضاقت المدينة بها ، فنزل واديا من أوديتها ، وكان ما يصلى مع رسول الله إلا الظهر والعصر ، ثم ضاق الوادى فتباعد حتى لا يشهد إلا الجمعة ، ثم تباعد لفرط نموّها حتى لا يشهدها ، وكان يخرج يوم الجمعة يتلقى الأخبار . وذكره يوما صلى الله عليه وسلم قال " ما فعل ثعلبة ؟ " فقيل له إن له غنما لا يسعها واد ، فقال صلى الله عليه وسلم " يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة " فنزلت آية الصدقة ، فبعث رجلا من سليم ورجلان من جهينة ، وكتب لهما أسنان الصدقة ، وكيف يأخذان ، وأمرهما أن يمرا على ثعلبة ورجل من بنى سليم ، فيأخذا صدقاتهما ، فسألا ثعلبة الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انطلقا حتى تفرغا ، ثم عودا إلىَّ وسمع بهم السليمى فاستقبلهما بخيار إبله ، فقالا أما هذا عليك فقال طابت بذلك نفسى ، ولما فرغا عادا إلى ثعلبة فقال أرونى كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ، ما هذه إلا أخت الجزية ، ارجعا حتى أرى رأيى ، ولما رآهما صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يتكلما " يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة " ثم دعا للسليمى بخير ، فأخبراه بما قال ثعلبة فنزلت الآية فيه ، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم قريب له ، فخرج إليه وقال له لقد أنزل الله فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة بصدقته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له " منعنى الله أن أقبلها منك " فجعل يحثو التراب على رأسه ، فقال له " هذا عملك قد أمرتك فلم تطعنى " فرجع فجاء فى خلافة أبى بكر فلم يقبلها ، ثم فى خلافة عمر فلم يقبلها ، ثم فى خلافة عثمان فلم يقبلها ، وفيها مات لم يقبلها الله مجازة على خلف الوعد ، وإهانة على قوله ما هذه إلا جزية ، ما هذه إلا أخت الجزية " . وليعتبر غيره فيعطيها بطيب نفس احتسابا للثواب وخوفا من العقاب .