Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 90-90)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وجَاءَ المعَذرونَ } هو اسم فاعل عذّر بتشديد الذال ، يقال عذر بالتشديد فى الأمر إذا إذا قصر فيه ، موهما أن له عذرا ولا عذر له ، وهم منافقون لم يسروا الشرك ، بدليل أنه قابلهم بقوله { وقَعد الذين كذبوا الله ورسوله } وهم المنافقون الذين أسروا الشرك ، فنفاق المعذرين بالكسل والكذب فى ادعاء العذر ، مع أنه لا لهم عذر ، أو اسم فاعل اعتذر ، فأصله المتعذرون أبدلت التاء ذالا وسكنت بنقل فتحتها للعين وأدغمت . ويجوز فى سائر الكلام فى مثل هذا كسر الفاء ، بأن يقال وقع التسكين بلا نقل ، فالتقى ساكنان وكسر الأول وهو الفاء وضمهما تبعا للميم ، كما فى اسم فاعل يهدى ويخصم بفتح الياء وتشديد ما قبل الآخر ، والمعنى جاء الذين اعتذروا ، وكونهم غير صادقين فى العذر مستفاد من خارج لا من الصبغة ، كما زعم بعض ، وقيل هم منافقون أسروا الشرك ، وإنما قابلهم بقوله { وقعد الذين كذبوا الله ورسوله } لأن هؤلاء القاعدين أظهروا شركهم بقعودهم بدون اعتذار ، بخلاف المعذرين ، أو كل منافقون ، وخصهم لأنهم لم يعتذروا ، وقيل المعذرون مؤمنون عذرهم صحيح ، فاعتذارهم الحق . ويجوز على هذا وجه آخر ، وهو أن يكون من اعتذر بمعنى بالغ فى طلب اجتهاده ، فهم بالغوا فى طلب الغزو معك ولم يقدروا ، وبكونهم مؤمنين ، قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهم ، وعليه قراءة الضحاك ، والأعرج ، وأبى صالح بإسكان العين ، ونسبت ليعفوا من قولك أعذر إذا جاء بعذر مقبول واجتهد فيه ، كقوله صلى الله عليه وسلم " لقد أعذر من أنذر " أى لا لوم على من أعذر ، أى جاء بعذر بين وهو الإنذار ، وقرأ مسلمة بتشديد العين والذال ، على أن الأصل المتعذرون ، أبدلت التاء عينا ، وأدغمت فى العين ، وهو لحن مردود عليه ليعد مخرج التاء من العين ، فلا تبدل وتدغم ، وقرأ سعيد بن جبير المتعذرون بتاء قبل العين وهو صحيح . { مِنَ الأعْرابِ } عرب البادية { ليؤذَنَ لَهم } فى القعود فأذن لهم ، وهم اثنان وثمانون رجلا من أسد وغطفان ، يعتلون بقلة المال ، وكثرة العيال ، وقال مجاهد ، وابن إسحاق من غفار منهم خفاف بن إيماء بن رخصة ، وهذا يقتضى أنهم مؤمنون ، ونص مجاهد أن الله لم يعذرهم ، وقال الضحاك " من رهط عامر بن الطفيل ، قالوا إن غزونا معك أغارت أعراب طيىء على أهلينا أو مواشينا ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيغنينى الله عنكم " . { وقَعَد الَّذين كَذبُوا اللهَ ورسُولَه } أى لم يأتوها بصدق ما فى ألسنتهم من أنهم غير مشركين ، أو من أنهم آمنوا أو أخلصوا ، وليسوا بمخلصين إذ قعدوا بلا عذر ولا استئذان ، جرأة على الله ورسوله ، وعن أبى عمرو بن العلاء أنهم هم المعذرون ، وعليه فقعدوهم بعد اعتذار ، ويكون الذين حينئذ موضوعا موضع الضمير يشفع عليهم بما تضمنته الصلة من الكذب فى الاعتذار ، كذا ظهر لى فى توجيه قوله ، وقرأ أبىّ والحسن فى الرواية المشهورة عنه بتشديد الذال ، وهو أنسب بالإشراك . { سيُصيبُ الَّذينَ كَفرُوا منْهُم } من للبيان ، ويجوز أن تكون للتبعيض ، فيعتبر فى الكفر الإصرار عليه ، فيخرج البعض الذى لم يصر بأن تاب ، والكفر يعم النفاق والشرك ، ومن النفاق القعود عن الخروج لمجرد الكسل لا شكا ، والهاء للمعذرين ، أو للأعراب ، أو للقاعدين { عَذابٌ أليمٌ } فى الآخرة بالنار ، وبالقتل فى الدنيا أيضا لمن أشرك أو فعل موجب القتل ، وبالأسر لمن أشرك .